فلنكن صريحين جدا ونقر ونعترف بأننا دخلنا في نوع جديد جدا من أنواع الإدمان، إنه الإدمان الإلكتروني. ولا أبالغ أبدا في هذا المعنى، فهناك أكثر من عيادة لمكافحة الإدمان أطلقت برامج ل”معالجة” مدمني المواقع الإلكترونية ومدمني الأجهزة الإلكترونية الذكية المختلفة. والأرقام والإحصائيات لا تكذب أبدا، بل تدعم الموضوع جدا. دراسات مختلفة أجريت على أعداد غير بسيطة من المستخدمين والنتائج كانت مذهلة. 95 في المائة من الناس يعترفون بمشاهدتهم للتلفزيون وألعاب الفيديو أو استخدام جهاز الحاسب الآلي أو الهاتف الذكي وذلك في فترة وخلال ساعة من قبل موعد نومهم، وهناك إحصائية لا تقل أهمية تشير إلى أن 29 في المائة من مالكي أجهزة الهواتف الذكية أقروا بشكل صريح وواضح أنهم يعتقدون تماما في عدم قدرتهم على الحياة من دون التليفون، وهناك معلومة أخرى لافتة خرجت بها الدراسة نفسها تفيد بأن 63 في المائة من مستخدمي الهواتف الذكية لديهم قناعة بأن “تواجدهم المستمر” على الشبكة يولد اعتقادا لدى مرؤوسيهم أنهم قادرون على الإنجاز فيكلفوا بأعمال إضافية أكثر. وأظهرت الدراسة أن الأميركي يقضي معدل 41 ساعة أسبوعيا وهو يشاهد شيئا مرئيا على التلفزيون أو اللوح الذكي أو الحاسب الآلي أو الهاتف الذكي، مما يعادل خمس ساعات ونصف الساعة يوميا، وهناك أيضا رقم مفزع آخر أخرجته هذه الدراسة يفيد بأن أكثر من 44 في المائة من مستخدمي الهواتف الذكية ينامون وأجهزتهم بجوارهم على المخدة بالسرير، وأكثر من 50 في المائة من الأسر التي يزيد دخلها على 75 ألف دولار سنويا لديها لوح ذكي أو أكثر. والناس التي ينطبق عليها كل هذه الإحصائيات المرعبة تغير من أدائها مع الأجهزة الذكية بحيث تنجز 37 مهمة في الساعة الواحدة ما بين إجابة رسائل بالبريد الإلكتروني وتطبيقات اجتماعية أخرى مختلفة ومتنوعة. الأسر الأميركية صرفت في عام 2012 وحده أكثر من 231 مليار دولار كمشتريات وخدمات على شبكة الإنترنت كتجارة إلكترونية، وكذلك الأمر بالنسبة للارتفاع الهائل في استخدام ودخول البالغين الراشدين من مستخدمي الإنترنت إلى شبكات التواصل الاجتماعي الذي زاد إلى 72 في المائة بارتفاع من 67 في المائة في عام 2012. كل ذلك أدى ليكون في أميركا وحدها أكثر من 267 مليون مستخدما مستمرا ودائما لشبكة الإنترنت. هذا النوع من التطور النوعي لعلاقة الإنسان بالأجهزة الذكية وتطبيقاته ولد “اعتمادا” كبيرا، وبالتالي أعراضا نفسية وتصرفات اجتماعية “دخيلة وجديدة” على الفرد وعلى المجتمع، فخرجت علينا مصطلحات مستحدثة مثل “الجريمة الإلكترونية” و”التحرش الإلكتروني” و”التجارة الإلكترونية” و”الاحتيال الإلكتروني”، و”الإرهاب الإلكتروني”، والآن يأتي علينا نوع من الأمراض الخطيرة التي لا نعرف مداها وهو “الإدمان الإلكتروني”، حتى الآن لم تظهر دراسات كافية بعد لتقييم كامل “لأعراض” الإدمان الإلكتروني وتبعاته، مثل الانطواء والعنف والعصبية والانفصام في الشخصية وكل هذه النقاط يجري الحديث عنها كأعراض وتبعات واردة ومحتملة جدا. كليات طب محترمة تدرس الآن تطوير أقسامها لتدرس بعمق هذه المسألة؛ لأنها ستكون جزءا جديدا من العلل والتحديات التي ستنتشر مع زيادة رقعة المستخدمين وزيادة الاعتماد الهائل على الأجهزة الذكية في مسائل الحياة المختلفة. مرحلة جديدة ندخل فيها، مرحلة فيها الكثير من المجهول ولكنها فرصة مهولة للعلم.