شرعت أمس منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في دراسة أول لائحة قدمتها سوريا بشأن ترسانتها النووية تنفيذا للاتفاق الأخير الذي جنّب دمشق ضربة عسكرية كانت وشيكة الوقوع وتوصلت بموجبه كبرى الدول إلى قرار يقضي بتقديم دمشق جردا كاملا بترسانتها الكيميائية من أسلحة ومنشآت، لإجبار النظام على تفادي استعمال هذا النوع من الأسلحة في الحرب التي يخوضها ضد المعارضة. منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التي كان من المفترض أن تعقد اجتماعها اليوم لبدء درس برنامج التخلص من الأسلحة الكيميائية السورية وطلب انضمام سوريا إلى المعاهدة الموقعة عام 1993 حول حظر انتشار هذا النوع من السلاح أرجأت اجتماعها إلى أجل غير مسمى، لكن وفي ظل المشاورات الدبلوماسية المكثفة الهادفة إلى اعتماد مشروع قرار بمجلس الأمن الدولي حول نزع الأسلحة الكيميائية لدى النظام السوري، بدأت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بدراسة اللائحة الأولى التي تقدمت بها دمشق حول منظومتها الكيماوية كإشارة مبدئية عن تعاون النظام السوري الذي وافق على اتفاق جنيف بين واشنطنوموسكو يقضي بتفكيك ترسانته الكيميائية المعلن عنه في ال14 سبتمبر، على الرغم من أن اعتماد مشروع هذا القرار في مجلس الأمن الدولي تعترضه العديد من العراقيل ترتبط بطبيعة الإجراءات الملزمة التي يفترض أن تُرافق هذه العملية، خاصة وأن روسيا تتمسك برفضها النص الغربي الذي يلزم أن يترافق قرار مجلس الأمن مع عقوبات صارمة قد تصل حد استخدام القوة في حال تراجعت سوريا عن التزامها بشأن تدمير مواقعها الكيماوية، وهو الخيار الذي ترجوه واشنطن، حيث أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس الأول أنه تباحث مع نظيره الروسي سيرغي لافروف بشأن قرار قوي داخل مجلس الأمن حول نزع الأسلحة الكيميائية في سوريا، كما تدافع فرنسا على ذات المبدأ وتعهد رئيسها فرانسوا هولاند بالضغط في الجمعية العامة للأمم المتحدة للدفع نحو تفعيل خيار القوة، وتتهم باريس موسكو بعرقلة التصويت في مجلس الأمن على مشروع القرار الفرنسي إذ رفضت موسكو وضع القرار تحت الفصل السابع ورفضت بنودا آخرى في النص الفرنسي تعتبرها باريس هامة ويصعب حذفها باعتبار الخطوة تفرغ النص من مضمونه، ووسط هذا الجدل تبقى الحقيقة القارة أن الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي لم تتوصل إلى الاتفاق على مشروع قرار مشترك على الرغم من الاجتماعات المتكررة بخصوص هذا الموضوع. لافروف يبحث الأزمة مع كيري والإبراهيمي الأسبوع القادم يحدث ذلك فيما يبدأ اليوم رئيس الائتلاف الوطني السوري أحمد الجربا زيارة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية اليوم على رأس وفد من الائتلاف يلتقي خلالها وزير الخارجية جون كيري، وذكرت مصادر إعلامية أمس أن الجربا سيطالب خلال مباحثاته مع المسؤولين الأمريكيين بواشنطن ومسؤولين أمميين في نيويورك بتدخل دولي عسكري ضد نظام بشار الأسد بحسب ما ينص عليه الفصل السابع من ميثاق المنظمة الأممية، فيما ينتظر أن يبحث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف سبل تسوية الأزمة السورية مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري والمبعوث الأممي العربي في سوريا الأخضر الإبراهيمي على هامش جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع القادم، وذكرت الخارجية الروسية في بيان أصدرته أمس أن لافروف سيشارك في اجتماع وزراء خارجية مجموعة ”بريكس” التي تضم البرازيل، روسيا، الهند، الصين وجنوب أفريقيا واجتماع رباعية الوسطاء الدوليين للتسوية الشرق أوسطية، وكذا جلسة السداسية الخاصة بالملف النووي الإيراني، غير أن سيرغي ايفانوف كبير موظفي الكرملين قال أمس أن روسيا يمكن أن تتخلى عن دعم الرئيس السوري بشار الأسد إذا ثبت عدم التزامه بتسليم السيطرة على ترسانة أسلحته الكيماوية، مجددا معارضة بلاده لأي تدخل عسكري في دمشق ما يفتح الباب أمام متشددين مرتبطين بالقاعدة، وأضاف ايفانوف في تصريحات نقلتها وسائل إعلام روسية في مؤتمر بستوكهولم ينظمه المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية ببريطانيا أن استعمال القوة في معالجة القضية السورية سيؤدي إلى تجاهل المفاوضات وهدم النظام مثلما حدث في ليبيا.