خبراء يرسمون واقعا أسودا حول الطفولة في الجزائر رغم ما حققته الجزائر بعد الاستقلال خاصة في مجالي الصحة والتعليم بالنسبة للأطفال، إلا أن الأرقام التي قدمها ممثل اليونسيف في الجزائر بفندق الهليتون، أمس الأول على هامش الاحتفال بالذكرى الرابعة و العشرين للاتفاقية الدولية لحماية الأطفال، تجعل الخبراء يدقون ناقوس الخطر، خاصة في مجالي الصحة والتعليم. كشف ممثل اليونيسيف في الجزائر، توماس دافين أن الجزائر، حققت الكثير من المكاسب لأطفالها خاصة في مجالي الصحة و التعليم، وهذا مقارنة ببلدان مجاورة كثيرة، حيث بلغت نسبة التمدرس في المراحل الأولى في الجزائر نسبة مائة بالمائة. لكن هذه المكاسب تبقى محل مساءلة بوجود عدة تحديات جعلت الخبراء الذين اجتمعوا في الهيلتون يرسمون واقعا أسود لمستقبل هذه الشريحة في الجزائر، والتي ليست إلا مستقبل البلد في الحقيقة. وكشف توماس دافين أن 70 في المائة من الأطفال الرضع يموتون سنويا 50 في المائة منهم خلال الأسابيع الأولى للحياة، نسبة وفيات الرضع ربطها توماس دافين بالظروف المحيط بالرضيع الجديد، منها نظافة المحيط الصحي وظروف الولادة وأيضا حجم الرضاعة الطبيعية التي لا تزيد عن نسبة 7 في المائة في أوساط النساء الجزائريات. تحقيق الجزائر لأرقام قياسية في توفير المقاعد البيداغوجية لأطفالها، خاصة في السنوات الأولى من الدراسة، لا يعني بالضرورة أن نظامها التربوى بألف خير، فأرقام اليونيسيف تؤكد أن أقل من 10 في المائة فقط من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 4 و 6 سنوات يذهبون إلى الحضانة أوالمدارس التحضيرية. وأكد خبير اليونيسيف في الجزائر أن هذه المرحلة جد مهمة في حياة الطفل من أجل مستقبل أفضل تتجسد لاحقا في التحصيل الدراسي و العلمي وحتى العملي للفرد. من جهتها، صبرينة قهار، ممثلة المرصد الوطني لحقوق الطفل، أكدت خلال مداخلتها على هامش الحدث أن سنة 2013 كانت سنة النضال من أجل حقوق وحماية الأطفال في الجزائر متوقفة بلغة أرقام عند جميلة من الظواهر التي صارت تتهدد حياة أطفالنا، حيث كشفت المتحدثة أن 20 ألف طفل يموتون سنويا في الجزائر 15 ألف منهم قبل بلوغهم السنة الأولى من الحياة، وتسجيل 6 آلاف طفل ضحية الاعتداءات الجنسية سنويا 80 في المائة منهم في الوسط العائلي وتسجيل 10 آلاف حالة عنف ضد الأطفال عام 2012 وحوالي 6 آلاف حالة ولادة خارج إطار الزواج سنويا في الجزائر، و 3500 طفل عامل في الجزائر و 20 ألف طفل في الشوارع مقطوعي الصلة بأي محيط محمي، زيادة على كون 25 في المائة من أطفال الجزائر مدمنون و 3 في المائة منهم يستهلكون المخدرات بصفة دورية، و15 ألف طفل يقف سنويا أمام المحاكم، سنهم بين 12 و 18سنة. صبرينة قهار توقفت أيضا عند الحماية الصحية للأطفال، حيث كشفت أن 14 في المائة من أطفال الجزائر يعانون من البدانة، وهذا بسبب اختلالات النظام الغذائي. اختلالات النظام الغذائي ليست الوحيدة التي يعاني منها أطفال الجزائر، فاختلالات النظام التربوي أيضا تلقي بظلالها على المدارس الجزائرية و تهدد امن البلد الفكري، فقد دعت قهار باسم المجلس العلمي للمرصد الجزائري لحقوق الأطفال السلطات الوصية، وفي مقدمتها كل من وزارة التربية والنقابات إلى الكف عن جعل أطفال الجزائر رهينة للصراعات الإيديولجية تتجاذبها النقابات المتصارعة مع وزارة التربية.. ما أثر سلبا على مردود التلاميذ وضعف المحتوى البيداغوجي، فالمدارس الجزائرية صارت تعاني من الاكتظاظ وغياب أي تقييم يأخذ بعين الاعتبار الظروف المحيطة. وقد كشفت المتحدة أن 2 في المائة فقط منهم الأطفال المتمدرسين يمارسون نشاطا ترفيهيا أو رياضي في نادي أومؤسسة ترفيهية. من جهته، قال البروفسور مصطفى خياطي، رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة، أن هناك ما لا يقل عن 400 ألف طفل سنويا يغادرون مقاعد الدراسة قبل نهاية المرحلة الابتدائية، 60 في المائة منهم ذكور. في سياق متصل قال خياطي، لدى عرضه لحصيلة المدرسة الجزائرية منذ الاستقلال، 93 في المائة من التلاميذ يعيدون السنة في الأولى ثانوي، وأن المدارس الجزائرية عرفت تسرب مليوني تلميذ خلال السنتين الأخيرتين قبل نهاية المرحلة الابتدائية. وفي مداخلته حول واقع المدرسة الجزائرية، قال الأستاذ علي تعوينت إن الأنظمة التي جربتها الجزائر من المدرسة الأساسية إلى نظام المقاربة بالكفاءات الحالي، تم تطبيقه بدون أن يكون لنا أساتذة مؤهلون لاستثمار هذه التجارب بشكل إيجابي. ولعل مردود المدارس والتسربات المدرسية تعطي صورة واضحة عن فشل استثمار هذه التجارب. من جهتها، رئيسة المجلس العلمي للمرصد الجزائري للدفاع عن حقوق الأطفال، صبرينة قهار، تحدثت عن قانون العقوبات المقترح للبرلمان، والذي يحتوى مواد حول العقوبات المسلطة على مختطفي ومغتصبي الأطفال، قالت قهار إن هذا القانون لا يحل المشكل أبدا، ودعت في المقابل إلى وجوب الإسراع في إعداد قانون خاص بالطفولة في الجزائر يحمي الحقوق المادية والمعنوية لهذه الشريحة، خاصة أن الأرقام تشير إلى أن 76 في المائة من حالات العنف المسجلة ضد الأطفال تأتي من المحيط العائلي.