الإنتحاريون صنيعة الأسد تحدث المعارض السوري بسام سعيد إسحاق رئيس مركز ”وفاق” السوري باسطنبول ومدير المركز الخاص بالمصالحة الوطنية في هذا الحوار مع ”الفجر” عن الحل السياسي الذي طال انتظاره لإطفاء فتيل الحرب الأهلية التي تعصف بسوريا، مرجعا السبب إلى عدم جدية نظام الأسد وصعوبة هذا الخيار بالنسبة للمعارضة المسلحة، إلى جانب تغير المواقف الغربية وفق التغيرات العسكرية على الأرض، وأشار سعيد إسحاق إلى أن ”جبهة النصرة” هي صنيعة النظام لأنها تخدم مصالحه وتمنح مصداقية لادعائه المزعوم بمحاربة متطرفين إرهابيين، محملا النظام مسؤولية الهجمات الانتحارية التي تستهدف المدنيين السوريين. ما مصير الحل السياسي اليوم في ظل التطورات التي تعيشها البلاد؟ الحل السياسي هو مطلب دولي لكنه بالمقابل خيار صعب على المعارضة السورية وبشكل خاص المسلحة منها، لذلك تبقى معالمه غير واضحة إلى غاية اليوم. لماذا بالذات على المعارضة المسلحة؟ لأنها تعتقد أن الحوار لا يجدي مع النظام خاصة وهي تختبر وحشيته بشكل يومي. جهود المصالحة التي يقوم بها مكتبكم هدفها المصالحة العامة بين كل الأطراف السورية أم تعمل على المستوى الضيق وتسعى إلى جمع الجهات المتصارعة داخل المعارضة نفسها بما فيها الخلاف الموجود بين الائتلاف السوري وبعض قيادات الجيش الحر؟ نحن افتتحنا المركز مؤخرا وبدأنا بالحوار بين المكونات الأساسية في محافظة الحسكة السريان الأكراد والعرب وعقدنا مؤتمرين في تركيا تكللا بالنجاح، أما الخطوة القادمة فهو حوار بين المكونات الدينية من المسيحيين والسنة والعلويين وتبقى كل هذه الحوارات تحت ظل الهوية السورية الجامعة. صنع مؤتمر ”جنيف 2 ” الكثير من اللغط، لكن هذا الضجيج الذي أثير حوله منذ أزيد من 3 أشهر اختفى، على الرغم من أن سيرغي لافروف صرّح عقب اجتماعه بنظيره جون كيري يوم الجمعة أن المشاورات الدبلوماسية ستبدأ التحضير نهاية هذا الشهر للمؤتمر الدولي، تعتقدون أن الأطراف الغربية غيرت نظرتها اتجاه الشروط المسبقة التي يضعها كل طرف من أجل الجلوس إلى طاولة الحوار؟ في مركز وفاق نحن نثّمن التعددية السورية ونرى أن التعددية هي الوحدة بين الهويات المختلفة والطريق لهذه الوحدة يأتي بآليات الحوار والمكاشفة والاحتضان وليس بنكران وجود الهويات والمشاكل أو التحديات التي تتواجد بين هذه المكونات بل كشفها واستخدام الفرص المتاحة للوفاق الوطني الحقيقي وليس الشعارات الطنّانة الفارغة، والجهات الأجنبية غيرت موقفها مرارا من جنيف وأحيانا بحسب التغيرات العسكرية على الأرض ولكن يبدوا أن اللاعبين الدوليين وخاصة أمريكا يريدون حلا سياسيا ليس حبا بالسلام بل بعدم الرغبة في الاقتتال وعدم الرغبة بالتدخل العسكري من قبل إدارة أوباما. برأيكم إلى أي شيء يعزى هذا التأخر في تبني الخيار السلمي بغض النظر عن السبب المستهلك المرتبط بتمسك المعارضة بمطلب رحيل الأسد فيما يصّر هذا الأخير على البقاء؟ التأخر برأيي سببه عدم جدية نظام الأسد في تبني حل سياسي فهو وإيران من خلفه وروسيا اعتقدوا لفترة طويلة أنه بإمكانهم إخماد الثورة عبر جرها إلى المجابهة العسكرية كما حدث في أحداث حماه في سوريا عام 1982، الآن إيران وروسيا أدركتا أن هذا حساب خاطئ وأن ما يجري في سوريا اليوم يختلف كليا عما حدث في حماه سابقا. المعارضة في الاجتماع الأخير مع الأطراف الأمريكية بواشنطن دعت إلى التعجيل بتزويد السلاح إلى الجيش الحر، لكنها في الوقت ذاته أبدت نوعا من الليونة بشأن الذهاب إلى جنيف 2 ألا يعتبر ذلك مؤشرا عن تغير موقفها واسترخاء تشنجها اتجاه الحل السياسي؟ لا، المعارضة لم تسترخ في مطالبها وأبدت استعدادا للذهاب إلى ”جنيف 2” منذ البداية فهذه المعارضة الخارجية هي معارضة منفى في الخارج مما يجعلها فريسة سهلة للضغوط الخارجية في حال أراد اللاعبون الدوليون الذهاب إلى جنيف، ولكن المعارضة تعرف أن النجاح في جنيف يعتمد على النجاح في الميدان العسكري ولذلك تطالب أيضا وبقوة بتزويد الجيش الحر بالسلاح. إلى أي مدى يمكن أن تستغل الدول الغربية حاجة المعارضة للسلاح واستعمالها كورقة رابحة لإجبار المعارضة على الذهاب إلى ”جنيف 2” والجلوس إلى طاولة واحدة مع النظام؟ المقايضة بين الغرب والمعارضة لم تكن يوما السلاح مقابل ”جنيف 2 ” لكن هناك بالطبع مقايضات وأنا أعتقد بعد تجربتي مع المعارضة في الخارج أنه كان من الخطأ توكيل معارض سياسي في الخارج للدفاع عن مصالح السوريين لأنه لن يستطيع أن يكون في موقف المدافع القوي عن المصالح السورية كونه كما قلت فريسة سهلة للضغوط الدولية. فيما يتعلق بالانقسامات داخل المعارضة هل قضى اختيار أحمد الجربا رئيسا جديدا للائتلاف على هذه الانقسامات التي تعصف بمناضليه من ممثلي الأطراف المعارضة للأسد وتحول دون ثباتهم على خط سير موحد؟ أكيد لا يمكن القضاء على انقسامات سياسية باختيار أي شخص مهما كان للرئاسة، اليوم الانقسامات في المعارضة السياسية الخارجية هي انقسامات بسبب ولاءات لقوى داعمة لها مصالحها وهناك أيضا انقسامات بسبب عدم التوافق على شكل سوريا في المستقبل وكيف سيكون دور الدين في سوريا ما بعد الحرب الأهلية. الدول الغربية أبدت تخوفها مؤخرا من تسليم السلاح للمعارضة وهي التي كانت متحمسة للخطوة خاصة بعد إعلان ”جبهة النصرة” انضمامها لتنظيم القاعدة بالعراق، هل سيؤثر خيار النصرة على الدعم والمساندة اللذين كانت تحظى بهما المعارضة؟ هناك تأثير إلى درجة أن أطرافا كثيرة في المعارضة بدأت تشّك في أن ما يسمى ”جبهة النصرة” هو من صنع النظام لأنها تحقق أهداف سياسية للنظام، فمن جهة تعطي مصداقية لادعاء النظام أنه يحارب متطرفين إرهابيين ومن جهة تخيف أصدقاء سوريا من دعم المعارضة المسلحة، ومن جهة أخرى تربط بين المعارضة المسلحة والقاعدة. كشف الجربا يوم 8 أوت عن مبادرة يجري العمل عليها ضمن أجندة الائتلاف لتشكيل نواة جيش وطني سوري، في شمال وجنوب سورية كمرحلة أولى ليكون بادرة للتخلص من أمراء الحرب والكثير من الإشكالات، وهذا بحد ذاته اعتراف بوجود أزمة داخل المعارضة من جهة ومحاولة لتبديد شكوك الغرب بشأن احتمال وقوع السلاح بأيدي متشددين ألا يمكن أن تعزز خطوة الجربا عمق الانقسام بين صفوف المعارضة؟ على الرغم من أن خطة الائتلاف ترتكز على إعادة رستلكة نفسها ووضع إطار واضح يضمن استمرار دعم الغرب لها؟ لم ينكر أحد وجود أزمة داخل المعارضة وكما قلت سابقا نحن نعتقد أن النظام له يد في افتعال هذه الأزمة والجربا وغيره يجتهدون للتغلب على هذه الأزمة، كما أن النظام معروف بقدرته على شق صف المعارضة في سوريا فهو اعتمد معها سياسة فرق تسد لعقود طويلة، وعليه فالتحدي اليوم هو البحث عن آليات توحيد المعارضة السياسية والمسلحة ونحن في مركز وفاق نسعى من أجل تحقيق هذا الهدف. رسائل الأسد الأخيرة وتصريحاته على غرار: جولاته الميدانية التفقدية لقواته العسكرية، الإفطار الجماعي ليلة 4 أوت وما جاء في الخطاب الذي ألقاه بالمناسبة والذي قال فيه أنه سيضرب بيد من حديد، إلى جانب حواراته مع الجرائد والقنوات التي ينتقيها طبعا، في أي خانة تندرج هذه السيناريوهات هل في خانة التحدي الواضح والصريح للمعارضة ومحاولة إثبات الذات؟ أم أنها مجرد مراوغة؟ أم هو دليل على تفوق النظام وبشار الأسد كان يتحدث من مركز قوة؟ هي حملة إعلامية جديدة تضاف إلى سلسلة حملاته الإعلامية الفاشلة وإلا لما وصل بشار إلى ما وصل إليه نظامه اليوم من فشل، لو كان خطاب القوة والتحدي والتهديد يفيد مع الشعب السوري لانطفأت الثورة منذ زمن بعيد، لكن بشار المفلس سياسيا لا يملك على ما يبدو سوى هذا الخطاب وبالتالي لا أمل له ولا أمل منه. قراءتكم لما يحدث من هجمات انتحارية تستهدف المدنيين من يقف وراء هذه التفجيرات المفخخة التي تهز مناطق في سوريا بين الفينة والأخرى على شاكلة ما حدث ليلة أمس بدمشق العاصمة؟ هناك تنظيمات تتميز بخبرتها وقدرتها على تنفيذ هجمات انتحارية ولدينا معلومات أن النظام مخترق لهكذا تنظيمات وأنه أيضا صنع مثل هذه التنظيمات لاستخدامها في تحقيق مصالحه السياسية. في إطار العمل المنوط بمكتبكم والمبني على المصالحة هل ستجتهدون للدفع بالمعارضة إلى التفاوض مع النظام حقنا لدماء السوريين؟ مركزنا ليس معني بالحوار مع النظام، وموضوع الحوار مع ممثلي بشار الأسد تقوم به فعاليات سياسية وليس منظمات مجتمع مدني ولكن لو طلب منا المشاركة في الحوار سنتدارس الأمر لأننا اليوم كمركز وفاق نساهم في تيسير اللقاء والحوار البناء وتطوير رؤية مشتركة لسوريا المستقبل.