”سيناريو أفلام بوليسية أمريكية.. تهديد بالقتل.. الأمن العسكري.. سعر الملف 5ملايين سنتيم.. الضحية رعية تونسي.. والأبطال هم مدير التشغيل، مفتش شرطة، شرطي، وإطارات..” قضية غريبة ووقائعها أغرب مما يتصوره الخيال. تصريحات الرعية التونسي ”ب.و” كانت وراء تفجير هذه القضية، الرعية التونسي صاحب شركة ”بانت بال” مختصة في الهندسة المدنية والتلكوم والكهرباء العامة والمتواجدة على مستوى حي مالكي ببن عكنون، هذا الأخير الذي صرح بأنه وقع ضحية مآمرة نُصب شراكها حوله بعد تضليله، حيث وُضعت له خطة مُحكمة نصت على أن شركته المتواجدة بالجزائر تخضع لتحقيق أمني بهدف إخافته لدفعه للفرار من التراب الوطني ثم الإستيلاء على جميع ممتلكاته، غير أن الرعية التونسي قررالمكوث بالجزائر لتيقنه حسب تصريحاته من أن جميع معاملاته قانونية، وبهدف إخافته تم إرسال 4 أشخاص ليقوموا بإيهامه بصدق إدعائه شريكهم في الجريمة، أين توجهوا نحو منزله حاملين بأيديهم جهاز ”طالكي والكي” الخاص بقوات الشرطة والذي تم تزويدهم به من قبل مفتش شرطة، موهمين إياه بأنهم سيقومون بإلقاء القبض عليه كون شركته محل تحقيق أمني، موضحا بأنهم هددوه بقتله في حال لم يخضع لجميع أوامرهم، إلا أن الرأس المدبر لهذه الحيلة والمدعو”س.س” قام بإيداع شكوى ضد جماعته الإجرامية والمتكونة من ال4 أشخاص السالف ذكرهم، متهما إياهم بإختطافه وذلك بهدف السطو على جميع ممتلكات الرعية التونسي دون إقتسامها مع شركائه في الجريمة، كما أظهرت التحقيقات في هذه القضية ضلوع المتهم الرئيسي في قضية الحال ”ب.ب” والذي يشغل منصب مدير التشغيل لولاية العاصمة كونه كان يقوم بإستغلال نفوذه لإستلام رشاوي وتلقي هدايا باهظة الثمن من خلال منح رخص عمل الأجانب، حيث توبع في هذا الملف 6 متهمين من بينهم مدير التشغيل لولاية العاصمة ومفتش الشرطة والذين لا يزالون رهن الحبس المؤقت على خلفية تورطهم في القضية الحالية عن تهم متعددة على رأسها تكوين جماعة أشرار من أجل إرتكاب جنح ضد الأموال، التهديد بالقتل، انتحال لقب متصل بمهنة منظمة قانونا، التدخل بغير صفة في الوظائف العسكرية، فيما توبع مدير التشغيل بإساءة إستغلال الوظيفة وقبول مزايا غير مستحقة وطلبها لأداء عمل. مبلغ 120مليون هي القيمة التي ضبطت بحوزة مدير التشغيل بالعاصمة بعد أن تم القبض عليه متلبسا باستلامها والتي كانت متواجدة داخل ظرف، ليتم بذلك ايداعه الحبس المؤقت بغرض التحري عن خلفية استلامه لهذا الظرف، تعود حيثيات هذه القضية اثر الترصد لمدير التشغيل من قبل الشرطة القضائية بناء على الشكوى التي تقدم بها ”ط.ش” والذي صرح بأن مدير التشغيل يقوم باستلام رشاوي مقابل تقديم رخص عمل مؤقتة للرعايا الأجانب، والتي ورد ضمنها اسم شركة الرعية اليوناني”ك.ف” الذي يملك شركة أدوية على مستوى التراب الوطني، والذي استلم رخصة العمل المؤقتة في مدة زمنية قدرها 48ساعة، ومن دون وساطة بين شركات الدراسات ومديرية التشغيل. عرفت محاكمة مدير التشغيل لولاية العاصمة ومفتش الشرطة اللذان يقبعان في الحبس المؤقت منذ أشهر رفقة 4 متهمين أخرين من بينهم شرطي ومسير شركة خاصة، هذه القضية التي تأسس فيها 17 محام، واستهلكت من هيئة المحكمة 8 ساعات، حقائق أذهلت النيابة وأثارت ضحك القاضية التي إستنكرت الجرائم التي قام بها كل واحد من المتهمين. ”قفة” بمبلغ 27 ألف دينار كل أسبوع مقابل رخص العمل ! استجوبت القاضية المتهمين لمدة فاقت ساعة من الزمن، حيث إستأنفت استجوابها بمدير التشغيل لولاية العاصمة الذي أنكر التهم المتابع بها جملة وتفصيلا حيث جاء في معرض أقواله أنه يشغل هذا المنصب منذ حوالي سنة وأنه كان يراسل كلا من الوزارة والهيئات المختصة بهدف رفض هذا النوع من الملفات، وأنه تفاجأ بتاريخ الوقائع من تقدم ”ط” وهو مسير شركة خاصة والذي قدم له ظرفا يحتوي مبلغ 120 مليون سنتيم، هذا الأخير الذي اعترف للقاضية وبكل عفوية أنه كان يقتني لمدير التشغيل جميع حاجيات منزله الغذائية أسبوعيا والتي لا يقل ثمنها عن 27 ألف دينار مستعرضا على هيئة المحكمة قائمة المشتريات التي كان يقتنيها له من لحوم، دجاج، خضراوات وفواكه، وحتى السجائر مقابل حصوله على رخص العمل التي بلغ سعر الرخصة الواحدة 5 ملايين سنتيم مخطرا رئيسة الجلسة بأنه كان يدفع له حتى فواتير هاتفه النقال، كما أضاف بالقول بأنه كان قد قدم له في أجال سابقة لتاريخ الوقائع مبلغ 35مليون ليدفع أقساط المسكن الذي كان اقتناءه بولاية معسكر، ومبلغ 15 مليون سنتيم لقضاء عطلة. 150 رخصة عمل لمسير شركة خاصة مقابل مبلغ 150مليون سنتيم ! 150 رخصة عمل هو العدد الإجمالي الذي استلمه مسير شركة خاصة على مستوى منطقة سيدي يحي، هذا الأخير الذي تراجع عن جميع التصريحات التي أدلى بها لدى كل من قاضي التحقيق ووكيل الجمهورية، ليعود لقول الحقيقة مجددا أمام القاضية بعد تدخل وكيل الجمهورية الذي أكد لجميع المتهمين بأنه هو من كان حاضرا أثناء التقديمة، منبها إياهم من التلاعب بالعدالة، حيث صرح مسير الشركة الخاصة أنه فعلا كان يقوم بشراء رخص العمل من مدير التشغيل وأن سعر الواحدة كان يفوق مبلغ 50 ألف دينار موضحا بأنه كان قد سلمه في آجال سابقة 30 مليون كمبلغ مسبق في حين قدم له بتاريخ الوقائع مبلغ 120 مليون في ظرف أين تم القبض عليهما متلبسان بالجرم المشهود، وهي التصريحات التي فندها مدير التشغيل حيث جاء في معرض أقواله بأنه أجبره على قبول هذا المبلغ منه أو كما يقال بالعامية ”حشّمني باش نشدهم عليه”. تصريحات مفتش الشرطة تثير غضب النيابة والقاضية صرح مفتش الشرطة أنه يشغل منصب محقق شرطة بأمن ولاية العاصمة وسبق له وأن إشتغل بمصلحة الاستعلامات، مضيفا بأنه يمتلك أكثر من 20 سنة خبرة مهنية، حيث جاء في معرض تصريحاته أنه تلقى إتصالا هاتفيا بتاريخ الوقائع من أحد أفراد العصابة وطلب منه مساعدته كونه مدان لشركة بمبلغ مالي فنصحه حسب تصريحاته التوجه إلى قطاع الاختصاص ب”لاكولون” من أجل إيداع شكوى ليتراجع في نفس الوقت ويؤكد أنه فعلا تنقل مع أحد أفراد الشرطة إلى مقر شركة الضحية للمعاينة، الأمر الذي أثار ذهول رئيسة الجلسة التي طرحت عليه السؤال التالي: ” كيف يمكن لمحقق شرطة أن يدخل إلى مكان للمعانية قبل أن يأخذ إذنا من مسؤوليه”، ليتدخل وكيل الجمهورية بقوله للمفتش ” ليس من صلاحياتك التدخل في أية قضية كانت من دون أخذ إذن من النيابة ولو كان هذا الإذن شفويا. النيابة تلتمس تسليط عقوبة 10 سنوات حبسا لمدير التشغيل رافع وكيل الجمهورية بإسم المجتمع الذي تضرر من أفعال المتهمين خاصة بإستغلال كل واحد منهم لوظيفته ومركزه في الدولة الجزائرية وحيث جاء في معرض مرافعته أن الجرائم المنسوبة لكل واحد من المتهمين قائمة وثابتة في حقهم، مؤكدا بأنه لا يلاحظ فيها أي مجال للشك، ونظرا لكون الوقائع خطيرة طالب من القاضية والعدالة الجزائرية أن أن تضربهم بسيف عدلها حتي يكونوا عبرة لمن يودون المتاجرة بالوظيفة والذين يهددون الناس في أموالهم، حيث إلتمس تسليط 10 سنوات حبسا نافذا ومليون دينار غرامة نافذة في حق مدير التشغيل و مفتش الشرطة ومسير الشركة الخاصة مع التماس عقوبة تكميلية لمدير التشغيل لولاية العاصمة مع عزله من جميع المناصب والوظائف العمومية، أما فيما يخص مسير الشركة الخاصة (ش.ط) المنع من ممارسة أي نشاط وغلق المؤسسة لمدة 5 سنوات مع الأمر بالنفاد المؤجل لهذا الإجراءين الأخيرين مع إلتماس 7 سنوات حبسا نافذا و50 ألف دينار غرامة نافذة في حق باقي المتهمين مع مصادرة جميع المحجوزات.