وهكذا يقطع الرئيس الطريق على المطبلين والمهللين للعهدة الرابعة، بعد تصريحاته إثر مجلس الوزراء أول أمس، عندما قال إننا على موعد مع استحقاقات انتخابية. ستكون هناك إذن انتخابات رئاسية في موعدها، وسيدخل المروّجون للعهدة الرابعة والتمديد، من أشباه الأحزاب وأشباه السياسيين وأشباه الوزراء، إلى جحورهم، بعد الصفعة التي وجهها لهم الرئيس. وتبين أنهم لا يفقهون شيئا في السياسة، ولم تكن تصريحاتهم، بمساندة الرئيس والترويج لعهدة رابعة أو التمديد إلا خوفا على مناصبهم ومصالحهم التي حققوها وليس عن جدارة وإنما بالتملق والمساندة اللامشروطة. ماذا سيقول وزراء مثل عمار غول، أو عمارة بن يونس، بعد هذا؟ أليس من حق الجزائريين مطالبة هؤلاء وغيرهم، بتسليم مفاتيح أحزابهم، والاختفاء من الساحة السياسية بعد أن تبين أنهم ليست لهم علاقة بها إلا الحفاظ على مصالحهم، بعيدا عن مصلحة البلاد ومستقبلها واستقرارها؟! فالعهدة التي كانوا يروجون لها هي عهدة لهم وليست للرئيس الذي سبق وقال إنه لن يترشح مرة أخرى، عندما قال من سطيف “عاش من عرف قدره” في ماي 2012. ثم أليس من حق الرئيس الذي بدا أمس، مريضا متعبا منهكا، أن يأخذ قسطا من الراحة، ولا يهتم إلا بصحته ويعيش ما تبقى له من عمر بعيدا عن ضغوطات المنصب، وثقل الملفات. اتركوا الرجل يرتاح، وهذ الكلام موجه لأهله قبل غيرهم. أليست الصور التي بثتها أمس التلفزة الوطنية وتداولتها وسائل الإعلام لرئيس متعب مقعد، مهينة للرجل، ولمنصبه وهيبته، ولهيبة البلاد كلها. ثم ما هي الرسالة التي يريد المشرفون على العرض توجيهها للرأي العام، عندما يجبرون الرجل على إجهاد نفسه والجلوس أمام وسائل الإعلام، غير إرضاء بعض الطامعين في الحفاظ على مصالحهم وامتيازاتهم؟! ألم يحن الوقت لنشكر الرجل على ما قدمه للبلاد من خدمات، إيجابية كانت أو سلبية، ونعفيه من مهمة ثقيلة لم يعد جسمه المنهك يقوى عليها، ونهتم بمستقبل البلاد، بعيدا عن الحسابات السياسوية الضيقة؟! فبعد ربع قرن من التعددية، وجدنا أنفسنا لا نمتلك أحزابا، ولا رجال سياسة قادرين على قيادة البلاد، فالكل يختبئ وراء الرئيس، معارضة وموالاة، والكل يكذب على نفسه وعلى المواطنين، ضمانا لبقائه. ليس فقط الرئيس الذي يحبب أن يرتاح ويعود إلى بيته، بعد كل هذه المعاناة، بل على المجتمع أن ينفض عنه أشباه الأحزاب التي ساهمت في جمود الساحة السياسية، ورهنت مستقبل البلاد، إذ لم تعد الأحزاب على تعددها مؤسسات لصناعة الرجال، وإطارات البلاد، واكتفت طوال هذه الفترة بربط مصيرها ومصير البلاد بالرئيس، بدل أن تشكل معارضة قوية تساعد هذا الأخير على تصحيح أخطائه والأخطاء التي وقعت في عهده، واكتفت بالتصفيق والمساندة، التي تنم على قصر نظر الطبقة السياسية وانعدام قدرتها الاستشرافية على المستقبل.