اعتبر عدد من أصحاب الفنادق والمهتمين بالقطاع السياحي المدينة القديمة مأساة ولاية عنابة، التي يجب أن يتخذ في حقها قرار سياسي من جهات عليا، يضع حدا لوضعيتها المتدهورة والتي أثرت بشكل سلبي على كامل النشاطات السياحية في الولاية. وكشف المتحدثون، في لقاء ل”الفجر”، أن بلاص دارم كانت قد استهلكت ملايير الدينارات دون تجسيد مشاريع ترميمها أوهدم ما يجب هدمه، متسائلين عن مصير دراسة في هذا الشأن تمت عملية تسطيرها سنة 1986 خصص لها غلاف مالي معتبر ذهب أدراج الرياح، مضيفين أن نفس الواقعة تكررت سنة 1995، حيث تم الإعلان عن تحويل بلاص دارم إلى مدينة تقليدية،على مساحة أكثر من 40 هكتارا، غير أنه لمن يتم تجسيد أي بند من بنود الدراسة التي لا يوجد لها أثر. ورغم استحداث الديوان الوطني لترميم المدينة القديمة، أو ما يصطلح على تسميته بالأوكرافا، غير أنه لم يتم اتخاذ أي مبادرة جادة وصارمة تعالج إشكالية المدينة القديمة، التي تحولت إلى وكر إجرامي يضم المنحرفين والمسبوقين قضائيا، جنبا إلى جنب مع ملاك المساكن العتيقة، ما يعتبر تهديدا مستمرا لأمن الأشخاص والممتلكات، في مكان كان قد تم ترشيحه ليكون واجهة سياحية بامتياز، بعد مباشرة عمليات تطهيرية تمكن من تطهير من عصابات المنازل الآيلة للسقوط، التي يتم بيعها و إعادة كرائها مرارا عقب استفادة أصحابها من سكنات اجتماعية. في هذا الشأن، كان والي الولاية قد توعد بعضا من مسؤولي الأوكرافا بالعقاب، إذا ثبت تورطهم في التعاون مع هذه العصابات التي تسيطر بشكل شامل على سكنات هشة وأخرى مهدمة، غير أن التحقيقات في هذا الخصوص بقيت ملفاتها طي الأدراج، ليبقى وضع المدينة القديمة على حاله، بل ويتجه نحو رسم مأساة تظهر يوميا من خلال تهاوي جدران غالبية سكناتها الهشة. كما وقفت عوائق استحواذ التجار الفوضويين على ساحاتها، وإهمال مديرية السياحة لها في وجه أي مبادرة استثمارية تمكن من تحويل المدينة القديمة إلى معلم تاريخي ومكان نشاط سياحي، يضم بين جنباته معارض للصناعات التقليدية في الهواء الطلق، فنادق راقية تستقطب عدد السواح الراغبين في زيارة معالم المدينة القديمة، التي تندثر يوما بعد يوم تحت أقدام أشخاص غرباء عن المنطقة خصوصا والولاية عموما. في ظل التعتيم الكبير المسلط على ملف البلاس دارم في عنابة، يبقى - حسب المتحدثين ل”الفجر” - أن بوادر إرادة فعلية من أجل إحداث تغيير جوهري وحقيقي في القطاع السياحي كانت قد سجلت مؤخرا، حيث تم الإعلان عن إعادة هيكلة الفنادق بعنابة، عن طريق مباشرة فتح الباب نحو تكوينات الطواقم العاملة و الكفاءات، إلى جانب عرض مشاريع سياحية هامة ستمكن من خلق حركية سياحية نوعية، على غرار تونس، عبر كامل الشريط الساحلي للولاية. وبالنظر لهذه المبادرات وغيرها، يبقى أن بلاص دارم تلك الحلقة المفقودة في السلسلة السياحية، التي قد تتغير جذريا إذا تمت بالفعل إعادة ربطها مع باقي المشاريع الاستثمارية في القطاع، والتي من شأنها إعادة النبض لقلب مدينة عنابة، فتعود الحياة لشطريها، من اليمين المدينة التقليدية وعلى اليسار مسرحها وفي وسطها ساحة الثورة، التي كان قد حرمها رئيس بلدية عنابة “جيروم بيرتانيا” على الجزائريين إبان الاستعمار الفرنسي.