تعيش عدة قطاعات في الوظيف العمومي احتجاجات عارمة منذ بداية جانفي الجاري، مسّت مجالات التربية، البريد، الصحة والتكوين المهني، والتي قد يتم تصعيدها أكثر خلال الأيام القليلة المقبلة، وفق التهديدات الصادرة عن نقابات العمال، والتي من المرتقب أن تشلّ من خلالها المدارس والمستشفيات، وحتى قطاع العدالة والدفاع وقطاعات حاساسة أخرى بسبب ”الانسداد” بين الشركاء الاجتماعيين ومسؤولي القطاعات المحتجة المتهمين ب”التماطل” في تلبية المطالب والانشغالات العالقة، في ظل ”تزايد التجاوزات الاستبدادية الممارسة ضد الموظفين وتقييد الحرية النقابية”. تشهد سنة 2013 ومنذ بدايتها موجة احتجاجات في عدة قطاعات حساسة تنبئ بأن تكون هذه السنة ساخنة جدا، بعد أن أجمعت النقابات الناشطة وفي مختلف القطاعات على عدم منح حكومة سلال المزيد من الوقت لتنفيذ انشغالات الموظفين العالقة والمتوارثة من 2012 وحتى لسنوات سابقة، فرغم تبديل رئيس الجمهورية وزراء عدة، وتغييرهم بآخرين نتيجة فشلهم في إعادة الاستقرار إلى قطاعاتهم على غرار ما عرف في التربية والصحة، إلا أن الأوجه الجديدة وبعد أكثر من أربعة أشهر على تنصيبهم لم يتخذوا أي إجراءات ملموسة لتجنب عودة الإضرابات والاحتجاجات. وتعرف الساحة النقابية بالجزائر مؤخرا نشاطا غير عادي، من خلال اجتماعات وندوات جهوية ووطنية مع العمال تحضيرا لإضرابات واحتجاجات مرتقبة، رغم أن قطاعات استهلتها في أول أسبوع من السنة الجارية، على غرار البريد والصحة وبعض أسلاك التربية من فئات المديرين والمفتشين، وان كانت طريقة الاحتجاج تختلف ، إلا أن الهدف واحد هو تحسين الظروف المهنية والاجتماعية والزيادات في الأجور والترقيات والإدماج. وتكشف رزنامة الاحتجاجات المرتقبة لشهر جانفي الحالي العشرات من الإضرابات التي ستعصف بقطاعات حساسة أخرى، يستهلها قطاع التربية الذي هو على موعد مع شل المدارس بداية من منتصف الشهر الجاري، في إضراب دعت إليه ”الكناباسات”، وهو السيناريو ذاته الذي سيطال الصحة من خلال إضرابات دعت إليها فدرالية القطاع التابعة ل”السناباب”، في انتظار تحركات فدرالية نقابات الوظيف العمومي التي تحضر لاحتجاجات موحدة في الصحة، التربية والتعليم العالي بعد اتخاذ كل الإجراءات القانونية للتكتل الجديد. وتستمر نقابة عمال التكوين المهني في الضغط لوحدها على المسؤول الأول للقطاع من خلال الاعتصامات التي ينتظر أن تجدد في 28 من الشهر الجاري، والتي توعدته فيها النقابة بان يكون الاحتجاج الأقوي بسبب غلق الوزير أبواب الحوار، وهي السياسة نفسها المنتهجة من قبل وزير العدل المتهم بغلق الحوار مع الفدرالية الوطنية لقطاع العدالة التي أعلنت بدورها على قرار العودة للإضرابات قريبا لشل المحاكم والمجالس القضائية. ومن جهتها، تستعد الفدرالية الوطنية لقطاع التعليم العالي المنضوية تحت لواء ”السناباب” للعودة إلى الإضراب وشل الإقامات الجامعية ومختلف إدارات الجامعات بسبب تنصل الوزارة الوصية - حسبها - من رفع أجورهم، وهو التهديد الذي صدر كذلك عن فدراليات قطاع البلديات التي لم تتمكن من إقناع وزارة الداخلية بفتح أبواب الحوار منذ أكثر من سنتين من الاحتجاجات. وستجتاح موجة الاحتجاجات حتى السلك العسكري بعد إعلان قرار 124 عسكري من المشطوبين من الجيش الوطني الشعبي لعجز طبي الدخول في إضراب عن الطعام عن الطعام ابتداء من تاريخ 14 جانفي 2013، أمام المجلس الشعبي الوطني، بعد أن أغلقت في وجههم كل الأبواب، لتحقيق مطالبهم الخاص بإدماجهم في قانون المعاشات، وذلك في الوقت الذي أقرت الوزارة إجراءات لصالح العسكريين والذي سيمسهم، غير أن المحتجين تخوفوا من أن تكون مجرد وعود، فيما يصر أعوان الحرس البلدي على الاحتجاج والعودة إلى المسيرات بداية منتصف الشهر الجاري من أجل تحقيق مطالبهم التي تتصدرها التعويضات والمنح.