حقائق وخفايا مجهولة في حياة الزعيم الإفريقي.. على أثر مانديلا مع زعماء الجزائر خلّف رحيل نيلسون مانديلا أول رئيس أسود لجنوب إفريقيا ورمز النضال ضد نظام الفصل العنصري الخميس موجة كبيرة من ردود الأفعال في أنحاء العالم وتوجه رؤساء العالم بتحية عرفان وتقدير لهذه الشخصية الاستثنائية، ولم يحظ أي رئيس دولة أو مقاوم سياسي أو حائز جائزة نوبل أو سجين رأي بمثل هذا الكم من تعابير الاحترام والتعبير عن الحزن من كل أنحاء المعمورة، إذ أجمع القادة السياسيون الذين سيحضرون مراسم جنازة الرئيس السابق لجنوب إفريقيا الذي أمضى 27 عاما في سجون نظام الفصل العنصري، وهذا بعض من فيض ردود أفعال المجتمع الدولي. وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذي أعلن تنكيس الأعلام في الولاياتالمتحدة أن فقدان مانديلا تعد خسارة لواحد من الرجال الأكثر تأثيرا والأكثر شجاعة وأطيب الأشخاص على هذه الأرض، رجل قام بتغيير جنوب إفريقيا بفضل عزة نفسه وإرادته الصلبة للتضحية بحريته من أجل حرية الآخرين. من جهته اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن مانديلا كان مصدر إلهام للعالم أجمع، مشيرا إلى ضرورة الاستلهام من حكمته وتصميمه والتزامه بالعمل من أجل عالم أفضل، فيما وصف رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو من بروكسل يوم رحيل مانديلا بالحزين لإفريقيا وللأسرة الدولية قاطبة، مشيرا إلى أنه أعظم الشخصيات في العصر الحالي، كما عبر أعضاء مجلس الأمن الدولي عن تقديرهم الشديد للصفات الأخلاقية والسياسية الاستثنائية التي لازمت الراحل الذي سيبقى على الدوام في الذاكرة كفرد ضحى بريعان شبابه لتحقيق مستقبل أفضل لأبناء بلده. وقال رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز، أن جنوب إفريقيا فقدت أباها والعالم فقد بطلا فذاً، مشيدا بمانديلا كأحد أكثر الشخصيات إنسانية وأبرز من مثّل المعركة ضد العنصرية والعنف السياسي وعدم التسامح. من جانبه وصف رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون رحيل الزعيم الإفريقي بأفول نور كبير، وطلب تنكيس العلم أمام مقر رئاسة الحكومة تعبيرا عن الحزن عن فراق نيلسون مانديلا بطل الزمن الحالي، أما الرئيس الأسبق بيل كلينتون فقد وصف مانديلا ببطل الكرامة الإنسانية والحرية، مؤكدا أن التاريخ سيذكر مانديلا بطلا للكرامة الإنسانية والحرية والسلام والمصالحة، وفي باريس، أشاد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بمانديلا الذي وصفه بالمقاوم الاستثنائي والمقاتل الفذ الذي جسد شعب جنوب إفريقيا وأساس وحدة وعزة إفريقيا بأكملها، فيما قال وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس أن مانديلا أب إفريقيا وعماد النضال من أجل الحرية والمصالحة. ومن آسيا أشاد الرئيس الصيني شي جينبينغ بالمساهمة الاستثنائية التي قدمها مانديلا لتطوير الإنسانية فيما شبهه رئيس الوزراء الهندي منموهان سينغ بالمهاتما غاندي، كما أعلنت إيران مشاركتها أحزان الجنوب إفريقيين وحدادهم على رحيل الأب مانديلا، وكتب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على تويتر، “مانديلا كان ثوريا من أجل الحرية ولم يهزم الطغيان والعنصرية والفصل العنصري بل هزم أيضا القوة والغضب والحقد والعنف ومشاعر الانتقام”. وفي رام الله، نعى الرئيس الفلسطيني محمود عباس رئيس جنوب إفريقيا السابق ووصفه بفقيد شعوب العالم أجمع، وقال ديزموند توتو كبير أساقفة جنوب أفريقيا السابق وأحد أهم المناضلين ضد نظام الفصل العنصري إن مانديلا “علمنا كيف نعيش معا ونؤمن بأنفسنا وبجميع الآخرين”. جمعتها: الطاوس.ب رحيل “ماديبا” آخر عناقيد النضال في القارة السمراء رحل “ماديبا” الرئيس الأسبق لجنوب إفريقيا بعد مرض عضال لازمه طيلة السنوات الأخيرة تعرض، خلالها لانتكاسات متتالية تمكنت آخرها من إطفاء الشمعة ال95 من عمره لكنها لن تمحو وهيج نضاله من ذاكرة أمّتِه ولا تاريخ شعوب العالم قاطبة، ف”العظيم المبجل” كما تحبذ قبيلته مناداته واحد من أبرز الشخصيات العالمية التي رسمت لنفسها مسارا مميزا ترك بصمةً خاصة في سجل الدفاع عن حقوق الإنسان ونبذ العنصرية التي دحرها بصبر الرجال وحنكة العظماء العقلاء، مُقْتديا بالمهاتما غاندي بتطبيق فلسفته في تحدي صعاب الحياة متسلحا بالكبرياء والكرامة. غادر قاهر العنصرية وخادم الإنسانية نيلسون مانديلا الحياة ليصبح مِلْك العصور والأزمنة تاركا وصمته في النضال من أجل العدالة وإعلاء صوت المظلوم على الظالم على صفحات التاريخ شاهد إثبات على مسيرته الطويلة والمثيرة في سبيل إرساء مبادئ المساواة وحق الشعوب في العيش الكريم. “ماديبا” ...الإنسان ولد نيلسون مانديلا بقرية ميزو في منطقة ترانسكاي ينحدر من قبيلة “مفيزو” التي كان والده فاني نوسيكيني رئيسا لها، وهو ابن الزوجة الثالثة إذ كان الأب متزوجا من أربع نساء، وله 13 إخوة تسع بنات وأربعة أولاد، تيتم مانديلا وهو لا يزال غرا صغيرا حيث تكفل والده برعايته، جلس مانديلا على مقاعد الدراسة في سن السابعة كأول فرد من العائلة يلج مجال التعليم ومنحه معلمه إسم “نيلسون”، بعد سنتين توفي والده وتولى مانديلا إعالة العائلة، وتابع دراسته بمعهد “Clarkebury”، عاش فترة دراسية مضطربة وتنقل بين العديد من الجامعات كما تابع مانديلا الدراسة بالمراسلة من مدينة جوهانسبورغ، وحصل على الإجازة ثم التحق بجامعة ويتووترساند لدراسة الحقوق. مانديلا السياسي... تواضع العظماء وكبرياء البسطاء بدأ نيلسون مانديلا نشاطه السياسي في صفوف المعارضة الساخطة على حكم الأقلية البيضاء بجنوب إفريقيا، منتفضا على التجاوزات والانتهاكات الناكرة للحقوق السياسية، الاجتماعية والاقتصادية لذوي البشرة السوداء المشكلين لغالبية المجتمع الجنوب إفريقي، سنة 1942 انضم مانديلا إلى المجلس الإفريقي القومي المدافع عن حقوق السود الذي انتصر بعد ثمان سنوات. تبنى زعيم جنوب إفريقيا في بداية نضاله الخيار السلمي لمجابهة سياسة التمييز العنصري لكن استفزازات الطبقة الحاكمة لم تترك له خيارا، خاصة بعد فتح النار على أبرياء عُزّل سنة 1960 الذين خرجوا في مظاهرات مناهضة للعنصرية، فقرر تبني جبهة المقاومة المسلحة، وسنة 1960 أصبح مانديلا رئيس الجناح العسكري للمجلس القومي غير أن ذلك لم يدم طويلا واعتقل بعد سنة أي 1961 وهو قادم من الجزائر وحكم عليه بخمس سنوات سجنا بتهمة مغادرة البلاد بشكل غير قانوني والتخطيط للإضرابات، وقبل أن يستوفي فترة حكمه تغيرت عقوبته إلى السجن مدى الحياة بتهمة الخيانة العظمى. أسْرٌ رَفَعَ من شعبية الراحل الذي لم تنجح عتمة زنزانة سجن “بيلمور” ولا بابها الموصد الذي أطبق عليه طيلة 28 عاما في الحيلولة بينه وبين مناضليه رغم أنها عزلته جسديا عن ساحة المقاومة لكن روحه بقيت محلقة ترفرف متشبثّة بالحرية وناقمة عن العنصرية، بدليل الرسالة التي نشرت بتاريخ 10 جوان 1980 والتي استطاع مانديلا إرسالها للمجلس الإفريقي القومي قال فيها: “إتحدوا! وجهزوا! وحاربوا! إذ ما بين سندان التحرك الشعبي، ومطرقة المقاومة المسلحة، سنسحق الفصل العنصري”. كما فشلت محاولة السلطات سنة 1985 في كسر عنفوانه وتدنيس كرامته ومساومته على الحرية مقابل وقف المقاومة، لأن عزة نفسه وإيمانه الراسخ بقضية شعبه وقفا في وجه كل الإغراءات ففشلت الصفقة، عن اقتناع من الراحل بأن حرية العقل لا تضاهيها حرية جسده الذي بقي مقيدا خلف القضبان إلى غاية ال11 فيفري عام 1990، أين أثمرت جهود المجلس القومي وضغوطات المنظمات الإنسانية الدولية في تحطيم قيود أسره. رحل مانديلا الرجل الذي كان صوت من لا صوت لهم وساند من لا ظهر لهم، ورحلت شجاعة بطل لم يقبل الترويض يوما، كيف لا وهو من رد على من عرضوا عليه الحرية مقابل تخليه عن مبادئه قائلا “الرجال الأحرار فقط يمكنهم التفاوض، ولا يمكن للسجناء عقد اتفاقيات”، رحل “ماديبا” رمز الصمود والقوة والتضحية الذي حمل شعلة الحرية منذ وعيه الأول بأن حرية الفرد هي ركيزة استقلال الوطن، رجل تجلّت فيه قيم التسامح وقت الانتصار، من أجل عدالة تبسط التعايش بين السود والبيض وتتجاوز عن أخطاء الماضي حتى لا تتعثر خطوات المستقبل. زعيم بلد يذهب فيه الرجال إلى السجن ليصبحوا رؤساء تقلد الرئيس الأسبق لجنوب إفريقيا العديد من المناصب إذ تولى في الفترة الممتدة من جوان 1991 إلى ديسمبر 1997 رئاسة المجلس الإفريقي، ليصبح شهر ماي 1994 أول رئيس أسود يقود جنوب إفريقيا إلى غاية 1999، وهي فترة أحرزت فيها البلاد قفزة نوعية من حكم الأقلية إلى حكم الأغلبية، ولكن ذلك لم يمنع البعض من انتقاد فترة حكمه لعدم اتخاذ سياسات صارمة لمكافحة الايدز من جانب، ولعلاقاته المتينة من جانب آخر بزعماء معارضين للسياسات الأمريكية كالرئيس الكوبي فيدل كاسترو، كما كان له عدد من الآراء المثيرة للجدل في الغرب مثل أرائه في القضية الفلسطينية ومعارضته للسياسات الخارجية للرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش، وغيرها. كما لم تُثنه فترة التقاعد بعد عام 1999 عن دعم القضية التي سكنت روحه، فواصل نضاله إلى جانب الجمعيات والمنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان، أكسبته الكثير من التقدير والاحترام والتشريفات من كبار رؤساء العالم، وفي سن الخامسة والثمانين وتحديدا شهر جوان من عام 2004 قرر نيلسون مانديلا اعتزال الحياة العامة بعد أن أصبح جسده لا يقوى على حمله، واختار قضاء ما بقي له من عمر بين أحضان العائلة. تشريفات رجل أرضخ سياسة فرق تسد ... وأعلى مبدأ الحرية تسود إضافة لجائزة نوبل للسلام التي نالها في عام 1993 بالاشتراك مع فريديريك ويليام دي كليرك، تلقى نيلسون مانديلا أكثر من مائتين وخمسين جائزة وطنية ودولية خلال أكثر من 40 سنة منها: - 1980: جائزة جواهرلال نهرو للسلام. - 1990: ثاني أجنبي ينال “Bhârat Ratna” أعلى تشريف هندي. - 1991: نال مع الرئيس فريديريك ويليام دي كليرك، جائزة Félix-Houphouët-Boigny للبحث عن السلام، مع نهاية نظام أبارتيد. - 1992: رفض جائزة مصطفى كمال أتاتورك للسلام التي تقدمها تركيا احتجاجا على الخروقات المسجلة لحقوق الإنسان آنذاك، ثم قبلها لاحقا عام 1999. - 1995: منح دكتوراه شرفية من جامعة واسيدا. - 1996: شُرِّف في البرتغال بوسام من رتبة Infante Dom Henrique. أول شخصية حية تحصل على المواطنة في كندا. - 2002: نال وسام الحرية الرئاسي من جورج دبليو بوش، وفي ذات السنة الملكة إليزابيث الثانية تعينه عضو من وسام الاستحقاق. - 2004: حصل على جائزة الوعي الكوكبي من نادي بودابست. - 2006: حضي بجائزة سفير الوعي من منظمة العفو الدولية. وبتاريخ 10 نوفمبر 2009 الجمعية العامة للأمم المتحدة تعلن يوم 18 جويلية “اليوم الدولي لنيلسون مانديلا، وشُيّد لمانديلا تمثال في ساحة البرلمان بالعاصمة البريطانية لندن. حقائق وخفايا مجهولة في حياة الزعيم الإفريقي .. على أثر مانديلا مع زعماء الجزائر
يعتبر الزعيم الإفريقي نيلسون مانديلا “الجزائر وطنه الثاني” مؤكدا في اعتراف نادر أنه تعلم مع الثوار الجزائريين بمدارس جيش التحرير أبجديات الكفاح المسلح خلال تواجده بجبال الأحرار خلال سنوات الخمسينات وتحديدا عامي 56 إلى 58، ومن هنا كانت المحطة الأولى من الجزائر إلى قيادة تحرير الرجل الأسود من الاستعباد العنصري. يكشف الأرشيف التاريخي أن الزعيم الإفريقي نيلسون مانديلا تلقى تدريبا عسكريا في الجزائر التي قدم إليها في سنة 1962 حين كان الرئيس الأسبق الراحل أحمد بن بلة الذي تربطه علاقة “روحية” عبّر عنها الشخصيتين في أكثر من مناسبة، وهذا عاما فقط بعد أن أسس رفقة رفاقه الجناح المسلح في حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الذي كان يناضل ضد نظام التمييز العنصري، ويعد مجيء مانديلا إلى الجزائر أيام دعم الجزائر لحركات التحرر في إفريقيا والعالم رغم أنها لم يمر على استقلالها إلا شهورا أو سنة على الأكثر. “حديث مع نفسه” يكشف خفايا استنجاده برفاق ثورة نوفمبر ولا يخفى على أحد علاقة نيلسون مانديلا الثوري والتحرري بجزائر الثورة والتحرر، حيث كانت مصدرا استلهم منها مبادئ العزة والحرية وفنون النضال السياسي والعسكري في الستينات، واستعاد نيلسون مانديلا، رئيس دولة جنوب إفريقيا سابقا، وأحد الوجوه البارزة في مسار تحرر إفريقيا، عبر كتابه الجديد الموسوم ‘'حديث نيلسون مانديلا مع نفسه''، هذه العلاقة سنوات الثورة التحريرية، ويقول مانديلا ‘'الثورة التي قامت بها الجزائر تستحق أن نعود إليها ونتذكرها''، وذهب إلى حد سرد لقاء له مع المناضل شوقي مصطفاي، الذي قصّ على مانديلا، خلال زيارته إلى الجزائر، بعض التفاصيل عن تنظيم جبهة التحرير ومحاولة السلطة الكولونيالية الفاشلة في عزل الثورة من خلال وضع خطي شال وموريس، ووقّع توطئة الكتاب نفسه الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، الذي عبّر عن تعلقه بالتجربة الإنسانية التي قادها نيلسون مانديلا. ومن خفايا نضاله التي ظلت مجهولة إلى وقت قريب أن بداية اهتمامه بالعمل السياسي لم تكن سلمية مثلما هو متداول وإنما عرف مرحلة العمل النضالي المسلح وفي هذا الإطار ذكر في مذكراته كيف أنه تعرف على بعض القياديين من الجزائر الذين أقنعوه بضرورة اللجوء للسلاح في سبيل استرداد أرض جنوب إفريقيا من أيدي البيض، إذ يشير إلى أن قيادة الثورة بعثت له بمجموعة من الخبراء العسكريين لتدريبه على استعمال السلاح. خطاب بوتفليقة وشهادة جودي وفي شق آخر تحدث عن طرق تجنيد الجيش الجزائري لعناصره، حيث أكد أنه لم يكن من السهل الانتماء لهذا الجيش حديث النشأة، ويسرد في هذا السياق عددا من أساليب التجنيد. الكتاب في مجمله وثيقة تاريخية مهمة، على اعتبار أنها صادرة عن شخصية تعد من أهم الشخصيات الشاهدة على العصر، على اعتبار أن مساره تقاطع مع شخصيات وبلدان جعلت منه مؤهلا لإدلاء بوجهة نظره التاريخية التي ستظل عِبرة لكل من يرغب في فهم التاريخ المعاصر. من جانبه يروي سفير الجزائر سابقا بجنوب إفريقا ورفيق مانديلا أثناء اتصاله بالثورة التحريرية، نور الدين جودي، اللقاء الذي جمع هذه الشخصية “الرمز” بقيادة جيش التحرير الوطني بالجهة الغربية للوطن في مارس 1962. وقال في هذا الصدد بأن مانديلا “كانت له رغبة في الاستفادة من تجربة الثورة الجزائرية التي أوشكت على النهاية من أجل نقلها إلى جنوب افريقيا التي كانت وقتها تئن تحت سياسة الميز العنصري كما لمس جودي من خلال لقائه بمانديلا “إطلاعا من هذا الأخير على تاريخ الجزائر ورجالها”، مشيرا إلى أن الجزائر وبالرغم من معاناتها وقتها من الاستعمار، إلا أنها عملت على مد يد المساعدة لمانديلا ورفاقه، وهو ما تعزز بعد الاستقلال عبر مناهضة نظام الميز العنصري ودعمها لحركات التحرر في إفريقيا والعالم قاطبة. وفي هذا الشأن كان عبد العزيز بوتفليقة وزير الخارجية آنذاك ألقى خطابا في خلال الدورة 29 لهيئة الأممالمتحدة قدم من خلال مرافعة قوية ضد نظام “الأبارتيد” فاضحا ممارساته الارهابية ضد شعب جنوب إفريقيا مطالبا المجتمع الدولي باتخاذ تدابير عاجلة لانقاذه من سيطرة بيض الغرب المدعمين وقتها من طرف بريطانياوالولاياتالمتحدةالأمريكية. من الزنزانة إلى الجزائر ولقاء مهري وبن بلة وأكد مانديلا تشبثه بالجزائر، مرة أخرى، عندما قام بزيارة تاريخية لها سنة 1990، أي خلال نفس السنة التي أطلق سراحه فيها، وهو ما أقنع بعض الوجوه التاريخية إلى القول بأن هذا الرجل الذي “يحمل الجزائر في قلبه”، البلد الذي وصفه ب”قبلة الحركات التحررية”. وهنا ذكر المجاهد والسياسي المخضرم الراحل، عبد الحميد مهري، في وقت سابق وفي مناسبة مماثلة، بأنه “تشرف” باستقبال مانديلا في الجزائر في 1990، وقال إن قيادة الثورة الجزائرية خاضت نفس النضال الذي خاضته جنوب إفريقيا، وأشار إلى أن بعض مناضلي الحركات التحررية من إفريقيا، من بينهم نيلسون مانديلا، قد أقاموا بالجزائر واستفادوا من تدريب عسكري، وأوضح أن هذا المناضل قد نجح في إرساء قواعد مصالحة وطنية في جنوب إفريقيا، مشيرا بالمناسبة إلى أن الجزائر ستستمر في مكافحة “مخلفات” الاستعمار الفرنسي. وللتذكير فإن نيلسون مانديلا الذي يصغر الراحل بن بلة بسنتين يلقب ب”توأم روحه” لتقاطع مراحل حياتهما في عدة نقاط مشتركة إذ لا تختلف حياته عن حياة بن بلة، حيث تم الزجّ به في السجن عندما استقلت الجزائر، وخرج منه بعد عشر سنوات من إطلاق سراح بن بلة، وعندما حصل نيلسون مانديلا على جائزة نوبل للسلام عام 1993 قال إن أول شخصية هنأه هو الرئيس الأسبق بن بلة الذي لم يجد من يقف إلى جانبه ليحصل على نوبل رغم أنه إلى غاية سن التسعين كان يدافع عن حق الشعوب في التحرر. 67 دقيقة لمكافح نظام “الأبارتيد” ويحيي العالم اعتبارا من 2010 يوما سنويا يصادف تاريخ 18 جويلية من كل عام كمناسبة لإحياء ذكرى اليوم العالمي لنلسون مانديلا حيث دعا الأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة، بان كي مون، من الجزائر، كل شخص في المعمورة إلى تخصيص 67 دقيقة من وقته لأعمال ذات منفعة عامة، وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبعد مصادقتها على لائحة سنة 2009، قد أقرت عيد ميلاد هذا الزعيم المصادف ل18 جويلية يوما عالميا له، وذلك بداية من سنة 2010 عرفانا له ولنضاله في سبيل الحرية ومناهضة العنصرية. يذكر أن نيلسون مانديلا، ولد سنة 1918، كان أحد الزعماء التاريخيين في الكفاح ضد التمييز العنصري ونظام الأبارتيد في جنوب إفريقيا عندما انضم للمؤتمر الوطني الإفريقي الذي أصبح قائدا له فيما بعد، وقد قضى نيلسون مانديلا 27 سنة في السجن بسبب نضاله، ولم يطلق سراحه إلا في سنة 1990، قبل أن ينتخب رئيسا لجنوب إفريقيا.