أقرّت روسيا أمس بأن مشروع القرار الذي يجري بحثه حول سوريا يمكن أن يتضمن إشارة إلى الفصل السابع مؤكدة أن استخدام القوة لن يكون تلقائيا، حيث يأخذ مشروع قرار تدمير الترسانة الكيماوية السورية الجانب الأكبر من جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في ظل الخلاف بين موسكووواشنطن، فيما تسعى الدولتان للتوصل إلى توافق على نص يدعم اتفاق جنيف حول الترسانة الكيميائية السورية. أكدت موسكو أن المحادثات مع الولاياتالمتحدة بشأن نزع الترسانة الكيماوية السورية لا تسير بشكل سلس وأنها قلقة من أن واشنطن أجلت فقط الخيار العسكري، وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أمام البرلمان الروسي أمس أن موسكو لن توافق على أي قرار في مجلس الأمن يجيز استخدام القوة بشكل مطلق ضد حكومة الرئيس بشار الأسد في حال عدم التزامها باتفاق تفكيك أسلحتها الكيماوية، لكنها وافقت على إمكانية أن يتضمن القرار إشارة إلى الفصل السابع دون الاعتماد الكلي عليه، وأن القرار الدولي لا يمكن أن ينص على استخدام القوة بالمطلق، واصفا محاولات واشنطن لإصدار قرار ضد سوريا بأنها غير منطقية، موضحا أن روسيا لن تمرر أي قرار يؤسس لإجراءات عقابية ضد النظام السوري في حال عدم التزامه باتفاق تسليم الأسلحة الكيماوية. من جهة آخرى تتصاعد المواجهة الدبلوماسية بين كبرى الدول مع انطلاق أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بمشاركة رؤساء الدول والحكومات وممثلي 191 بلدا، وبرزت أكثر فأكثر الهوة التي تفصل المواقف الدولية وتمنع التوافق الدولي بشأن حل القضية السورية، وعمّقت مسألة استخدام السلاح الكيماوي في الحرب الدائرة بالمنطقة حجم الصراع بين كبرى الدول وقسمت الرأي العام العالمي إلى شقين يعملان في اتجاهين متعاكسين على الرغم من الشعارات التي يرفعها كل طرف والمطالبة بضرورة الحل العاجل للأزمة السورية، وبقدر ما تختلف الآراء بين الأطراف الدولية المشاركة في حل النزاع بقدر ما يصعب تحديد المواقف النهائية لهذه الدول والتي تتغير بين الفينة والأخرى. فرنسا تشترط على إيران وضع جدار عازل بين ملفها النووي والأزمة السورية أما فرنسا التي كانت المؤيد الأول لأمريكا بخصوص توجيه ضربة عسكرية لسوريا تدافع وبشدة على أن يتضمن قرار مجلس الأمن حظر استخدام السلاح الكيماوي على أن يتم اللجوء إلى القوة في حال تم خرق قرار المجلس من قبل الحكومة السورية، وعبّرت على لسان وزير خارجيتها لوران فابيوس أمس الأول أن باريس تقف مع الخيار السياسي للأزمة لوقف مجازر الحرب مطالبة المجتمع الدولي بدعم المعارضة السورية، كما أعلن الوزير الفرنسي أن باريس توافق على مشاركة طهران في مؤتمر ”جنيف 2” لكن بشروط، وقال فابيوس في مقابلة مع صحيفة ”نيويورك تايمز” الأمريكية، أن ثمة حجة قوية لحضور إيران المؤتمر والمرتبطة بالسلام وبتورط إيران في النزاع، واشترطت باريس على طهران شرطين لقبول حضورها في مؤتمر ”جنيف 2”، أولها قبول إيران صراحة بهدف ”جنيف 2” القاضي بتشكيل حكومة انتقالية توافقية لا تتضمن الرئيس السوري الحالي بشار الأسد، أما الشرط الثاني فيرتبط بفصل طهران بين ملفها النووي والأزمة السورية وأن تعاونها بشأن سوريا لن يدفع الدول الغربية إلى التعامل بمرونة مع برنامجها النووي. وعلى الرغم من تأكيد فرنسا على ضرورة التوصل لحل سياسي للنزاع خلال هذا الأسبوع، إلا أن المفاوضات الدبلوماسية بين الثلاثي الداعم لخيار القوة والمتمثل في واشنطن، باريس ولندن وبين موسكو وبكين يبدو صعبا للغاية وتعيقه الخطوات التطبيقية للمضي قدما في اتفاق نزع السلاح لأن الشكل العام للاتفاق يعرف إجماعا إلى غاية اليوم، وكل الآمال معلقة على لقاء وزير الخارجية الأمريكية جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف الذي يمثل فرصة مناسبة لمحاولة فك عقدة الملف الكيماوي السوري. على صعيد آخر استبعدت أطراف دبلوماسية أن يتم التصويت في مجلس الأمن هذا الأسبوع في انتظار اجتماع باريس والمجموعة الدولية الداعمة للمعارضة السورية مساء الخميس برئاسة أحمد الجربا الموجود في نيويورك مع عدد من أركان الائتلاف الوطني السوري، وكذا لقاء الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالوزيرين الروسي والأميركي الجمعة القادم لبحث موعد مؤتمر ”جنيف 2” والتحرك في مجلس الأمن، فيما يواصل ممثله الخاص الأخضر الإبراهيمي مشاوراته المكثفة دعماً لعقد المؤتمر، حيث التقى أمس الأول الرئيس اللبناني ميشال سليمان، وقال المبعوث الدولي لسوريا عقب اجتماعه في نيويورك بالرئيس اللبناني أن أي حل للازمة السورية لن يكون على حساب لبنان، مشيرا إلى وجود لقاءات كثيرة ومشاورات على أعلى المستويات بشأن الأزمة السورية.