رفض ضيفا "الشروق" أن تكون المبادرة السياسية التي سيرفعونها إلى رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، بخصوص احترام آجال الانتخابات الرئاسية القادمة، وعدم إجراء أي تعديل للدستور قبل هذه الانتخابات، بأنها تدخل في إطار تصفية الحسابات مع بوتفليقة، أو أنها جاءت لمساندة رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس. أجمع عبد العزيز رحابي، ومحمد أرزقي فراد، على أن مطالبتهما إلى جانب العقيد المتقاعد أحمد عظيمي، الرئيس بوتفيلقة بعدم تعديل الدستور قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في أفريل 2014، ليست لتصفية الحسابات مع بوتفليقة، أو لقيادة حملة انتخابية مسبقة لصالح المترشح المفترض لرئاسيات 2014، الأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني، علي بن فليس، باعتبار أن رحابي وعظيمي كانا محسوبين على بن فليس في رئاسيات 2004. وأكد المتحدثين بأن المبادرة جاءت انطلاقا من الحس الوطني الذي يتمتع به أصحاب المبادرة، بعد ورود مؤشرات تدل على خطورة الوضع على الجزائر، في أعقاب ما حدث في الأفلان والظروف التي عيّن فيها عمار سعداني أمينا عاما للحزب العتيد، وتعديل الحكومة قبل ستة أشهر عن موعد الرئاسيات المقبلة. وأبرز ضيفا "الشروق" أن المبادرة تدخل في إطار المطالبة باحترام مبدأ التداول على السلطة، واتفقا في القول على أن موقفهما ليس سياسويا، وأكدا أن "السعي إلى تكريس مبدأ التداول على السلطة هو في صلب العمل الديمقراطي وقلب مبادئ الديمقراطية". وأضاف رحابي أن المبادرة بمثابة معاينة للوضع الحالي في الجزائر، وهي قراءة موضوعية للحالة الاقتصادية، حيث سجلنا العديد من الانجازات منذ الاستقلال، ولكن توجد نقائص كثيرة، منها انعدام المؤسسات، وتهميش للمؤسسات وانفراد الرئيس بوتفليقة بالسلطة. وأوضح ضيفا "الشروق" أن المبادرة لقيت تجاوبا وقبولا كبيرين لدى عامة الجزائريين سواء داخل أو خارج الوطن، مبرزين أن قضاة ومحامون وإطارات سامية في الدولة قد أعلنوا مساندتهم للمبادرة، وأنها ستوضع على الأنترنت قصد توقيعها من طرف الذين يوافقون الطرح.
قال بأنه بعث له نسخة من مسودة دستور 96 رحابي: بوتفليقة رفض الرد على مراسلة زروال كشف عبد العزيز رحابي وزير الإعلام الأسبق أن الرئيس ليامين زروال في إطار مشاوراته السياسية التي أطلقها مع الأحزاب والشخصيات ومختلف التنظيمات لتعديل دستور 1996، بعث بنسخة من نص مسودة مشروع الدستور، إلى الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، وطالب منه إبداء رأيه فيها، وإعطاء بعض الاقتراحات، ولكن بوتفليقة تجاهل طلب زروال ولم يرد عليه لا بالسلب ولا بالإيجاب. واعترف الوزير السابق بالمجهودات التي بدلها رئيس الجمهورية السابق ليامين زروال لوضع دستور يحظى بإجماع أغلبية الطبقة السياسية، حيث كشف المتدخل أن الرئيس زروال قدم مشروع دستور أرسله إلى الأحزاب السياسية آنذاك، معتبرا دستور 96 الدستور الوحيد الذي أسس لدولة الجزائر الحديثة، خاصة في مسألة تحديده للعهدات الرئاسية. ويرى رحابي أن دستور الرئيس السابق ليامين زروال "الديمقراطي" الوحيد، كونه نتيجة نقاش سياسي وطني مع كل الأحزاب والتشكيلات السياسية، كما أنه أعطى صلاحيات واسعة لرئيس الحكومة، صلاحيات كان يحلم بها الكثير من رؤساء الحكومات في العام، مبرزا أن الشخصيات المتعاقبة على رئاسة الحكومة سابقا، كانوا يطمحون إلى خلافة الرئيس في منصبه. واستغرب رحابي بالقول "أن الربيع العربي قضى نهائيا على الحكم مدى الحياة أو توريثه، إلا أن الجزائر تسير خارج اتجاه التاريخ، وتسير بخطى سريعة نحو التأسيس للحكم مدى الحياة، مضيفا أنه لو كانت مصر أو تونس أو ليبيا قد اعتمدت دساتير كدستور زروال لما وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم. ودون ذلك، يقول رحابي، أن الجزائر لم تعرف في تاريخها دساتير قائمة على أساس المصلحة العليا للبلاد كما هو معمول به في جميع دول العالم، بل تتوافر على دساتير تقوم على حاجة ظرفية لحل أزمة ظرفية خدمة لمصلحة خاصة، حيث أن بوتفليقة يقول قام في 2008 بتعديل الدستور بدون استشارة المجتمع المدني أو حتى النخبة. واكتفى بإعلان نيته في مراجعة الدستور في المحكمة العليا. وتابع رحابي بالقول أن الأحزاب السياسية خلال مشاوراتها مع الرئيس زروال طالبت بإسناد حقائب الوزارات السيادية، خاصة العدل والداخلية والإعلام لشخصيات غير متحزبة، وهو ما اعتمده الرئيس زروال، ولكن في العام 2013 كان الأوفياء للرئيس بوتفليقة هم المشرفون على هذه الوزارات التي تشرف بصفة مباشرة على تنظيم الانتخابات من بدايتها إلى نهايتها.
كلما ضعفت قدرات بوتفليقة الصحية قويت قراراته السياسية لاحظ الدبلوماسي ووزير الإعلام السابق عبد العزيز رحابي أنه كلما ضعفت القدرات الصحية للرئيس بوتفليقة، قويت قراراته السياسية، ما يوحي - بحسبه - بأن المقربين منه ومحيطه هم من يقفون وراء هذه القرارات. وشكك المتحدث في نسبية صحة قرارات الرئيس بوتفليقة التي شرع في اتخاذها منذ عودته من رحلته العلاجية بفرنسا، سواء ما تعلق بالتعديل الحكومي في الأيام الأخيرة لعهدته الرئاسية الحالية، أو التعديلات التي أجراها على مستوى المؤسسة العسكرية، وتساءل بالقول "كيف يعدل الرئيس الدستور قبل 6 أشهر عن موعد الرئاسيات؟. وكان رحابي عاد من جديد ليؤكد بأن خرجات بوتفليقة الأخيرة أراد منها توظيفا سياسيا. وذكر رحابي أن الرئيس بوتفليقة أقحم بقراراته الأخيرة الجيش مجددا في الحياة السياسية، وأراد توظيفه سياسيا، من خلال إيهامه الرأي العام بأنه يحارب الشرطة السياسية، وأن تسويق فكرة أن الجيش عرقله في تجسيد خارطته السياسية، ودعا رحابي إلى عدم تصديق مثل هذه الإشاعة، باعتبار أن الجيش الجزائري منضبط، وأن بوتفليقة وظف المؤسسة العسكرية في مكافحة الإرهاب والمعارضة على حد سواء.
قال إن الحكم أصبح شأنا عائليا أرزقي فراد: بوتفليقة اختزل الدولة في شخصه أعاب النائب السابق، أرزقي فراد، على الطبقة السياسية والمجتمع المدني، "عدم تحملها المسؤولية في العام 2008، عندما قرر الرئيس بوتفليقة تعديل الدستور بما يمكنه من الترشح لعهدة ثالثة، الأمر الذي أوصل البلاد، كما قال، إلى ما تعيشه اليوم من أزمات". وقال أرزقي فراد، وهو أحد أصحاب المبادرة الداعية إلى رفض تمديد العهدة الحالية للرئيس بوتفليقة: "نحن الآن على أبواب الانتخابات الرئاسية، وأعتقد أن الوقت مناسب لكي نتصدى لكل الممارسات التي من شأنها شرعنة الحكم على مدى الحياة"، متسائلا: "هل بقيَ للدولة مؤسسات عندما يلغي حكم صادر عن محكمة إدارية قرارا صادرا عن مجلس الدولة؟"، وذلك في إشارة إلى الترخيص بعقد دورة اللجنة المركزية للأفلان، التي أتت بعمار سعداني أمينا عاما للحزب العتيد. وأضاف المتحدث الذي حل ضيفا على منتدى "الشروق" أمس: "كانت هناك بارقة أمل في دستور 1989 الذي أرسى قواعد ديمقراطية كانت تبدو واعدة، غير أن تحطيم ذلك المسار في بداية التسعينات وما تلاه من سقوط البلاد في براثن حرب أهلية مدمرة، أعاد الوضع إلى مربع البداية". ومضى يقول: "بعد ذلك جاء رجل عسكري ممثل في شخص الرئيس السابق، اليمين زروال، وقدم خدمة للديمقراطية من خلال إعادته للحراك السياسي إلى وضعه الصحيح.. ومن دواعي الأسف، جاء الرئيس بوتفليقة في العام 1999، ليقول للجميع أنا الدولة والدولة أنا. لكن الدولة هي المؤسسات وليس الأشخاص ولو كان هذا الشخص بحجم رئيس الدولة". وعدّد البرلماني السابق عن حزب جبهة القوى الاشتراكية جملة من الممارسات التي قال إن الرئيس بوتفليقة سلطها على المبادئ الديمقراطية، مشيرا إلى أن الرئيس بوتفليقة بدأ بالتضييق على النواب من خلال التوجيهات التي أعطاها للوزراء والولاة بعدم استقبال ممثلي المؤسسة التشريعية، إلى أن انتهى الأمر إلى "تحويل الدولة إلى شأن عائلي"، وهو الأمر الذي وصفه ب "الخطير" على مستقبل البلاد والعباد، معتبرا ذلك بداية توجه نحو الحكم الفردي. وتأسف أرزقي فراد على الوضع الذي آل إليه حزب جبهة التحرير الوطني، الذي تحول برأيه إلى مجرد أداة لتحقيق نزوات بعض السياسيين، وتساءل: "هل قدر لحزب جبهة التحرير الوطني أن يلعب دور المجدد للإستبداد في البلاد وهو الذي تحمل بالأمس عبء تحرير البلاد من براثن الاستعمار؟".
"رفض التمديد" تهدف لإنقاذ ما تبقى من أركان الدولة قال أرزقي فراد إن المبادرة التي أطلقها رفقة كلا من وزير الاتصال الأسبق، عبد العزيز رحابي، والعقيد المتقاعد، أحمد عظيمي، هدفها تحقيق المبدأ الذي تحدث عنه بيان أول نوفمبر 1954، سيما ذلك المتعلق ب "إقامة دولة ديمقراطية"، وهو المبدأ الذي ظل مغيّبا منذ العام 1962، يقول المتحدث. وأوضح ضيف المنتدى: "ما قمنا به كان مبادرة ضمير، وأؤكد بأن لا علاقة لها بالتجاذبات التي تشهدها الساحة السياسية. فقد لاحظنا أن ما تحقق من بيان أول نوفمبر لا يتعدى تحرير البلاد من الاستعمار واسترجاع السيادة، أما المبدأ المتعلق بالدولة الديمقراطية التي يجب أن تقوم على قاعدة الفصل بين السلطات، فلم نشهد لها أثرا على الأرض، ولعل قضايا الفساد التي هزت البلاد في السنوات الأخيرة من نتائج غياب دولة المؤسسات". وأضاف: "قلنا إن تمديد العهدة الرئاسية يتعارض مع الدستور، لأنه يلغي المادتين 71 و74، ويقوّض ما تبقى من أركان الدولة، ولأن أفضل الجهاد قول كلمة حق في حضور السلطان، فقد قررنا قول الكلمة التي يجب أن تقال"، مشددا على أن المبادرة لا تطالب بمنع الرئيس من الترشح لعهدة رابعة، لأن ذلك من الحقوق المكفولة دستوريا.
علي ذراع ينتقد المبادرة ويشرّح الوضع: "أزمة الجزائر تكمن في طبيعة النظام القائم على إلغاء الآخر" انتقد الإعلامي والمحلل السياسي علي ذراع، المبادرة التي تطالب برفض تمديد العهدة الحالية للرئيس بوتفليقة، واعتبرها تسطيح للمشاكل العميقة التي تعاني منها البلاد، واختزالا لعمر أزمة أطول بكثير مما تقدمه المبادرة، على حد تعبير المتحدث. وقال علي ذراع: "كان على أصحاب المبادرة أن يصوغوها بشكل آخر. أعتقد أنه من السطحي اختزال أزمات النظام القائم في تمديد عمر العهدة الحالية للرئيس بوتفليقة"، وأوضح المتحدث أن مشاكل البلاد لم تبدأ بوصول الرئيس بوتفليقة إلى سدة الحكم، وإنما منذ البدايات الأولى للاستقلال، عندما سيطر جيش الحدود أو ما يعرف ب "جماعة وجدة" التي ينتمي إليها الرئيس بوتفليقة، على مقاليد الحكم وتهميش القيادات التي كانت موجودة بالداخل. وأوضح المتحدث: "لقد سيطرت جماعة وجدة على الحكم بالقوة وطردت كل من عارضها، وإلى غاية اليوم لا يزال هذا المنطق هو الذي يحكم في البلاد، ولذلك أقول إنه كان يتعيّن أن تتطرق المبادرة إلى هيكلة النظام القائم وممارساته، التي وضعته في واد والشعب في واد آخر". وأكد علي ذراع أن "مشكلة البلاد ليس في التعديل الدستوري المرتقب، وإنما أبعد من ذلك بكثير"، وتساءل: "هل القوانين السارية المفعول، بما فيها الدستور محترمة ومطبقة؟ هل النواب يحاسبون الحكومة على أدائها. بالتأكيد لا. إذن أعتقد أن المشكل أعقد بكثير، وأبعد من أن يحصر في محاولة جناح ما في السلطة تمديد العهدة الحالية لرئيس الجمهورية".