تشير توقعات الخبراء في الشؤون الاقتصادية إلى أن ظروف الجزائر ستمر بظروف مالية صعبة خلال سنة 2014، من منطلق التجاذبات التي تطرحها الظروف الاقتصادية، بين ضرورة الاستمرار في سياسة الدعم الذي يكلف الخزينة 30 بالمائة من إجمالي الميزانية السنوية، وبين مخاوف بخصوص تراجع أسعار النفط إلى مستويات أقل من 90 دولار، ستدفع الميزان محو الخلل وعدم التوازن. وتجد هذه التوقعات مبرراتها في قيام الميزانية على أساس سعر عالمي متوقع لبرميل النفط يبلغ 90 دولار على الرغم من توقع زيادة حجم صادرات النفط والغاز 2.1 بالمائة، وعلى هذا الأساس ستبلغ إجمالي ايرادات صادرات النفط والغاز 57.4 مليار دولار في 2014 بدلا من 49 مليار دولار المسجل في 2013. وتؤكد مسودة الميزانية لسنة 2014 بالمقابل على التركيز على الإنفاق على مشاريع البنية التحتية وتحديثها وتطوير القطاع الزراعي ودعم أسعار السلع الغذائية والوحدات السكنية، بينما ترتفع تكاليف الواردات الوطنية من السلع وقدرتها بمبلغ 50 مليار دولار في 2014 بزيادة 2 بالمائة عن الرقم المتوقع للعام الجاري. ويؤكد الخبير الاقتصادي، فارس مسدور على ضرورة مراجعة الحكومة سياستها المتبعة بشأن دعم السلع الاستهلاكية، وقال أن الأموال التي تسخرها الخزينة سنويا من أجل الدعم تلتهم 30 بالمائة من الميزانية العامة سنويا، بينما دعا بالمقابل تبني طرق لتوجيه الدعم للفئات المستحقة له بدلا من تعميمه على الجميع، واقترح في هذا الشأن على عمل السلطات العمومية على استفادة الشرائح الهشة من بطاقات للتمويل تعتمد على الأسعار المدعمة، بعد إحصائهم من طرف الجماعات المحلية أو على مستوى المؤسسات والشركات استنادا للمداخيل المتحصل عليها. وأشار المتحدث أيضا إلى حقيقية أن نسبة كبيرة من أموال الدعم التي تخصصه الحكومة في شكل إعانة للفئات الفقيرة، تستفيد منه في نهاية المطاف المؤسسات الأجنبية بحكم أن السلع المعنية بالدعم جلها مستوردة إذ الجزائر تستعين بشكل كبير بالاستيراد لتغطية حاجياتها من السوق الوطنية، وهو أمر غير منطقي حيث كان من المفروض كما قال المتحدث أن توجه سياسة الدعم إلى المنتوج الوطني والشركات والمصانع الجزائرية. واقترح فارس مسدور على الحكومة الاعتماد على تحفيزات جبائية وتخفيض في الرسوم الضريبية على المؤسسات لاسيما الضريبة على القيمة المضافة التي يتحملها في الأخير المستهلك النهائي في السعر، وقال بأنه بهذه الطريقة تعمل السلطات على تخفيض الأسعار بطريقة اقتصادية دون الحاجة إلى الدعم الكلاسيكي الذي تتحمله الخزينة العمومية.