يشكو عدد من المطلقات من التعقيدات القضائية المتعلقة بحق الحضانة والولاية على أبنائهن القصر، خاصة ما تعلق باستصدار وثائق السفر إلى الخارج، حيث تشترط الضبطيات القضائية التصريح الأبوي، رغم أن هذا الأمر يعد في أغلب الحالات متعذرا لأن الأب حينها يكون قد تخلى تماما عن أبنائه. تجمع أغلب السيدات اللواتي تحدثن إليهن أنهن يعانين الأمرين عندما يتعلق الأمر باستصدار وثائق السفر أو إحدى الوثائق المهمة لأبنائهن الذين يكونون تحت كفالتهن، رغم أن قانون الأسرة المعدل في 2005 قد منح كل الحقوق للنساء المطلقات على أطفالهن الواقعين تحت كفالتهن بما في ذلك حق الولاية، لكن بنود هذا القانون لا تطبق لسبب أو لآخر. ويبرز هذا المشكل بطريقة بادية خاصة عندما يتعلق الأمر باستصدار وثائق السفر إلى الخارج، و هذا ما ترى فيه الكثير من النساء إهانة لهن واستصغارا لأدوارهن الأسرية. تقول إحدى السيدات:”كيف يمكن أن يخاف الأب على أبنائه أكثر مني؟ وهو الذي لم يسأل عنهم منذ طلاقنا، أنا أمهم ولا أحد بإمكانه معرفة مصلحة أبنائي أكثر مني”. سيدة أخرى تؤكد”أين كان هذا الأب طيلة 17 سنة قضيتها أنا في الكد والجد في السهر والتعليم وتلبية الحاجيات و”التمرميد”؟ بأي حق تكون له الولاية على ابنته اليوم؟ هل فعلا يستحق أن يكون أبا؟”. وثالثة تؤكد ”وهل أعرف أين أجده أولا؟ ربما أعاد الزواج وصار له أولاد آخرون، وربما نسي أصلا أن له أبناء و بنات، كيف يطلبون مني تصريحا أبويا من أجل إرسال ابني للدراسة في الخارج؟ أنا أمه ولا أحد له سلطة عليه غيري، أن من ربيته ووفرت له أفضل الفرص، أنا من تخليت عن حياتي من أجل أبنائي، هل يعقل أن أكون إلى هذا الحد قاصرة في نظر القانون؟”. في نفس السياق، تؤكد جل المطلقات أن إصرار بعض الضبطيات القضائية الرجوع إلى ما قبل قانون 2005 هو محاولة لتقزيم دور المرأة وكل المكاسب التي حققتها بفضل نضالاتها وكفاحها وتكريسا لنظرة المجتمع الذكوري، الذي ما يزال يعتبر المرأة مهما قدمت ومهما عظم دورها في الأسرة وخارجها يعتبرها شيئا زائدا وتبقى قاصرا وبحاجة إلى من يأخذ بيدها. وفي مقابل هذه النظرة الاستعلائية للمرأة من قبل المحيط بما في ذلك بعض رجال القانون، فإن أزواجا لا يتوانون في غالب الأحيان عن التخلي عن واجباتهم الأسرية تجاه أبنائهم في حالة الطلاق، فقلما يكون الأب بعد الطلاق مسؤولا عن أبنائه. فتلك عادة مهمة المرأة التي تمنع بحكم القانون من إعادة بناء حياتها، والنساء عادة يضحين عن طيب خاطر بهذا الجانب وتتخلى أغلبهن عن إعادة الزواج وتكرس حياتها للأبناء في مجتمع لا يرحم المرأة التي تعيش بمفردها، خاصة إذا لم تكن مدعومة من طرف الأسرة. وبعد معركة الحياة التي تدوم لسنوات يكون فيها الزوج قد أعاد بناء حياته، يأتي لتكون له حق الولاية على أبنائه.. هكذا حتى بدون أي مجهود . وتماشيا مع التغيرات الاجتماعية التي تفرضها تطورات الحياة، أدخلت تعديلات على قانون الأسرة والجنسية الذي صار بموجبه للمرأة الجزائرية حق منح جنسيتها لأبنائها من زوج أجنبي، و كذا منحها حق الولاية على أبنائها. لكن تطور الذهنيات الاجتماعية لم يواكب تطورالمنظومة القانونية، لذا عادة ما يلجأ بعض القائمين على تطبيق القانون بما في ذلك رجال القانون إلى اختراع عراقيل في وجوه النساء، بدعوى أنه يجب التفريق بين حق الولاية وحق الحضانة ويبقى الرجل في نظر المجتمع رجل حتى لو كان غير مسؤول.