يستطيع تفصيل صغير أو خطأ غير مقصود أن يخلق حالة من الذعر والفوضى في حفلات الأعراس، فأي حادث مهما كان حجمه من شأنه التأثير على السير الجيد لهذه المناسبات العائلية، وقلب الأمور بشكل يأخذ أبعادا خطيرة. رغم كون العرس وحفلة الزفاف من أهم الأحداث التي تمر بحياة الإنسان، والتي تبقى راسخة بذهنه بكل تفاصيلها، ولا يمكن لأي كان أن يغيب عن ذهنه حدث ما مهما كانت طبيعته، غير أن بعض الحوادث غير المتوقعة والسلبية كفيلة بقلب الموازين، وتحويل الأفراح إلى أحزان وذعر وفوضى كبيرين. مشاكل الكهرباء و الغاز.. تصنع الحدث اعتادت العائلات الجزائرية في تحضيرها للعرس على إقامة استعدادات خاصة، كتوسيع شبكة الكهرباء من أجل إضاءة الساحات المحيطة بالعرس أو الأسطح، لاسيما إذا أقيم العرس في البيت، فالنتيجة التي يحصل عليها صاحب العرس إذا قام بهذه العملية بمفرده أو بالاستعانة بأشخاص غير متخصصين في هذا المجال من أجل توفير بعض المال، قد تكون كارثية في أغلب الأحيان، وهو الأمر الذي تعرض له مصطفى، الذي لقي حتفه العام الماضي بعدما كان ضحية لعملية مد سلك التيار الكهربائي في عرس ابنة أخته، حيث كان بصدد إضاءة ساحة البيت بمصباح، وفي لمح البصر سقط أرضا وفارق الحياة مباشرة بعد تعرضه لشرارة كهربائية كبيرة، ليتحول العرس بعدها إلى مأتم حقيقي. حادثة أليمة أخرى في نفس الفترة أودت بحياة عروسين في عز شبابهما في ليلة عمرهما، وذلك بسبب اختناقهما بالغاز، بعدما أغفل الأهل إغلاق المدفئة بسبب انشغالهم بآخر التحضيرات. التسممات الغذائية واردة كثيرا ما تنتهي الأعراس بحالات تسمم جماعي بسبب المأكولات المقدمة في الولائم، سواء تعلق الأمر بعدم احترام الشروط الصحية المناسبة لحفظ اللحم أو الخضر والفواكه وباقي متحضرات الطبخ، أو حتى بسبب الحلويات في بعض الأحيان، لاسيما إذا كانت لوازمها منتهية الصلاحية. كما أن إقامة الأعراس في فصل الصيف ببلادنا يزيد من حدة الأمور، فدرجة الحرارة العالية تزيد من احتمال الإصابة بتسممات جماعية لسبب أو لآخر. عائلة إبراهيم التي أقامت حفل ختان ابنها لطفي اضطرت إلى نقل ما يتجاوز 10 أشخاص إلى المستشفى إثر تعرضهم لآلام حادة بالبطن، تبين فيما بعد أنها ناتجة عن تسمم غذائي سببه ترك اللحم المستعمل في الطهي تحت حرارة الشمس طيلة 24 ساعة. أما صبرينة، التي حضرت زفاف صديقتها شهر أوت الفارط، فقط تعرضت لتسمم غذائي أكد لها الطبيب أنه ناتج عن فساد البيض المستعمل في تحضير الحلويات. حوادث المرور كفيلة بتحويل الفرح إلى قرح باتت حوادث المرور خلال مواكب الأعراس نتيجة حتمية للتجاوزات الكثيرة والخطيرة التي يقدم عليها شبان متهورون خلال سياقة سيارات الموكب، والتي كثيرا ما تخلف أضرارا كثيرة سواء مادية أو بشرية، تتسبب فيها تارة السرعة الفائقة حينما يقود البعض سياراته بتهور، أو خلال الخروج والوقوف على نوافذ السيارات دون تدخل الجهات المعنية.. وفي هذا الصدد، كان لنا حديث مع بعض الشبان الذين وقعوا ضحايا لأعمالهم المتهورة، سفيان 25 سنة، حدثنا عن الحادثة الأليمة التي وقعت له حينما خلف حادث مرور بموكب عرس كان حاضرا به ثلاث وفيات، بما فيهم خالة العريس وابنتاها، فالسرعة الفائقة التي كان يسير بها أحد السائقين الشبان في الموكب جعلته يجد نفسه في آخر المطاف في المستشفى، بعد أن توفي الركاب الثلاثة الذين كانوا رفقته، ليتحول بذلك العرس إلى مأتم جماعي، ليصبح اليوم الذي ظل العروسان يترقبانه منذ سنين تاريخا لأسوء ذكرى، و كل ذلك بسبب طيش وتهور شبان جعلوا موكب العرس وسيلة يتباهون فيها بسياراتهم ويتفاخرون فيها بقدراتهم في القيادة، دون أن يدركوا أنهم تسببوا في أعظم جريمة في حق من دعوهم لحضور أهم مناسبة في حياتهم!. وفي سياق متصل تحدثنا إلى رشيد، الذي سيقوم بتزويج ابنته، مشيرا إلى أنه اشترط على المدعوين أن لا يقود صغار السن سيارات موكب العرس، وهذا تفاديا لأي حوادث لا يحمد عقباها، مشيرا إلى أنه كثيرا ما سمع وشاهد عائلات جزائرية عايشت الفرحة والألم في ظرف واحد، وكم هي صعبة على صاحب العرس أن يرى عرسه يتحول إلى جنازة، ويتحول المدعوون إلى معزين يواسون أهل الفرح في مصيبتهم، بعد قدومهم بنية مشاركتهم فرحتهم وتهنئتهم. الحسد والعين ترهب الجميع.. تربط الكثير من العائلات الجزائرية أي حادث قد يقع خلال الاحتفال في مراسيم الزفاف بالعين والحسد، فما تلبث أن تحدث أي مفاجأة غير سارة حتى تبدأ التكهنات في سرد أسباب الحادثة، وتذهب كلها إلى العين التي لحقت بالعروسين وأهليهما. وعن هذا الموضوع تحدثنا السيدة فهيمة، التي قامت برقية بيتها قبل موعد العرس حتى لا يحدث شيء مما تخشاه، خاصة أنها تعرضت في العرس الذي أقامته بمناسبة زفاف ابنها الذي أصيب بمرض أرقده الفراش عدة أشهر، ومنذ ذلك الحين قطعت على نفسها وعدا أن تقوم برقية بيتها وأولادها قبل أي مناسبة، مخافة من العين التي هي حق، تضيف محدثتنا. نفس الشيء صرحت به لنا السيدة جميلة، التي أكدت أنه لا يكاد يخلو أي بيت عرس من ماء رقية الذي يوفر خصيصا لتفادي هذه الحوادث، بل يصل الأمر ببعض الأشخاص إلى أساليب الشعوذة، متناسين أن إرادة الخالق وقدرته تفوق كل الحدود وقضاؤه عز وجل لا مفر منه.