شركات أوروبية تستغل حادثة تيڤنتورين لإقناع الحكومة الجزائرية بمطالبها باشرت شركات نفط أجنبية مؤخرا حملة شرسة للضغط على الحكومة الجزائرية وإجبارها على تغيير قانون المحروقات الجديد وجعله أكثر مرونة لفائدة المستثمرين الأجانب في مقدمتهم الشركات الأمريكية، والذين اتخذوا من المخاوف الأمنية وقاعدة 51/49 ذريعة لإلزام الجزائر بالرضوخ لرغباتها، لاسيما وأن الاقتصاد الجزائري يعتمد بصفة كلية على ريع المحروقات وأي ضغوط خارجية قد تؤثر على مداخيل الخزينة العمومية. كشف مركز ”ستراتفور” الأمريكي والذي يعرف بقربه من المخابرات الأمريكية، أن ”الجزائر مطالبة بتخفيف قوانينها الاستثمارية وتقديم حوافز جديدة لشركات التنقيب الدولية خاصة وأنها بحاجة متزايدة للاستثمار الأجنبي، مشيرا إلى أن المخاوف الأمنية وتغيرات السوق العالمية يدفع بالحكومة الجزائرية إلى تقديم حوافز للمستثمرين الأجانب، خاصة وأن الجزائر بحاجة ماسة إلى تطوير الإنتاج في مقدمتها الغاز الطبيعي الذي يوفر نحو 20 في المائة من احتياجات أوروبا ويضمن تكلفة برامج الإنفاق الاجتماعي التي تهدف إلى السيطرة على الاضطرابات الشعبية، حسب ذات المركز. وتوقع المركز الأمريكي أن تعود شركة بريتيش بتروليوم ”إلى نشاطها في الجزائر في النصف الثاني من السنة الجارية بعد المشاكل التي تبعت الهجوم الإرهابي شهر جانفي المنصرم، والذي استهدف قاعدة الغاز بعين أميناس، وعليه أعلنت قبل أيام المجموعة النفطية البريطانية على موقعها الإلكتروني، أنها قررت تأجيل مشاريعها في الجزائر، مطالبة الحكومة الجزائرية بالإشراف بنفسها على تأمين هياكلها بحجة أن الجزائر لم تستطع أن توفر الأمن لرعاياها، مع العلم أن الحكومة رفضت طلب شركة النفط البريطانية، ومن جهتها أكدت ”سوناطراك” أن ”بي بي” لم تبلغها رسميًا بتأجيل عملية تنفيذ مشاريع استثمارية. وتبحث الشركة البريطانية عن صفقة للحصول على امتيازات جديدة من الحكومة الجزائرية بعد زيادة النفقات نتيجة ارتفاع منح التأمين لصالح موظفيها بعد اعتداء تيڤنتورين. ومن جانبه زار وفد بريطاني يترأسه المبعوث الخاص للوزير الأول البريطاني المكلف بالشراكة الاقتصادية، لورد ريسبي، للوقوف على المشاريع البريطانية بالجزائر ويتوقع أن تكون قضية بي بي” ضمن البرنامج. وفي سياق ذي صلة، قال مركز ”ستراتفور” أن ”الجزائر لا تتمتع بالمرونة السياسية لتكيف قوانين الاستثمار، ويرجع المركز ذلك إلى تكلفة تمويل برامج الإنفاق الاجتماعي التي تهدف إلى السيطرة على الاضطرابات الشعبية”، مضيفا ”لعل أكبر عقبة وراء تردد الشركات الأوروبية الراغبة في الاستثمار في قطاع الطاقة في الجزائر وتوقيع عقود طويلة الأجل مع المجمع الطاقوي ”سوناطراك” بعد انتهاء أغلب العقود الطويلة والمتوسطة المدى بداية من شهر مارس الفارط هي البيئة السياسية والأمنية في المنطقة”. وأضاف المعهد التابع للاستخبارات الأمريكية أنه رغم تعديل قانون المحروقات الجزائري كمحاولة لجعل القطاع أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب لتولي مشاريع جديدة، وخاصة التنقيب في المناطق البحرية والبرية وفي المناطق التي تحتوي على الصخر الزيتي، إلا أن المركز يرى أن إقبال المستثمرين لازال ضئيلا للأسباب آنفة الذكر بالرغم من أهمية الشروع في استغلال الغاز الصخري في الجزائر، واصفا إياه بالضروري خلال المرحلة القادمة. في حين أرجعت جريدة ”ميدل إيست إيكونوميك دايجست” سبب هذا العزوف إلى الشروط الاستثمارية ”القاسية”، على حد تعبيرهم، في إشارة إلى قاعدة 49/51، وكذا تفشي ظاهرة الفساد المؤسساتي والبيروقراطية والمناخ الاقتصادي غير الملائم.