تواجه مدينة سكيكدة، منذ سنوات، تفاقم ظاهرة تسرب المياه الصالحة للشرب من قنوات التوزيع، حيث لا يوجد شارع أو مرفق عمومي لا تسيل منه المياه طوال أيام السنة، حتى أن هذه الظاهرة أصبحت عادية ومألوفة رغم ما يكتنفها من خسارة مادية، تضاف إلى تأثيراتها القوية على حياة السكان وعلى فرصهم في الحصول علي الإمدادات اليومية الضرورية للمياه الصالحة للشرب. استنادا إلى إحصائيات رسمية، فإن نسبة ستين في المائة من المياه الصالحة للشرب التي يتم إنتاجها يوميا تضيع في الخلاء ولا يستفيد منها السكان، وجزء آخر لا يقل أهمية لا يصل إلى الخزانات سواء من السدود أو من محطة تحلية مياه البحر الكائنة بسواحل العربي بن مهيدي. وتشير مصادر رسمية إلى أن الخسائر التي تتكبدها الجزائرية للمياه يوميا من إصلاح الأعطاب التقنية العادية والاستعجالية لا تنخفض عن العشرة ملايين سنتيم يوميا، وبعض الأعطاب التقنية الاستعجالية يتم الإنفاق عليها لإعادتها إلى الخدمة أكثر من ذلك بكثير، بينما توجد في الوقت الحاضر أزيد من مائتين وخمسين ألف متر طولي من الشبكات القديمة تتطلب اعادة تجديد كلي واستعجالي ولا تتحمل التأخير. وقد قام وفد رفيع في وقت سابق قادما من وزارة الري بمعاينة ميدانية إلى المنطقة، أين وقف علي الاضرار البليغة التي تسببها التسربات اليومية للمياه الصالحة وعاد بقناعة راسخة من أن الوضعية تتطلب رصد ما لا يقل عن ثمانمائة مليار سنتيم لتجديد شبكة التوزيع برمتها داخل عاصمة الولاية وفي البلديات المجاورة لها، وهذه الثمانمائة مليار قد لا تكفي إذا أخذ في الحسبان ربط السكنات المتناثرة هنا وهنا والواقعة في الضواحي، وعما إذا أضيف لها كذلك الأعداد الجديدة من السكنات المنشأة حديثا. المبلغ المذكور كان قد تم التأكيد عليه قبل ذلك من طرف مكتب دراسي تقني متخصص في أشغال الري والهندسة الجيوفيزيائية، وحاز علي موافقة الهيئات التقنية الوطنية التي لها هي كذلك باع طويل في مثل هده المجالات. ووفق المؤشرات الاقتصادية، فإن استمرار التسربات سيلحق باستمرار خسائر مالية يومية بالملايين، إذا ما أُخد بالحسبان المبالغ اليومية التي تنفقها الدولة لإنتاج المياه سواء عبر السدود الكبيرة الأربعة أو بواسطة محطة نحلية مياه البحر والتي بالحساب البسيط تعد كلفة إنتاجها للمياه مرتفعة. الشبكات الكائنة حاليا في مدن الولاية الكبري وبالأخص سكيكدة قديمة جدا، إذ يعود إنجازها إلي مطلع الأربعينيات، وقد أقيمت لأجل عدد من السكان لا يتعدي التسعة آلاف نسمة لعاصمة الولاية، إلا أن التطورات المتلاحقة في الجوانب السكانية والاجتماعية والصناعية لم تعد تتوافق مع واقع هذه الشبكات ومع تدهور حالتها المادية واهترائها الشديد مع مرور الزمن. وإذا لن يتم تبديلها في الوقت المحدد، فإن الوضعية تزداد خطورة ويصبح آنذاك من المتعذر حتي التفكير في وضع مخطط للتجديد.