كثيرون يتسألون وكثيرون يحللون ويحرمون وكثيرون ينساقون قطعاناً وراء وهم يصارع وهم .. فما الذي يجري في هذه الأمة .. هل هو ربيع .. هل هو إنتصار للحركات الإسلامية لتأخذ دورها وتفرض أفكارها وشرائعها المتعددة .. أم هو صراع علي السلطة بعد أن نجحت حركات فاشية ..بإختطاف حلم الأمة .. وإن كانت ثورات ماهي غاياتها وأين هي قيم الثورة وأهدافها النبيلة من هذا السلوك وأين هو شرع الله مما نشاهده في ربوع أو ربيع هذا الوطن الكبير ؟! أم هل هي مؤامرة خارجية لتمزيق الأمة وتدمير جيوشها وقدراتها الإقتصادية .. وعلينا التدقيق والتصرف بمسؤولية .. ورغم ضرورات التغيير وشرعية الدوافع التي أوجبت التغيير إلي الأفضل .. فلا ندري لماذا تسوقنا هذه الموجه بعيداً عن ماينبغي أن توصلنا إليه ؟ هل لعدم وجود رؤيا موحده .. رغم الغايات التي يفترض أن تكون واحده .. أم ماذا ؟ الحقيقة أن معظم الأمم تصارع وتبحث عن ذاتها ..وتوظف إمكاناتها لوحدتها ونهضتها ..حتي لاتقبع في دائرة التشرذم والدونية والغبن والجهل .. فعلي أطراف هذا الوطن الكبير الأمة الفارسية والتركية وجدوا ظالتهم ويسعون لتحقيق ذاتهم وكذلك بناء دولة مرموقه تليق بهم .. ولا أريد أن أتحدث عن الرومان . والإسبان أو الألمان .. أو الهنود أو الصينيين .. أو عن وحدة أوروبا حيث جمعت قوميات مختلفة قوية علي تخوم جناح العرب الغربي وعلي مرمي حجر منه أصبحت هذه القوميات تجوب الأنحاء بجواز موحد وعملة موحدة وقوة عسكرية واحدة .. إلخ .... ونحن كل منا فرحاً بدويلته وعلمه المثقوب وجيشه المهزوم وعملته الغير معروفه .. ووسط هذا العالم الذي يموج بالطغيان لن تحميه حدوده التي لاقدسية لها .. لأنه ورثها من هؤلاء الطغاة نفسهم .. إنه شيء مخجل ومخيف .. ولن نعبر للمستقبل مالم نتدارك الأمر .. حيث أن دماءنا لم تجف بعد من غاراتهم وغزواتهم من البصرة إلي الجزائر إلي بنزرت ومن قانا إلي ماجر وهذا مخيف .. والمسافة بيننا تتسع وكذلك نشعر بالخجل ونحن نقف أمام بوابات تفصل بين قبائل وعائلات واحدة تماماً كسور برلين الذي هدمه الألمان في ليلة أصبحت عيد أعاد الكرامة لأمة تستحق الإحترام عندما سحقته تحت أقدامها في تحدي لكل القوانين والإتفاقيات .. والفوارق الإقتصادية لتصبح أمة مهابه .. ونحن دوليات غير قابله للحياة وتتقسم كل يوم وتتناحر أسوق ذلك لا لكي أسوق مشروعاً يدفع للأمام وإنما لإنقاذ مايمكن إنقاذه .. أدق جرساً قبل فوات الأوان .. بأن مايحدث رغم شرعيته يجعلنا نعيد القراءة .. لا أن نستمر في هذا التيه في صحراء الوهم .. فهل نحن ضحية مؤامرة أجنبية كما يشاع ؟؟ أم أن دويلاتنا لم تعد قابلة للحياة ؟؟ الوقع في كل ذلك .. أنني أعرف أن الخطط الإستراتيجية المرسومة بعد ظهور الولاياتالمتحدة كقطب اعتبرت أن أعدائها الخطوط الثلاثة .. الأحمر ” الشيوعية ” .. الأخضر ” الإسلام ” .. الأصفر ” الصين ” .. ونجحت في تدمير الخط الأول وتسعي لضرب الخط الثاني بأسلحة مختلفة وهذا ليس سراً .. بل معلن في كل وثائق أجهزتها المختلفة .. ورسمت الخطط وكثيراً من الحكومات العربية لديها من الوثائق مايؤكد ما أقول منذ مطلع الثمانيات .. أنه حقهم في الدفاع عن أنفسهم كدولة كبري واعترافاً منهم بعظمة الأمة وقدرتها علي التحدي .. ولعل الأمم عبر التاريخ عندما تطغي تقوم بتوسيع محيط الأمان ..أو مايسمي بالمجال الحيوي لبقاءها .. ولعل استشهاد جدنا عبدالرحمن الغافقي في معركة بلاط الشهداء جنوبفرنسا .. دليلاً فمن الجزيرة العربية وعلي صهوات جياد .. قاتلوا هناك ؟! .. وللأمم خلق المبررات .. أو كما يقول القذافي دائماً ليس للإستعمار زمن وإنما له ظروف إذا ماتوفرت كان متوقعاً حتماً .. وحيثما وجد فراغ كان الإستعمار حاضراً ..ونحن نوفر الأن الظروف مالم نتدارك الأمر .. إن مايحدث من حراك في المنطقة العربية والذي قادها شبابنا وبروح وثابه هو رد فعل طبيعي .. لواقع مزري وهزائم علي كل الجهات مما استفز هذه الأمة لتنتفض .. وتجد لها مكاناً يليق بها كبقية خلق الله وهذا حقها ..ولكن من الغباء أن لانعرف بأن المتربصين بها لم يرصدوا ذلك .. أو يتوقعوه أو لم يشاركوا فيه .. وأيضاً من الغباء أن لاندرك أو نتحول إلي أدوات تجرها خيول الأعداء إلي حتفها .. ونقع في شراكها .. فالغايات النبيلة لايفرضها السلاح ولاتصنعها الفوضي .. أتذكر بعد إحتلال أمريكا وحلفاءها للعراق .. كان الجميع يعرف أن الهدف التالي هو سوريا .. وليبيا .. تحت غطاء الأسلحة النووية أو الغاز أو الديمقراطية وجندوا وسائل إعلامنا وأموالنا وللأسف جيوشنا في بعض الحالات لهذه المهام .. واختلقوا الذرائع .. واختلط الحابل بالنابل .. والحلال بالحرام .. ورأينا علي الشاشات الفتاوي التي تبيح الإستقواء بالأجنبي وموالات الكفار .. وتحلل دماء المسلمين .. وأصبحت الخيانة وجهة نظر تناقش دون حياء .. وبإسم الحرية تحولنا إلي عبيد .. وأصبح التدخل في شؤوننا علناً بل ومصدر فخر فضائي كل مساء !! للأسف إذن النتيجة لا ديمقراطية ولا حرية ولا كرامة .. بل في كل صبح ننتظر هذا الربيع الذي تسيل ودياننا من وده .. دماء .. ودمار .. وأباتشي .. وتشرد .. ومازال هناك من يكابر ويكبر ويعتبر أنه من صنع هذا النصر ويعتبر أن ذلك إنجاز !!! ولا أغالي إذا ماقلت بأن ماجري في العراق واليمن ويجري في سوريا .. وهي أوتاد الجزيرة العربية إذا ماتسرعت سيسقط جابر البيت لامحاله .. مالم نعيد النظر .. فإن الصراع يأخذ منحني خطير يهدد بقاء الأمة وتدميرها .. وتجاوز إسقاط أنظمة .. بل هي الفوضي الخلاقة !! التي بشرتنا بها كونداليزا رايس .. والتي لن تبني أمة خصوصاً إن هناك أكثر من ألف علامة استفهام علي رموزها وداعميها .. وأساليبهم البهلوانية.. وشعاراتهم وروحهم التي تشع حقداً وألسنتهم تقطر سماً .. وكل ذلك لايبني مستقبلاً مزدهراً بل العكس .. وهذا مصدر القلق والتعجب !! وحول الحلم إلي كابوس .. كذلك ليس صدفه أن يتحول الإسلام إلي معسكرات سنة وشيعة والقيادة في طهران واسطنبول ونحن ميدان لهذا الصراع الوهمي ويصبح العدو الإسرائيلي حليفاً والسلفية تتأرجح بينها وبين القاعدة وسط ذلك كله تبحث عن مكان بعيد عن واشنطن ونيويورك .. ويصبح العراق العربي بابلي وأشوري وكلداني .. ويعلم الله كيف ستكون سوريا غداً .. بإختصار لقد انجرفنا شعوباً .. ودولاً طوعاً وكرهاً وقدمنا خيرة شبابنا لمعركة الهدم .. والتي لا معني لها سوي التمهيد لمعركة ” همر جند ” علي مايبدو؟؟ إن في الصمت نار وفي الكلام نار .. فعوامل القوة أصبحت عوامل دمار .. أقول لقد نجحت القوي المعادية للأمة في استخدام الجيل الرابع من الحروب وهي حرب تحقق أهدافها دون أية خسائر .. فنحن قادتها ووقودها نمولها وتسحقنا .. ” أي تدمير ذاتي ” .. في معارك داحس والغبراء وعلي شباب هذه الأمة أن يعي جيداً للتصدي له .. لأنه إذا استمر ذلك لن يصبح للعرب في شمال أفريقيا مكانا .. وستتعرض الجزيرة العربية للتقسيم والإحتلال .. ولن يكون للإسلام لا دعوه ولاسيف فالعروبه والإسلام وجهان لعملة واحدة .. حالنا حال الجسد المريض حيث تظهر الفيروسات لتفتك به مهما كانت صغيرة .. ستظهر ديانات لم نعد نسمع بها .. وكذلك أسينات منقرضة وستنقض أمم حولنا لتقص أطرافنا بعد سبته ومليله .. وأم الرشراش .. الإسكندرونه . السؤال هل نحن مجرمون في حق أنفسنا لهذا الحد ؟؟!! أم وصل بنا الغباء مداه !!! هل نحن صم بكم عمي .. لانسمع الطائرات ولانري الأساطيل ونردد أيات الله ونتمسح بها علي الجانبين وكل منا يكبر علي الأخر ليذبحه لا ليهديه !!! ثم ماهي النتيجة ؟ سيقول الغاوون أن الثورة الفرنسية أخذت مئة عام وسيقول أخر يكفي أننا أسقطنا الطغاة .. وغيرها من حالات الإنكار للتكفير عن السيئات .. للأسف فالواقع يقول غير ذلك .. ولكل عصر أدواته ووسائله .. مانراه أننا تركنا الأهداف وتحولنا لصراع علي سلطة غير موجوده وأواطاناً مدمرة وجهاد غير مقدس .. وأصبحنا جميعاً ضحايا باحثين عن أمل ومعجزة تأتي بالحرية والكرامة .. أو خلافه عاشت في داخلنا نستدعيها بوسائل عصر غير العصر .. أكيد نريد استيقاذ الأمة وبعث الحياة فيها وهذا يحتاج أن نوحد قدرات الأمة ونجمع شتاتها ونقتحم بها العصر وأن يصبح الشيعه والسنة في خندق واحد .. وأن كل الإجتهادات التي يقدمها أكثر من 70 تنظيماً ديني سلمي .. أو متطرف يجمع خيرة شبابنا منبعها واحد .. وليس من الإسلام في شيئ أن تتحول إلي جهاد وهمي !! فتلك معركة في غير محلها وهستيريا يجب أن تتوقف لتوظف بشكل مختلف تماماً .. المدهش أن بعض الأنظمة العربية تدعم وتغذي هذا الصراع الدامي .. ومعارك الدين الوافد .. وتدافع عن الديمقراطية .. وحقوق الإنسان التي لا وجود لها عندهم !؟؟ وهي تعرف أنها تنتظر دورها في الذبح !!! وتساهم بسخاء في الحرب النفسية الموجهة والمدروسة لصالح العدو لماذا نبدد طاقات الأمة وهل أولوياتنا تصبح كا أولويات ملوك الطوائف بعد سقوط الأندلس .. ومن هو العدو ومصدر الخطر .. وماهو الحل ؟؟ ثم ماذا بعد هذا ؟؟ ولذا وقبل فوات الأوان فإنني أري الأتي : - أولا ً :- أدعو خادم الحرمين والمملكة العربية السعودية وهي والحمد الله مازالت خارج دائرة الخطر وتستطيع أخذ زمام المبادرة للدعوة إلي قمة عاجلة لمعالجة ومراجعة ولتدارس هذا الوضع الذي وصلنا اليه لانقاذ مايمكن انقاذه .. اخذين في الاعتبار مطالب الجماهير وأحلام الشباب وكرامة الامة وكبريائها.. والاخذ بالعلم الذي خاصمناه طويلاً كعرب ” فنحن نريد من هذه القمة انقاذ ما يمكن انقاذه” . ثانياً :- الدعوة لقمة أخري سريعة وموازية تجمع تركياوإيران ومصر علي أرض المملكة لإطفاء النار المشتعلة في سوريا والتي قد تطال لبنان والأردن .. ولن يخرج منها أحداً منتصراً بل ستتحول إلي دولة فاشلة تحكمها الفوضي .. وتصبح الجزيرة العربية محاصرة بدول تحكمها الفوضي من اليمن للعراق إلي سوريا .. ولها حدود لا حدود لها وكلنا يعرف حساسية دول الخليج والنفط .. وكيف سيصبح الصراع لاسامح الله وأدواته ومطامع ومصالح الدول الكبري .. وعندما أتحدث عن إيرانوتركيا فهما المغذيان للنار المشتعلة في سوريا وهما جناحي السنة والشيعة وبطلا الصراع الوهمي بين المسلمين وإتفاقنا معهم عامل قوة للاسلام إذا ما تحول إلي قوة ايجابية ورسالة مهمة لأعداءنا وهذا هو المطلوب .. وممكن بل واجب ديني واسترتيجي . ثالثاً : - أدعو خادم الحرمين أن يرعي حواراً يجمع كافة الأحزاب والتيارات الدينية في العالم العربي بما في ذلك الإخوان والقاعدة لكي يجتمعوا علي كلمة سواء بدلاً من تبرير هذه القدرات وتوظيفها حيث يجب أن تكون .. إذا كانوا يريدون رفع راية المسلمين وتوحيد كلمتهم . أخيراً : - لقد انسقنا بعيداً وبددنا أحلام هذه الأمة في مستقبل شرق مالم نبادر في إعادة القراءة للواقع بشكل علمي مدروس .. لأن الفريضة الغائبة عن هذه الأمة هي ” العلم ” فلقد سيطر الجهل علي العقول وأصبحت الهوة بيننا وبين الأمم التي ارتادت المريخ تتسع ونحن نتوه في صحراء الوهم والوهن .. ولذا علينا أن نشحذ الهمم ونرص الصفوف .. فهذه الأمة العظيمة تستحق مكانة غير هذه .. وعلي أبنائها أن يتحملوا مسئولياتهم للدفاع عنها بالوعي من الأخطار التي تهدد وجودها وتسخير طاقاتها الخلاقة بشكل إيجابي ليس بالحقد الاعمي الذي يدمر كل شيء .. علينا أن لا نفقد الأمل في معالجة أمورنا بالحكمة قبل فوات الأوان وتصحيح المسار . أحمد قذاف الدم