أصبح شهر رمضان لدى كثير من الجزائريين جزءا من الموروث الاجتماعي أكثر منه شعيرة دينية، بالنظر إلى المظاهر التي تصاحب هذا الشهر وما ينفقونه من مصاريف . فبعد الاستعدادات التي تنطلق على قدم وساق أسابيع قبل حلول هذا الضيف الكريم، والقيام بحملات التنظيف والتسوق الواسعة التي تشمل تجديد الأواني وشراء التوابل، بالإضافة إلى اقتناء الخضر واللحوم وتخزينها تحسبا لارتفاع الأسعار، يحل اليوم الأول من الشهرالفضيل.. فيستقبله الجزائريون بعادات متشابهة، يعكسها تحضير مائدة إفطار متميزة عن باقي أيام السنة، ومحتواها موحد تقريبا في كامل البيوت، بدءا من طبق الحساء ممثلا في ”الشربة” أو”الحريرة” المصحوب ب”البوراك” أو”البريك” المحشو باللحم المفروم والبطاطا والزيتون. كما تجمع أغلب السيدات على إعداد طبق ”المثوم” في أول يوم من رمضان، حسبما جرت عليه العادة، وهو طبق معد من قطع اللحم وكرات اللحم المفروم. وبين طبق الشربة والبوراك يتربع طبق ”اللحم لحلو” أو شباح السفرة، كما في ولايات الشرق الجزائري، وهو طبق مغذي وغني بالطاقة لأنه يتكون من قطع اللحم وتشكيلة من الفواكه الطازجة كالتفاح والمجففة كالبرقوق أو”العينة” والمشمش والزبيب. وإن تفننت بعض السيدات في إدخال مكونات أخرى عليه مثل الموز المجفف والأناناس والإجاص المجفف التي غزت الأسواق مؤخرا، مع الحرص على تزيين الطبق بحبات اللوز لتزيد من شهية الصائمين. وتبقى قائمة المأكولات مفتوحة على مختلف الفواكه الموسمية والمشروبات والعصائر التي تتقدمها ”شربات بوفاريك” التي صارت متوفرة بأذواق مختلفة بين ذوق ”الفريز” والخوخ والموز. وكما جرت العادة فإن المائدة الرمضانية لا تختتم إلا بالالتفاف حول صينية السهرة المزينة بإبريق الشاي و مختلف الحلويات التي يتقدمها ”قلب اللوز” و”الزلابية”. ومن عادات الجزائريين أيضا دعوة الأقارب والأصدقاء للإفطار والسهر سويا في جو عائلي مميز، وذلك رغبة في توطيد العلاقات وكذا كسب أجر افطار الصائمين. وتجب الإشارة إلى أن أعدادا مثل هذه الأطباق يكلف غاليا إلا أن لأغلب الجزائريين يحرصون كل الحرص على توفير المال خصيصا لهذا الشهر تحسبا للمصاريف الكثيرة، وهناك من يلجأ لرهن مجوهرات زوجته، ومنهم من يحول منزله لمصنع للشربات أوالحلويات والخبز لكسب مال إضافي، في سبيل الإفطار على مائدة منوعة تشبه مائدة الملوك.