لا أدري في أية خانة تصب ”المبادرة” مثلما أسماها صاحبها المدعو عبد الفتاح زيراوي حمداش، الذي قال إنه قدم ملف اعتماد حزب سلفي إلى وزارة الداخلية.. هل تصب في خانة خلط أوراق الساحة السياسية قبل الرئاسيات، والتي يبدو أن هناك من يريد أن يلوح بورقة الشباب السلفي والتهديد بها للتأثير على خيارات دوائر السلطة في حال وصل الصراع على خليفة بوتفليقة إلى طريق مسدود؟! خاصة وأن الكثير من زعماء التيار تم تقربهم من زعيم الأفالان، الذي يحاول أن يجد له سندا في بقايا الحزب المحل للوصول إلى الرئاسة، وهو الطموح الذي لم يعد يخفى على أحد. أم أن صاحب ”المبادرة” الذي قال إنه ذهب لطلب العلم في السعودية - حتى لا يقول إنه ذهب لطلب نصيبه من المال مقابل إحياء التيار السلفي الوهابي في الجزائر - يريد أن يبرر لأسياده ولمن استثمروا فيه أنه رجل المرحلة، ويمكن أن يعول عليه للعب دور في الجزائر، بعدما استحال على شخصية مثل علي بلحاج وزعماء آخرين للحزب المحل اللعب بمستقبل الجزائر، في هذه المرحلة التي شهد فيها العالم لعربي انتعاش التيار الإسلامي بشقيه الإخواني والسلفي؟! أم أنه ينطبق عليه مثل الجنرال الفيتنامي جياب ”الإمبريالية تلميذ غبي”.. فهل التيار الإسلاموي في الجزائر تلميذ غبي أيضا، ولم يع درس تسعينيات القرن الماضي، عندما اقتلعت أنياب نمور التيار وضرب بيد من حديد؟! فهل سينجح حمداش حيث فشل علي بلحاج، وحيث يئس عباسي مدني، وحيث قصبت أجنحة أبو جرة سلطاني، وبعثرت الرياح أوراق طمع جاب الله وكشفته الانتخابات الأخيرة أنه مجرد تاجر وباحث عن الكسب السريع، مثله مثل أي تاجر آخر في السوق السوداء؟! فماذا سيجني الرجل في ساحة سياسية مشتتة، خاصة وأن الشارع الجزائري لم يعد يثق في الأحزاب، سواء كانت إسلامية أو تحت أي مسمى آخر، وبعد أن ذاق الشعب الجزائري على يد السلفيين ما ذاق من أهوال.. وبعد الصور التي تنقلها إلينا يوميا الفضائيات حول فظائع هذا التيار في بلدان ما سمي بالربيع العربي؟! فجزائر اليوم ليست جزائر 92 عندما ضحك شيوخ هذا التيار على الشباب الجزائري مستغلين ظروفه الاقتصادية والاجتماعية، وساقوه إلى الهلاك، وشردوه في الأدغال والجبال وعرضوه للموت من أجل مشروع لم يفهموا أبعاده إلا بعد فوات الأوان. كيف للشباب الجزائري الذي يطمح إلى تحقيق أمانيه المشروعة أن يموت من أجل طموح هذا الحمادوش، مثلما مات نجل بلحاج في جبال القبائل، في الوقت الذي ينعم فيه أبناء عباسي مدني بأموال الفيس ويقيمون الأعراس في أفخم فنادق الخليج؟! أم أن الرجل يريد أن يجرب حظه ويصنع لنفسه اسما وشهرة مثل تلك التي ينعم بها عباسي مدني، لتكون له جواز سفر في بلدان الخليج، وتفتح أمامه كنوز علي بابا قطر؟