أدرك وأعي أن أحدا لا يريد أن يقرأ عن أمر خارج الحدود. ولكن اسمحوا لي ولو لم يقرأ أحد. اليوم يقترع الألمان، واليوم أتمنى أن يقترعوا للمرة الثالثة، للسيدة المستشارة الفراو أنجيلا ميركل. هذه المرأة الخالية الأناقة، القليلة الجاذبية (إذا ما حدثت) المتسربلة أبدا بنفسها مثل فاتسلاف هافل، ولكنها أيضا غير متعثرة في دخول التاريخ، زعيمة لألمانيا في أهنأ مراحلها عبر التاريخ، أوروبا من حولها فقيرة وهي ثرية، والقارة ضعيفة وألمانيا تقرض المدينين وتعطف على البائسين وبيدها تقبض على مصير الوحدة برمتها. كل ذلك بقيادة محامية بسيطة عاشت سنواتها الأولى في برلين الشرقية. لكن منذ 2007 والفراو ميركل لا تكف عن إدهاش مواطنيها والعالم. لا رئيس وزراء بريطانيا ولا رئيس فرنسا في قوتها ونفوذها. في مقعد هذه المجهولة جلس من قبل كونراد أديناور وفيلي برانت وموحد ألمانيا هيلموت كول. بعفوية جلست على هذا المقعد وببساطة وقالت للألمان فيما العالم يضطرب، الآن صار في إمكانكم أن تنشدوا ”ألمانيا فوق الجميع”. ما أجمل أن يكون الإنسان غير عادي في زمن غير عادي. لو طلبت مربية أطفال وعرضت عليك الفراو ميركل لترددت. لكنها سوف تبرع أكثر كمربية أمم. ومن دون كاريزما مارغريت ثاتشر وجرأتها وبلاغتها، سوف تصبح السيدة ميركل، الفاشلة في الزواج، سيدة من تاريخ أوروبا. كم هو مهم أن يلغي الحاكم نفسه في سبيل مقعد على منصة التاريخ. بعد مائة عام سوف يكتب الأوروبيون عن الملكة فيكتوريا وابنة البقال مارغريت ثاتشر وهذه الألمانية التي لا تهتم كثيرا لحمية الطعام ودار الأزياء. سترة وسروال وليذهب المصورون إلى اليأس. حضرت غير ”معركة” انتخابية في ألمانيا. بضعة ملصقات عليها صور المرشحين وبضع خطب في صوت هادئ. عاد الألماني فردا وإنسانا. ارتقى فلم يعد قطيعا وجمهورا. لن يهتف ألماني واحد ”بالروح بالدم” لأن بقاء ألمانيا هو الأغلى. ألمانيا هادئة منتجة مثمرة تتقدم كل أوروبا في العلم والمال والطمأنينة ومستوى المعيشة. وعلى رأس هذه الألمانيا سيدة تشبه مربية أطفال، أو معلمة مدرسة ابتدائية على الراين. لا تضع عقدا ولا سوارا. ولا تعرف دار أزياء كالتي كانت تذهب إليها هيلينا (الدكتورة) تشاوشيسكو في باريس لاختيار الفراء. فيما تتسوق سيدات الاشتراكية على الإنترنت، تسجل الفراو ميركل أنها وضعت عقدا واحدا صنع من الصدف، بألوان العلم الألماني. فراو ميركل، ليتني أقترع في برلين.