هل سيصفق المرزوقي باب الرئاسة، وينسحب مثلما انسحب حزبه من الترويكا الحكومية؟ ويضع حدا لمسرحية العرائس التي يديرها الغنوشي من وراء الستار، مسترجعا شيئا من كرامته حماية للمبادئ التي ناضل من أجلها طوال سنوات وعانى من أجلها ويلات السجن والمنفى إلى أن أشرف على الجنون مثلما يتداول في الأوساط السياسية التونسية. يبدو أن السياسي الوحيد الذي يملك ذرة من الكرامة والمسؤولية حاليا في الحكومة هو حمادي الجبالي، الذي تحمل مسؤولياته كاملة في هذه الأزمة، بدعوته لحكومة تقنوقراط دون العودة إلى رئيس الجمهورية، ولا إلى البرلمان، ولا حتى إلى زعيم النهضة الغنوشي الذي أخرجت جريمة اغتيال السياسي والحقوقي شكري بلعيد الخلاف بينهما إلى العلن. وليّ الذراع الآن بين جناحي النهضة على أشده بين جبالي الذي يريد أن يجنب تونس مصير الجزائر، ويحمي نخبتها وشعبها من مخطط التصفية الذي يشرف عليه الغنوشي بدعم من قطر. قطر التي تريد أن تجعل من تونس محطتها في شمال إفريقيا، ومنها تحرك مشروع التشويش على المنطقة، وعلى الجزائر خاصة بعدما استعصى عليها تنفيذ ربيعها الأمريكي هنا، وفشلت في إيجاد عملاء لها تحركهم لتخريب الدولة ومنشآتها ولتفتيتها مثلما تحاول تطبيقه الآن في سوريا، ومثلما سبق وطبقته في العراق وفي مصر، حيث قال سفيرها في بريطانيا مؤخرا، في حديث له مع شخصيات في بريطانيا، إن هدف بلاده هو كسر شوكة مصر وباقي الجمهوريات العربية، لإعطاء دور إقليمي لمشايخ الخليج التي لم تتمكن من أخذ مكانها، في ظل الأدوار التي تقوم بها مصر والجمهوريات الأخرى. الغنوشي الذي قال أمس لصحيفة الخبرالجزائرية إن شكري بلعيد ليس البوعزيزي، وإنه ليس بن علي، يقف اليوم حجر عثرة في طريق الحل العقلاني الذي يقدمه حمادي الجبالي، ما يؤكد أنه ينوي إغراق البلاد في الفوضى، لينفرد بالحكم، ولا ينظم الانتخابات، مستمرا بدعوى حماية الشرعية، مع أن الشرعية التي أعطتها إياه الانتخابات، مر أجلها، ولم تعد هناك شرعية للبرلمان ولا للحكومة المؤقتة، بعد مرور السنة التي حددتها سابقا الحكومة لوضع دستور، وتنظيم انتخابات مجلس شعبي خلفا للمجلس التأسيسي، وانتخابات رئاسية. فالمؤقت في تونس صار دائما. والغنوشي الذي فشل في حشد الشارع أمس، في مظاهرة استعراض العضلات ردا على جنازة الشهيد، لا يريد التسليم في الحكم لأنه يدرك أنه في حال إجراء انتخابات اليوم، وبسبب فشل حركته والخلافات بداخلها، ستخسر الانتخابات، بل إنها خاسرة في كل الحالات إذا ما طردت من الحكومة، أو إذا ما استقال الجبالي، مثلما لوح بذلك في حال منعه من تشكيل حكومة التقنوقراط التي أعلن عنها. ولأعود إلى كلام الغنوشي، نعم شكري بلعيد ليس البوعزيزي، فشكري بلعيد رحمه الله حامل لمشروع تنويري، كشف عورتك ونفاق خدام الشياطين الذين يزودونك بالمال والفتوى، أما البوعزيزي فهو مجرد مسكين سدت في وجهه أبواب الدنيا، فألقى بنفسه إلى التهلكة وجئت أنت وأمثالك على جثته إلى الكرسي باسم الثورة المزعومة. نعم شكري بلعيد ليس البوعزيزي، لأنه تحول إلى رمز لثورة حقيقية، له أقواله ومواقفه التي تخلده. أما أنت حقا لست بن علي، لأن بن علي على مساوئه وطمعه لم يبع وطنه لقطر، ولم ينشر الميليشيات في تونس لقتل نخبتها، فهو في أحسن الأحوال سجنهم، أما أنت فكفّرتهم وأهدرت دماءهم. أما أوجه التشابه بينك وبينه فكثيرة، ويكفي أنك بدأت تضع المناصب ومؤسسات الجمهورية بين يدي أصهارك وأقاربك. والتونسي الذي خدع بكلامك باسم الدين اكتشف هذا، فقررت مكافأته بالخراب والترهيب.