تدخل العائلات الجزائرية خلال هذه الأيام التي تلت شهر رمضان الكريم في الوقت بدل الضائع من عطلة الصيف أو ما اصطلح الكثيرون على سميته بالشوط الثاني، خاصة أن هذه العطلة عرفت انقطاعا لمدة شهر بكامله، ليستعيد الجزائريون أنفاسهم ويبادرون بترتيب برنامج جديد يمكنهم بالاستمتاع بما بقي من أيام الصيف الحار. ترغب الكثير من العائلات الجزائرية قضاء عطلتها مجتمعة وبعددها الكامل، الأمر الذي لا تستطيع الفنادق والمركبات السياحية توفيره في الغالب، مما يجعل الكثيرين يلجأون إلى ما يسمى بالنزوح العكسي والمتمثل عادة في كراء شقق ومنازل بولايات الوطن المختلفة أو التوجه إلى الولايات الأصلية لهم، سواء كانت داخلية أو ساحلية، فالمهم بالنسبة لأغلبهم هو التواجد سوية في مكان مريح من أجل قضاء عطلتهم، وبقدر ما حل كراء المساكن والشقق مشاكل العائلات المصطافة، بقدر ما ضيق على أصحابها الذين يسترزقون منها في كل موسم، مستعملين عائداتها في حل مشاكلهم المادية وقضاء حوائجهم المختلفة. يقول عبد الحميد أستاذ جامعي أن تمضية الإجازة بالمناطق الداخلية للوطن أحسن بالنسبة له ولعائلته، ويضيف أنه يفضل قضاء إجازته في الولايات الساحلية من الوطن، وستكون وجهته هذه السنة ولاية بجاية التي لاقت استحسانه بعد زيارته في الصائفة الماضية، وجاء على لسان صديقه بشير أنه تكلفة كراء منزل بمحاذاة البحر في الجزائر أرخص بمرتين إلى ثلاث مرات من التوجه إلى البلدان المجاورة، ناهيك أن الطبيعة الخلابة في الجزائر تجعل من الأمر أكثر متعة. ضيق الوقت يجعل من العاصمة الخيار الأول لم يجد الكثير من العاصميين خيارا أمثل من الاستمتاع بما بقي من عطلتهم في ضواحي العاصمة، حيث لم يسمح لا الوقت ولا الميزانية لأغلبهم من أجل السياحة الأجنبية أو حتى التوجه إلى الولايات الداخلية، فقام هؤلاء باتخاذ وجهات ثلاث تتمثل في المرافق الترفيهية وشواطئ البحر وكذا الغابات، حيث يجدون ضالتهم في البحث عن مكان مريح وممتع، فمرافق الترفيه التي تشهد إقبالا منقطع النظير هذه السنة تعرف نوعا من التوسع والانتشار مقارنة بما سبق، على غرار مدن الملاهي، المراكز التجارية، السيرك، وبعض الحفلات الفنية، أما الشواطئ والغابات فتعرف هي الأخرى توافدا كبيرا عليها طيلة أيام الأسبوع من العائلات والشباب على حد سواء، باحثين في رمال البحر ومياهه عما يريحهم ويسليهم. عائلة فؤاد هي إحدى العائلات التي التقينا بها بشاطئ ديكابلاج شرق العاصمة، تقول أنها انتظرت انقضاء شهر رمضان من أجل التوجه إلى البحر قصد الاستمتاع بأشعة الشمس التي تزينها مياه البحر ورمالها، وأنها ستمضي ما بقي من عطلة أبنائها في شواطئ العاصمة نظرا لضيق الوقت وعدم استقرار الميزانية التي أتعبتها نفقات شهر رمضان الكثيرة، أما سميرة التي التقينا بها رفقة عدد كبير من أفراد عائلتها على مشارف الدخول إلى سيرك عمار الذي يحط رحاله حاليا بالعاصمة، فتقول أن العاصمة بدأت تتدارك مؤخرا نقص مرافق الترفيه والتسلية، فالسيرك أو الملاهي أماكن تجذب اهتمام الشباب وتمنحهم متنفسا جديدا بعيدا عن متاعب أيام الدراسة والشغل. السفر خارجا لمن استطاع إليه سبيلا عرفت السياحة إلى بلدان الجوار تراجعا ملحوظا خلال هذه السنة لما تعرفه هذه الأخيرة من أوضاع أمنية غير مستقرة تثني الزوار عنها، مخافة أن يلحق بهم الضرر خلال عطلتهم الصيفية. وفي الوقت ذاته انتعشت السياحة التركية بشكل كبير نتيجة عدة عوامل قد تتلخص في رواج المسلسلات التركية التي سوقت لصورة جد مميزة لتركيا، إضافة إلى التسهيلات والتخفيضات التي تنتهجها وكالات السياحة والسفر كنوع من الترغيب واستقطاب السياح، حيث أكدت أغلب الوكالات التي قصدناها أن ما بين 60 إلى 80 بالمائة من مجموع المسافرين كانت وجهتهم تركيا، وذلك بعد المغرب ودول الخليج العربي، لتأتي الدول الأوروبية في المرتبة الأخيرة هذه السنة، ورغم ارتفاع أسعار السفر للخارج إلا أن الكثيرين من ميسوري الدخل قاموا بحجز أماكنهم خلال شهر رمضان، ليكونوا في أوائل القائمة بعد انتهائه، فيما قام البعض ممن يتقاضون أجرا متوسطا بالادخار طيلة السنة من أجل الاستمتاع بالسفر خارجا في عطلة كفيلة بتغيير المزاج ورفع المعنويات والتخلص من تعب وإرهاق سنة بأكملها.