الكمية تتضاعف خلال الشهر الفضيل يستهلك الجزائريون، خلال شهر الصيام، المشروبات الغازية بصفة كبيرة تقريبا بنسبة الضعف عن ما تعودوا أن يستهلكوه خلال باقي أشهر السنة، حيث تعد قارورة ”الڤازوز” شيئا ضروريا على مائدة الإفطار في أي بيت جزائري. رغم التنوع الذي صارت السوق تقدمه في السنوات الأخيرة بين مختلف العصائر والماركات المحلية والمستوردة للمشروب الغازي، مع تسجيل تراجع ”الشاربات” هذا العام، بعدما كان في العام الماضي سببا في معارك بين المحلات و المستهلكين. في جولة قادتنا إلى بعض محلات العاصمة اكتشفنا أن الجزائريين ماركات معينة على حساب أخرى، حيث يقول حفيظ، صاحب محل بيع المواد الغذائية بالأبيار، أن في شهر الصيام يزيد الإقبال على مشروبات حمود بوعلام وتأتي بعدها الكوكاكولا، لتأتي باقي الماركات، حسب الأذواق. تراجع في استهلاك الشاربات بسبب الغش في نفس السياق، سجلنا هذه السنة تراجع استهلاك ”الشاربات”، بعدما سجلت في السنوات الأخيرة رقما قياسيا في الاستهلاك والإقبال لدرجة قيادة معارك بين المستهلكين وطوابير طويلة من أجل الظفر بكيس شاربات. التراجع يرجعه البعض إلى الغش والتدليس الذي صارت تعرف به صناعة هذه المادة. تعرف الشاربات كونها صناعة محلية أو بالأحرى صنعة خاصة بسكان ولاية البليدة تحضيرها يتطلب دراية خاصة ومهارة تتوارثها العائلات البليدية، حيث كان هذا المشروب يحضر من خلاصة الليمون الذي تغرسه العائلات في باحات البيوت، ويضاف إليه السكر أو العسل مع القرفة ومقطر الياسمين، وكانت تقدم في السهرات العائلية والمناسبات الخاصة مثلا عند صوم الطفل لأول مرة. لكنها في السنوات الأخيرة صارت بضاعة تجارية عرفت إضافات غذائية ومواد حافظة أفقدتها الكثير من نكهتها وتميزها، وبالتالي صارت لا تختلف كثيرا عن الموجود في السوق من العصائر والمشروبات. إقبال المواطنين بكثرة على المشروبات والعصائر بكل أنواعها، خاصة في المناسبات الخاصة مثل شهر الصيام جعل هذا القطاع يشهد ازدياد إقبال المستثمرين عليه، حيث أسفرت أرقام دراسة أعدت مؤخرا حول هذا القطاع عن وجود 300 علامة تجارية للمشروبات والعصائر تتقاسم السوق الجزائرية، ويسجل قطاع المشروبات سنويا نسبة نمو تصل إلى 14 بالمائة ويساهم ب نسبة 7 بالمائة في إنتاج الصناعات الغذائية في البلاد. وفي ذات الدراسة سجلت ارتفاع حجم إقبال الجزائريين على استهلاك المشروبات، حيث يستهلك الفرد الواحد سنويا ما قيمته 57.4 لترا، منها 23.4 لترا سنويا من المياه المعدنية و22.2 لترا من المشروبات الغازية، و6 لترات من العصائر.. وهذا بعد أن كان حجم الاستهلاك يتراوح ما بين 33.6 و 40.6 لتر سنويا للشخص الواحد في سنوات 2004 و2005. استهلاك المشروبات الغازية بشكل كبير من شأنه أن تكون له مضاعفات صحية اقلها ضرار الشيخوخة المبكرة، حيث أشارت دراسة أمريكية حديثة إلى أن المشروبات الغازية التي تحتوي على معدلات عالية من الفوسفات، تسرع الشيخوخة وتساهم بنسبة كبيرة في لإصابة بأمراض مرتبطة بالتقدم بالعمر، مثل القصور الكلوي. وذكرت الدراسة أن زيادة الإقبال على تناول المشروبات الغازية، ينجم عنه زيادة الإصابات بالسكري وأمراض القلب، في العالم على مدى العقد الماضي. والجدير بالذكر أن مادة الفوسفات التي حذرت منها الدراسة تضاف إلى غلب المشروبات الغازية والعصائر لإعطائها النكهة الفوارة، ويشكل أيضا مادة حافظة في بعض الأطعمة والأجبان المعالجة.