تشهد الأسواق الشعبية إقبالاً متزايداً من مختلف فئات المستهلكين ولم تعد مقصورة على فئات محدودي الدخل، وإنما امتدت لتشمل فئات أخرى، خاصة مع اتساع رقعة العروض المغرية على قائمة واسعة من المنتوجات المحددة أسعارها ب50 دج، هذه العروض التي أصبحت تقليدا يوميا يستقطب اليه المستهلكين الذين يرون أن توسع العروض الترقوية بالأسواق يصب في مصلحتهم ويوفر الاحتياجات الخاصة بأسرهم لمواجهة أزمة الغلاء. أصبح البحث عن المنتجات الأقل سعراً من دون الاكتراث بجودتها، من ابتكارات المستهلكين الجديدة عبر رحلات من سوق إلى أخرى خصوصاً في ظل ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية، ما دفع بالكثير منهم الى البحث عن بدائل. ولعل أهم تلك البدائل ما يعرض بالأسواق الشعبية من سلع كثيرة لا تحصى على طاولات عشوائية وقد حدد سعر كل وحدة ب50 دينارا وسط إقبال منقطع النظير حول تلك المنتوجات التي ''يبرح'' بها بائعوها بجمل أضحى رواد تلك الأسواق يحفظونها عن ظهر قلب إذ تسمعهم وهم يرددون ''يا الله يا مْرا كلش بخمس آلاف''، أو ''عمري دارك بخمسة آلاف''. من جملة ما يعرض مختلف الأواني المنزلية بما فيها بلاستيكية الصنع وحتى المعدنية التي يصيبها الصدأ بمجرد وضعها بالماء في أول غسلة، إضافة لكثير من ألعاب الأطفال البلاستيكية،حتى أدوات مدرسية ومسّاكات شعر للبنوتات وكذا مسّاكات لخمارات النساء وأنواع مواد التنظيف.
منافسة قوية لاستقطاب الزبائن وتشهد الأسواق الشعبية عادة منافسة قوية لاستقطاب الزبائن والمستهلكين في الكثير من المواسم كالعودة إلى المدارس والأعياد إضافة لدخول الشتاء أو الصيف، والملاحظ ان الغلبة هنا لا تكون لطرف دون الآخر حتى وان كانت الجودة دون المستوى، بحيث تشهد طاولات ''كلش بخمسة آلاف'' إقبالا كبيرا ليس في المواسم فقط بل على مدار السنة. هذا ما يؤكده أحد البائعين الشباب بإحدى أسواق مدينة الرغاية الموازية شرقي العاصمة؛ والذي يؤكد أن الزبائن يتهافتون على طاولات بيع سلع 50 دينارا التي تعرض سلعا كثيرة ومنها أدوات القرطاسية كالدفاتر والأقلام والأواني المنزلية وسلعا ديكورية ومنظفات ومواد تجميل وغيرها بأسعار زهيدة، ونفى أن تكون المنتوجات المعروضة مضرة بصحة المستهلكين، وأوضح أن معظم السلع المعروضة للبيع ب50 دينارا يتم استيرادها بكميات كبيرة وبسعر منخفض من دول الصين والهند وتايلاند، ملمحاً إلى ان كثرة المستوردين إضافة الى تدني أسعار تلك السلع في بلد منشأها عوامل تساهم في بيع تلك المنتوجات بأسعار متدنية تصل أحيانا الى 30 دينارا وهذا في مصالح المستهلك، يقول التاجر الشاب. في المقابل يرى بعض المستهلكين أن الغلاء الذي طال أسعار منتوجات أساسية الى جانب محدودية دخل الأسر الجزائرية، أسباب تدفع بهم الى البحث عن الأفضل سعرا وليس الأفضل جودة، في المقابل يعتقد آخرون أهمية شراء منتجات ذات جودة عالية حتى لو كان سعرها مرتفعا لأن كل ما يتعلق بالصحة يعتبر أكثر أهمية من ارتفاع السعر.إذ تقول أم لقمان وهي ربة منزل، ان توجه ربة الأسرة الى اقتناء السلع الرخيصة ليس خطأ بل محاولة منها للتوفير في الميزانية المحدودة، وتشير الى أنها تتوجه الى السوق الشعبي مرة أسبوعيا لشراء مستلزمات المنزل من الخضروات والفواكه، كما أنها تقتني سلعا كثيرة من طاولات ''كل شيء بخمسة آلاف'' كما يطلق عليها معلقة تقول ''عمّر دارك يا قليل''، أي اشتري براحة في السعر يا محدود الدخل، وبذلك فهي توفر نصف الميزانية المحددة في حالة شرائها لتلك الاحتياجات في محاولة منها لشراء الأقل سعراً حتى لو كان على حساب الجودة. فيما تعلق ربة منزل أخرى لما سألناها رأيها في الموضوع بقولها ''يا حصراه معظم مقتنياتي من تلك الطاولات.. أجد راحة في ميزانيتي فالأسعار المعروضة معقولة جدا، وكما تعلمون فإن ''الكوزينة'' تحتاج الى منظفات بصفة يومية إضافة الى بعض الأدوات المنزلية مثل المبشرة والملاعق الخاصة بالقلي ومهراس الثوم وغيرها وهي أدوات ذات عمر محدود لذلك يتم استبدالها بين الفينة والأخرى ولذلك فإننا نجد ضالتنا في طاولات ''كل شيء بخمسة آلاف'' التي تجمع بين التنوع والسعر المتدني''. وقال مواطن إن تلك المعروضات بأسعار تتراوح ما بين 20 و60 دينار في بعض الأسواق الشعبية تحل مشكلات كثير من الأسر، وتوفر السلع بأسعار منخفضة، موضحاً أنه يشتري احتياجات أسرته من تلك المعروضات في ظل عدم القدرة على الشراء من المحلات التجارية التي تبيع بأسعار مرتفعة للغاية. وأشار الى انه لا يخشى من شائعات إضرار تلك المنتوجات على الصحة واعتبرها مجرد إشاعات غرضها ضرب التجار بعضهم ببعض على حد قوله. بالمقابل أجمعت بعض الآراء على ضرورة تفادي تلك السلع الرخيصة مهما كانت أسعارها مغرية بسبب احتمال خطورتها على الصحة لكونها مصنوعة من مواد مكررة مثل نفايات الحديد والبلاستيك على حد قول أستاذة حدثتنا في الموضوع، مضيفة أن ما يصلح من تلك المنتوجات المعروضة ب50 دينارا فقط للجانب الجمالي للمنزل أو المطبخ على وجه التحديد فمن بين المعروضات قطع صغيرة تصلح للديكور لا غير.وبالرغم من إدراك المستهلك بالنتائج السلبية لهذه السلع بسبب قصر عمرها إلا أن التهافت الكبير يعكس حقيقة المكانة التي أوجدتها تلك السلع لنفسها في الثقافة الاستهلاكية بمجتمعنا.