لا خوف على الأقباط في مصر ولن ننجر للفتنة الطائفية المسلمون أول من دافع عن حرق الكنائس ينفي الأنبا يوحنا قلتة النائب البطريركي للأقباط الكاثوليك، ورئيس مجلس كنائس الشرق الأوسط سابقا، في حوار مع الفجر، أن تكون مصر مقبلة على حرب أهلية أو طائفية، وقال إن الأقباط متفائلون ولا يخيفهم حرق الكنائس لأنهم في حمى الله وفي حمى المسلمين. وأضاف أن أقباط مصر لن ينجروا وراء مخطط الإخوان للفتنة الطائفية التي يريدون الزج بنا فيها. ما قراءتكم للمشهد المصري بصفة عامة اليوم، وما الذي يحدث؟ - أولا أريد القول إن مصر كان لها دور خلال ال7 آلاف سنة، في الحضارة، وأول ما نادى ب”لا إله إلا الله أنت الواحد الأحد” كان في مصر، فالشعب المصري، مسلمين وأقباط، اكتشف الإيمان ومنذ ذلك الحين وهو متشبع بالدين من رأسه لأخمص قدميه.. جاء الاتحاد السوفياتي ولم ينل من تدين المصريين، وجاء البريطانيون والفرنسيون ولم ينالوا من تديننا ومن وحدتنا رغم محاولاتهم العديدة، فالمصريون متدينون بالسليقة، والوراثة والتاريخ. هذا من جهة، ومن جهة أخرى مصر لا يمكن أن تستوعبها دولة أخرى أو توجهها لما تفعله أو تغير من هويتها، وهذا بسبب ارتباط المواطن المصري بأرضه، وهذه هي الملامح الأساسية للشخصية المصرية مبنية على حب الدين والوطن. أما ما يحدث اليوم في مصر، فقد تفاجأ المصريون ومنهم الأقباط بأن الإخوان ضحكوا علينا باسم الدين، فأنا اخترت الإخوان في الانتخابات البرلمانية، وقلت من عدة منابر لا تخافوا ممن يخافون الله، لكن بعد سنة اكتشفت كغيري من المصريين، أن الإخوان استخدموا الدين لبيع مصر فقط، يريدون أن يعطوا منطقتي حلايب وشلاتين لجماعة الإخوان المسلمين في السودان، واتفاقية مع أمريكا بمنح 40 بالمائة من أراضي سيناء لحركة حماس الفلسطينية، وبذلك حل القضية وديا مع إسرائيل، وتصبح بذلك حماس ولاية إسلامية من الخلافة الإسلامية الكبرى التي يطمح الإخوان لتحقيقها، وتأجير قناة السويس لقطر، ويتحول المصريون عبيدا لسادتهم الجدد. والمفاجأة الثانية بالنسبة لنا كانت أننا اكتشفنا أن الإخوان لا يعرفون معنى الوطن، وكل أحلامهم كانت الخلافة الوهم والسراب الكبير، مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يول خليفة على المسلمين.. اتضح لنا ولكافة الشعب المصري أن الإخوان غير أمناء ويريدون بيع وطننا فقام بثورته لإزاحة هذا الكابوس. لكن الثمن كان باهظا ولم ينته بعد كابوس المجازر؟ - غريب أن يصدر منك هذا السؤال وأنت من بلد المليون ونصف المليون شهيد، صحيح أن مصر فقدت أعدادا كبيرة من أبنائها، لكن هؤلاء ضحوا من أجل استرجاع مصر من المحتلين وممن أرادوا بيعها، ومن أرادوا استذلال شعبها وإفقاره، فالشعب يدفع لاسترداد كرامته.. ما حدث ثورة شعبية عارمة بخروج أكثر من 30 مليون مصري للشارع وقام الجيش بحمايتها ويحميها اليوم ضد الإرهاب، وستمر مصر للأمام وتخرج سالمة من هذه الأزمة بإذن الله.. أما من يقول إنها انقلاب ويريد غير هذا فهو يريد إعادة عقارب الساعة إلى الوراء وهذا لن يحدث طبعا. صحيح هناك أزمات ومشاكل من كل جهة والإخوان أوقعوا مصر في الكثير منها لكننا سنقوم ونحل المشاكل مع بعض ونخرج البلد لبر الأمان. نعود إلى قضية حرق الكنائس، 42 كنيسة في مصر منها 22 كنيسة تم تدميرها بالكامل، وهذا يحدث لأول في تاريخ مصر، أليس هذا مرعبا للأقباط؟ - إطلاقا لا يرعبنا ولا يخيفنا حتى، أنا أفتخر بأن الكنائس أحرقت لتنضم للمساجد التي أحرقت، والمكتبات والمقرات والشركات، وأقسام الشرطة، فنحن نضحي بما يضحي به كافة الشعب المصري. مصر لا تقسّم هي هكذا مساجد وكنائس والاثنين تم حرقهما، والاثنين قبلا بالتضحية من أجل مصر الأم، سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين، والاثنين غير خائفين مما يحدث ومتفائلين بالنتائج. المساجد التي أحرقت كان يختبئ فيها مسلحون حسب ما تقوله وزارة الداخلية وكذا ما شاهدناه عبر وسائل الإعلام، لكن لماذا حرق الكنائس؟ - حتى يصور الإخوان للغرب بأنها حرب أهلية تارة، وبأنها حرب طائفية تارة أخرى. لكن هل الأقباط في مصر واعون بما يحدث، أليس هناك تخوفات لديكم من انجرارهم وراء موجة حرق الكنائس وردهم بحرق المساجد مثلا، ثم ماذا فعلتم أنتم كرجال دين لكي لا يقع هذا؟ - أبدا، كأقباط نحن واعون لما يحدث، تماما كباقي المصريين، وواعون من هو العدو لمصر ومن هو الصديق ومن هو الأخ، ولن ننجر أبدا وراء مخطاطتهم التي تريد تقسيم مصر إلى دويلات تتآكل فيما بينها وتتناحر، والأقباط فهموا الرسالة جيدا، ولم ولن يحركوا ساكنا، وفهموا أيضا مخطط اوباما ولن يسمحوا له بتقسيم سيناء والأيام القادمة ستثبت كلامي إن شاء الله. نحن نؤمن بأن رجل الدين للدعوة والسلام وليس للحرق وهدم البلد وسنعمل على بناء البلد وليس هدمه. لكن الكثير من المراقبين للشأن المصري يرون بأن ما يحدث بداية لحرب طائفية في دولة عرفت عبر التاريخ بالتعايش السلمي بين المسلمين والأقباط؟ - لا، مصر بإذن الله لن تشهد حربا طائفية ولا حربا أهلية، وهذا لأن شعبها بأقباطه ومسلميه واع بما يحدث وبالخطر المحدق به، ويكفي أن أذكر مشهدا ليعرف العالم بأننا لن ننجر لحرب طائفية، لما الإخوان أشعلوا النيران في الكنائس، لم يتصد لهم الأقباط يا سيدتي بل المسلمون، واستماتوا في الدفاع عنها، وهذا ببساطة لأن الشعب المصري لا يفرق بين كنيسة ومسجد، هي دور عبادة ملك للمصريين جميعا، رأينا الناس وهي تتدافع وتستميت في الوقوف حائلا بينها وبين تهديمها من قبل جماعة الإخوان، وهذا يكفي ويجيب على كل التخوفات. الكنائس المصرية كانت تندد بفكرة الاضطهاد من خلال ما يعرف بأقباط المهجر، واليوم نلاحظ ورغم حرق الأربعين كنيسة، إلا أن هيئة أقباط المهجر لم يحركوا ساكنا، لما هذا الصمت؟ - أقباط المهجر فهموا وتأكدوا بأن الشعب المصري ليس من يقوم بحرق الكنائس بل كل مصر تتعرض للحرق من قبل جماعة الإخوان، وتأكدوا أيضا أنه كما تحرق الكنائس تحرق أيضا المساجد هذه الأيام، فهم إن دافعوا سيدافعون عن حرق مصر وليس عن الكنائس. الإعلام الغربي كان كلما تم الاعتداء على كنيسة في عهد مبارك أقام الدنيا ولم يقعدها، لكن بالكاد يذكر حرقها اليوم، ما رأيك في تناوله لما يحدث في مصر وخاصة في قضية الاعتداء على الكنائس؟ - ليس مستغربا أبدا، فالأوامر من باراك أوباما واضحة للإعلام، وهو مخطط غربي يشارك فيه الجميع، الساسة والإعلام، يريدون عودة الإخوان لاستكمال مخططهم الجهنمي إرضاء لإسرائيل ولمصالحهم في المنطقة. فالإعلام ينقل فقط ما يدعم موقف الساسة عندهم. أمريكا تريد اجتثاث القضية الفلسطينية لتصبح غزةوسيناء دولة حماس وبذلك يتخلصون من عبء القضية والمصريين يدفعون الثمن. لماذا تخلوا عن دعمكم مقابل دعم الإخوان؟ - الغرب يتخلى عن أمه في سبيل دعم مصالحه، فهم ليست لهم عاطفة، كل ما يهمهم البترول والدولار والأورو، كانوا سابقا يريدون أن يلعبوا بورقة الأقباط واليوم لديهم ورقة أخرى. ألم يكن لأمريكا مائة ألف جندي في العراق وأحرقت الكنائس ولم تحرك جنديا واحدا لحمايتها، وفي لبنان وسوريا والقائمة طويلة؟ هل أنتم متفائلون؟ - جدا، عبر الآلاف من السنوات والأقباط يعيشون في كنف المسلمين، ولم يحدث أي توتر بين الطرفين، بل عشنا ونعيش حاليا كإخوة، كان أول ما يتم الاعتداء على كنيسة يتحرك الأزهر الشريف وتتحرك قبله الشعوب الرافضة لهذا، وسنعيش هكذا مستقبلا بإذن الله. نعيش بسلام مع بعض، ونرفض رفضا قاطعا أي تدخل للأجنبي، لا نريد حماية من أحد غير الله الذي خلقنا والشعب المسلم الذي نعيش معه، عشنا 14 قرنا معا وسنعيش مستقبلا معا. ونحن متفائلون أيضا بالشعب المصري الذي استيقظ وعاد إليه الوعي.