تربط مراكز دراسات بحثية متخصصة بين صعود الحركات الإسلامية إلى سدة الحكم في بلدان شمال إفريقيا بعد الانتفاضات الشعبية الأخيرة، و”دورها المباشر” في ما وقع من اعتداءات إرهابية في الجزائر وليبيا والذي تتواصل حلقاته في مالي. ووفر صعود الحركات الإسلامية في بلدان شمال إفريقيا ”بيئة خصبة” ل ”الجهاديين” بعد إطلاق سراح المتشددين من السجون المصرية، وعودة السلفية الجهادية إلى تونس، إلى جانب مسلحين ليبيين يحملون أسلحة متطورة نهبت من مخابئ بدون حراسة منذ سقوط معمر القذافي، وهذا حسبما أكده معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، مذكرا بوجود ”بصمة” واضحة في اعتداء تيغنتورين في منفذي الاعتداء الإرهابي المنحدرون من جنسيات تونسية ومصرية ومن النيجر ومالي وليبيا، وفي هذا السياق، ساعدت التحولات في مصر، ليبيا وتونس أيضا على عودة المتشددين إلى الشارع مما أدى إلى ضعف الحكومات. ويقول آرون زيلين الخبير في الحركات الجهادية من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ”لقد ساعد توفير مساحة أكبر للسلفيين في تلك الدول على بروز الجهاديين، وما إلى ذلك، للجهر علنا بمواقفهم ولتحريض الأفراد على الجهاد”. كما تبين ذلك مباشرة قبيل صعود حكومات إسلامية في البلدان الثلاث بإطلاق العشرات إن لم يكن مئات من المتشددين الإسلاميين السابقين، وكثير منهم قد حوكموا ظلما أو تم تعذيبهم في السجون. في وقت أحيى ذلك الشبكات الإسلامية القديمة، وإنشاء قواعد في مناطق تفتقر للقانون في شبه جزيرة سيناء في مصر وليبيا ومالي، للتدريب على الأسلحة والتخطيط للعمليات الإرهابية. من جانبه يقول باراك بارفي من مؤسسة ”نيو أمريكا” البحثية، إن ”الجهاديين يحاولون إعادة تنظيم الخلايا المكونة لها”، وقد تسبب تبدل الحكومات خلال السنتين الماضيتين في ضعف التنسيق بين وكالات الاستخبارات الإقليمية يعني أنهم لم يعد يتم رصد وتبادل المعلومات كما كان من قبل، ويضيف ”المتشددون لديهم مجموعة كاملة من الأماكن التي يمكن أن تعمل الآن في سيناء، أو أنها يمكن أن تنجرف نحو غرب ليبيا وتونسوالجزائر”. ولم يغفل الباحث ذكر تفاصيل المصريين الذين شاركوا في اعتداء تيغنتورين قبل أسبوعين والتي وصفها ب”النادرة”، بما في ذلك متى كانت تستند في الجهاد إلى مالي أو ضواحيها في إطار منظمة أنشأها زعيم الاعتداء مختار بلمختار. في حين يعتقد الباحث الأمريكي زيلين أنه ”إن ثبت صحة التقارير التي تشير إلى أن شبكة الجهاد في مصر كانت على علاقة بالهجوم على البعثة الدبلوماسية الأمريكية في بنغازي، فإن مصر لم تفعل أي شيء حتى الآن للتأكيد أو نفى تلك المزاعم”، مشيرا إلى أن القاهرة فشلت في التحقيق في طبيعة العلاقة بين محمد الظواهري وشقيقه، حيث أن مثل تلك المعطيات قد تتسبب في تمهيد الطريق لفهم نوايا وتحولات الاتصال بين الجهاديين في مصر، ليضيف ربما لها علاقة بمنطقة الساحل.