فتحت فرقة خاصة بمصالح الأمن تحقيقات موسعة في قضايا فساد تمس بالاقتصاد الوطني على مستوى مؤسسة ميناء العاصمة. واستنادا إلى مصادر متطابقة فإن التحقيق شمل مديرين وإطارات وموظفين ورؤساء مصالح ومتعاملين خواص، بتهم تتعلق بتبديد أموال عمومية ومنح امتيازات للغير في إبرام عقود وصفقات مخالفة للقوانين والتشريعات المعمول بها في مجال الصفقات العمومية. أفاد تقرير أعدته لجنة المفتشية العامة للمالية قدم لمصالح الأمن، بأن من بين أكبر القضايا التي كانت ولا تزال سببا في ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، تضخيم فواتير التخزين ومستحقات جر ورفع الحاويات وفرض إتاوات خيالية على المستوردين وتعمد التأخير في الشحن أو التفريغ أو ارتكاب أخطاء مفتعلة لربح أكبر فترة تخزين وغيرها، يدفعها المستورد دون تأخير أو تردد، وإلا فإن عداد الفاتورة سيزيد في تسارعه ويدفع المستورد الضحية أضعافها دون احتساب ما يترتب من غرامة عن التأخر في الدفع وكل أتعاب تضاف لسعر المنتوج. وتحقق مصالح الأمن في صفقات اقتناء عتاد مثل الرافعات وحاملات الحاويات هي الأخرى كانت لقمة سائغة لبعض مسؤولي الموانئ، فقد توصلت التحقيقات إلى أن معظم الرافعات التي تم شراؤها من قبل هي من النوع الرديء وذات قدرة متوسطة، لكن بأسعار مضخمة لتمكين شركائهم من الخواص في كراء معدات مينائية بدعوى الحاجة الماسة والطابع الاستعجالي، لكن النية الخفية هي عقود بالتراضي مقابل عمولات، وفي الأخير يكون أداء تلك المعدات أقل من عُشر المردودية اللازمة ولا يدفع ثمن ذلك سوى المستورد. وتجدر الإشارة إلى أن أكبر الفضائح التي عرفتها الموانئ، دسّ 5 أطنان من المخدرات في حاوية بالميناء الجاف بالرويبة وتكسير أجهزة السكانير لتمكين المافيا من تهريب المحظور، كما تورط عمال بميناء سكيكدة، في فضائح تهريب الأسلحة والذخيرة - التي أجهضت محاولات تهريبها - وميناء بجاية الذي تحوّل إلى ملكية خاصة، وميناء وهران الذي تحقق فيه المفتشية المالية منذ أيام مع مهربي الأسلحة، ومنح امتياز الحصول على ميناء جاف للخواص لوضع المستوردين بين نار الحجز ونار تكاليف التخزين، والأخطر من كل هذا أن الخزينة هي التي تدفع ثمن حاويات مكدسة في الموانئ الجافة عند مصادرتها، وتخصم فاتورة التخزين والتأمين من عائدات بيع المحجوزات في المزاد في حال نزاعات قضائية أو جمركية تنتهي بالحجز.