الزلابية بين الحلال والحرام موضوع لخطبة إحدى المساجد تسرب الناس من صلاة الجمعة يعود إلى تكاسل الناس عن الصلاة سرت وقت صلاة الجمعة في الشارع؛ فلم أجد توقفا عن مظاهر الحياة الطبيعية فيما يتعلق بالبيع والشراء وحركة المرور والجلوس على المقاهي؛ بل العجيب أنك تجد أناسا كثيرين منشغلين عن الصلاة بقضاء حوائجهم وقت الخطبة، وقد ينام البعض ويفيق من سباته على صوت خطباء المساجد المجاورة لبيته، ويهم بكسل للحاق بآخر ركعة حتى يوهم نفسه أنه قد أدى الواجب، تخديرا لوجع الضمير.. ولكن يا ترى لماذا لا تمثل الخطبة أهمية في حياة البعض؟ وما رأي الشرع في ذلك؟. اختلاف الناس حول خطبة الجمعة أمر مثير للجدل، وهو يوضح لنا شرائح من المجتمع نقف معا على صورة صادقة لحال المتسربين من خطبة الجمعة والأسباب التي تدفعهم إلى ذلك. ف”ن. محمد”، نجار، يسعى للاستفادة من خطبة الجمعة بأي شكل مهما كانت الخطبة رديئة، إلا أنه يبحث دائما عن النور حتى داخل الظلام، فهو يستنكر أن يكون تأخر يوما عن صلاة الجمعة بسبب عدم جدية الخطيب وتناوله لقضايا غير هامة بالنسبة له؛ فيقول: الذي يحضر صلاة الجمعة وغير منتظم في سماع الخطبة فهو من الأساس غير منتظم في الصلاة، وهؤلاء تجدهم يتعللون بأسباب فارغة لعدم الانتظام في الصلاة، ولكن على كل حال عندما أملُّ من مستوى خطيب ما ألجأ فورا لمسجد آخر يحببني خطيبه في كلام الله، وحتى لو كان الخطيب لا يعرف كيف يوعظ الناس فقد أخرج منه بأي منفعة، ولو كانت حديثا أو آية؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: “بلغوا عنى ولو آية”. حكايات غريبة ومن الذي يواظبون على خطبة الجمعة (عاطف. م)، محاسب، لكنه يعترف لنا بأنه إن حضر خطبة الجمعة فإنه لا يستمع إليها؛ فإما أن يشرد بخياله، وإما أن يسبح الله، أو يصلي سنة؛ ليُعرض عن كلام الخطيب مطلقا. ورد عاطف موقفه لطبيعة الخطباء أنفسهم والموضوعات التي “يلقونها” في خطبة الجمعة التي أشار لبعضها: بغض النظر عن عدم نظافة فراش المساجد وقذارة دورات المياه، فإنني سألقي بالاتهام أولا وأخيرا على خطباء المساجد الذين تسببوا في تسرب الناس من صلاة الجمعة؛ بل وأصبحوا مثار سخرية لنا نحن معشر الرجال في جلساتنا الخاصة. وأضاف متسائلا - بعيدا عن درجة صحة كلامه أو خطئه -: لماذا يصبح موضوع “الزلابية بين الحلال والحرام” موضوعا لخطبة إحدى المساجد؟ فهل في ذلك ما فيه نفع للجزائريين في اجتماعهم بصلاة الجمعة؟. ومن اللافت للنظر أن نجد بعض الناس يدركون أهمية خطبة الجمعة، ومع هذا يتأخرون عنها؛ فيذكر لنا (م. عماد) أستاذ، قائلا: بالرغم من أن صلاة الجمعة هامة جدا والرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا بها لحل مشاكل المسلمين فإنني قد أتأخر عن الخطبة، وأذهب وقت الصلاة مباشرة أو في منتصف الخطبة؛ فلي تعليق على الخطباء وهو أن بعضهم لا يستخدم الأسلوب الصحيح في الدعوة؛ مثل التحدث بصوت عال جدا وكأنهم في مظاهرة وليست خطبة تدعو الناس بالحسنى، كما أمرنا بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم، والتحدث بلغة عربية بالغة الصعوبة قد يصعب فهم مفرداتها على رجل الشارع العادي؛ فلما الاستعراض في الخطاب الدعوي، والإطالة في الخطبة إلى ما قبل صلاة العصر بما يقرب من ساعة إلا ربع؟ الثقافة السطحية ولأحمد. ب، تاجر شاب، وجهة نظر مختلفة في أسلوب الخطباء المنفر للناس، فالخطبة من المفروض أن تركز على صلب الدين والفقه وأركان الإسلام الخمس، ثم المعاملات والمواريث؛ لتربط المسلم بالواقع الذي يعيش فيه.غير أن خطبة الجمعة لا يجوز تركها لأي سبب؛ لأنها فرض. رأي المشايخ وتعميقا لفهم هذا الحديث ومكانة الخطبة من صلاة الجمعة توجهنا بالسؤال للشيخ محمد شريف قاهر، عضو المجلس الإسلامي الأعلى ورئيس لجنة الفتوى بالمجلس، الذي أوضح أن للجمعة ركنين: الخطبة والصلاة؛ لما للجمعة من أهمية في الإسلام، وأنها تجمع الجزائريين أسبوعيا في شكل مؤثر مهيب. وأشار إلى أن الإسلام حث الناس على المسارعة لصلاة الجمعة، وكلما بكر الإنسان كان له ثواب أعظم. ولم يوافق الشيخ قاهر أولئك الذين يتعللون بأن الخطباء لا يأتون بكلام جديد، ولا يتناولون مشاكل الناس، وكلامهم كله مكرر؛ فهذا ليس سببا لامتناعهم عن الحضور للصلاة؛ فتكون صلاتهم مثل صلاة المنافقين الذين إذا قاموا للصلاة قاموا كسالى. أما الدكتور عماد بن عامر، نائب رئيس المجلس العلمي لولاية الجزائر وإمام الجامع الكبير بالعاصمة، فيرى أن تسرب الناس من صلاة الجمعة مشكلة ذات شقين: شق يعود إلى تكاسل الناس عن الصلاة؛ لأن الإنسان في الصلاة يذهب لأداء فريضة الله سبحانه وتعالى، وهو لن يعدم أن يجد معلومة نافعة له عند أقل الخطباء مستوى؛ فليضع المسلم في ذهنه أنه ذاهب إلى الله في بيته، أو أن يبحث عن مسجد يستريح فيه، والشق الآخر وهم الخطباء، وعليهم أن يكونوا أكثر واقعية، وأن يعيشوا حياة الناس، وأن يكون المنبر أداة إصلاح في المجتمع، لا مجرد كلمات يحفظها من كتاب، أويسمعها من شريط لأحد المشايخ؛ فيجب أن يراعي الخطباء حال الذين يكلمونهم، وأن يدركوا ظروف حياتهم، حتى تكون الخطبة معبرة بحق عن دينهم وعقيدتهم، وعن مشاكلهم في الحياة بكافة جوانبها، والنصح اللطيف، والحرص على تنمية مستوى الخطيب بإسداء كتاب له، يتحدث عن الخطابة، أو يحوي مجموعة للخطباء المشهورين بحسن الأداء حتى يكون نموذجا يحتذى، أو غير ذلك من الوسائل المعينة؛ فخير من النقد العون لمن كان حريصا على إحياء فريضة الجمعة بصورة مرضية.