ربط الكثير من المعلقين على صفحات التواصل الاجتماعي، تأهل الفريق الوطني لمونديال البرازيل بالعهدة الرابعة التي يطبل لها الأمين العام للأفالان ومن ورائه بعض الأوساط السياسية التي ارتبطت مصالحها بمحيط الرئيس، حتى أن أحدهم كتب على جدار بيته هذه الجملة المضحكة “العهدة الرابعة 1 - بوركينا فاسو 0”، خاصة وأن الجزائر تتأهل للمرة الرابعة للمونديال. لن تغطي هذه التعليقات التي لها مدلولها السياسي على فرحة الجزائريين بالتأهل إلى البرازيل، فكم نحن في حاجة إلى الفرح في هذا الجو السياسي المكهرب، ولا بأس أن نخرج لنفرح ونحتفل مهما كان السبب، بدل أن نخلد كل مساء إلى بيوتنا ونحن نفكر في ما آلت اليه البلاد من فساد. لا بأس أن يأتي هدف مجيد بوڤرة، لينسينا خرجات عمار سعداني وإخوته في التلفزيونات مبشرا بما ليس فيه ما يبشر، موحيا بأن هناك أزمة سياسية في الأفق لا قدّر الله. ربما جاءت فرحة هذه السنة باردة فلم يصاحب التأهل إلى المونديال الضجة التي أحدثها تنافسنا مع الفريق المصري في المرة السابقة، فهذه المرة لم نتواجه مع المصريين، ولم يتعرض فريقنا للاعتداء الذي جعل الجزائريين، كل الجزائريين يقفون صفا واحدا خلف الفريق والعلم، لأن الجزائر أهينت لما أهين فريقنا، وتعرضت لحملة إعلامية شرسة، فكان الرد يومها بالتحدي. ثم ليست الجزائر وحدها التي تستغل الرياضة وكرة القدم تحديدا لأغراض سياسية. ألم تجعل مصر مبارك مسألة التأهل للمونديال في 2010 فرصة للتوريث، وحضرت الاحتفال بجمال نجل مبارك كصانع لأفراح المصريين، وأرادت أن تفرش له الطريق إلى قصر الحكم من خلال التأهل ومن خلال ضرب عرض الجزائر والجزائريين، إلا أن الثورة كنست هذا الحلم وها هو مبارك ونجله يقبع أحدهما في السجن والآخر في الإقامة الجبرية بعد إهانة فاقت السنتين ومازالت مستمرة، فالشعوب هي من تقرر في النهاية مصيرها وخياراتها. حتى البلدان الأخرى خاصة في العالم الثالث التي تعطلت عجلة التنمية بها، فهي تبني مع ذلك الملاعب وتصرف على الأندية الكروية ميزانية تفوق أحيانا ميزانية المدرسة، بل إن رواتب اللاعبين بها يفوق رواتب الوزراء والحكام، لا لشيء إلا لأنها تتخذ الكرة مسكنا إن لم أقل مخدرا للشباب خاصة جيوش العاطلين عن العمل، وذوي الآفاق المسدودة، فالملاعب هي متنفس للشباب ومتابعة أخبار الكرة والفريق الوطني تنسيهم الاهتمام بأخبار الحكام وتلهيهم عن كيفية تسيير الشأن الوطني، لكنها مسكّنات إلى حين. لقد أجل تأهل الجزائر إلى المونديال سنة 2010 انفجارا اجتماعيا كان وشيكا، لكن الانفجار وقع ويقع كل يوم ليس بالصورة، التي حدث بها في الشارع العربي لكنه يقع كل يوم في جهات متفرقة من الوطن، وكل يوم تنتفض قرية ما أو حي ما على الأوضاع، وتأتي الدولة في المقابل بمسكناتها، وقد شاهدنا ما وقع السنة الماضية في مناطق الجنوب الغنية بالنفط، فلولا الإجراءات غير المسبوقة التي اتخذتها الحكومة لكانت الكارثة. ثم بماذا ستستعين الحكومة حتى وإن تحققت العهدة الرابعة وترشح الرئيس وفاز، وهو سيفوز حتما بالعهدة الرابعة أن ترشح ولم تمنعه صحته المتدهورة من قيادة حملة انتخابية أمام منافسين له، بماذا ستستعين، إذا ما طرد الفريق الوطني من الدور الأول في البرازيل مثلما يوحي به المستوى الضعيف للفريق الوطني؟ هذا إذا لم تتخذ الدولة إجراءات خاصة لمحاربة الفساد ومعاقبة المتورطين في قضية سوناطراك والقضايا الأخرى التي نخرت جسد الجزائر في السنوات الأخيرة، فترشح الرئيس لعهدة رابعة بفضل التأهل إلى المونديال لن يحل المشاكل التي تتخبط فيها البلاد، مع أن الوزير الأول يسعى جاهدا لإطفاء نار الاحتجاجات عبر الوطن، ولم يترك ولاية إلا و زارها وقدم ميزانيات مغرية؟ على العموم لن نترك الفرصة لمن يريد إفساد فرحتنا بربط التأهل بالعهدة الرابعة مسبقا خاصة وأن بوتفليقة لم يقل كلمته بعد، ولا أظنه يحذو حذو مبارك ليعود على ظهر كرة تتقاذفها الأقدام، فبوتفليقة ليس في حاجة إلى فريق “يؤهله” إلى السلطة، هو في حاجة فقط لأن يرتاح ويشفى وكل شيء بمشيئة الله.