لها عدة إصدارات ”الأخبار عن المرأة في القرآن والسنة”، ”الله أعلم”، و”ناقصات عقل ودين” إلى جانب كتابها ”حيرة مسلمة” الذي أثار جدلا واسعا. وتتضمن كتاباتها وحواراتها عديد الأسئلة التي طرحتها في قراءة للدين الإسلامي.. إنّها الكاتبة التونسية الجريئة ألفة يوسف، تتحدث بجرأة ل”الفجر” خلال توقيعها لكتابها ”ليس الذكر كالأنثى”، بمكتبة الكتاب بتونس، عن موضوع الجنس ومستقبل بلادها والتهديد بقتلها من طرف الإرهاب بعد الثورة؟ لمن لا يعرفك من القراء الجزائريين والعرب، من هي ألفة يوسف؟ ألفة يوسف كاتبة ومؤلفة وباحثة تونسية ولدت في الستينيات من القرن الماضي بمدينة سوسة، أكاديمية مختصة في اللغة العربية واللسانيات، ابنة الجيل التونسي الجديد المثقف. وقد اشتهرت بالجرأة في كتاباتي، لي طروحات دينية ذات صبغة حداثية. كما تناولت في أبحاثي الموروث الديني بالتحليل والمقارنة. اشتغلت في المقاربة النقدية للفكر الإسلامي وتحليل التصورات غير المدروسة عن الدينوالنصوص المقدسة. وقعّت بمكتبة الكتاب بشارع بورڤيبة، بالعاصمة تونس، عملك الموسوم ”ليس الذكر كالأنثى”، ماذا يتناول الكتاب لاسيما أنّ العنوان مثير ويجذب الاهتمام والإطلاع؟ الكتاب يعدّ محاولة لتناول مسألة مسكوت عنها في الثقافة العربية الاسلامية وهي الهوية الجنسية في الثقافة العربية، فما الذي يجعل الذكر ذكرا، والأنثى أنثى، باستثناء الجانب البيولوجي المفروغ منه. وبالتالي انطلاقا من الشق الثقافي يتم التساؤل كيف تتمثل ثقافتنا حول الذكر والأنثى، لذلك فمحتوى الكتاب يضم وصفا للظواهر وتطور العلاقات العاطفية وكذا اللغة التي نستعملها في تقديم ذلك أو طرحه للنقاش، عن النساء والرجال والعلاقات بينهما. كما يوجد في هذا الإطار المستوى العميق الذي يحمل أيضا استفسارا لماذا الذكر هكذا ولماذا الأنثى هكذا، بناء على تحاليل نفسية وسيكولوجية لعديد المحللين النفسانيين. لكن لماذا وقع اختيارك على عنوان ”ليس الذكر كالأنثى” بالتحديد في طرح هذا الموضوع الحساس؟ العمل ليس كتابا تفضيليا، إنّما اعتمدت العنوان على آية من القرآن الكريم ”ليس الذكر كالأنثى”، ولا يوجد هناك تفضيل بين الذكر والأنثى، حيث تشعر أنّ لكل منهما خصائص معينة هي خصائص متحولة وفق المجتمعات والثقافات، لتفهم على الأقل، فمن خلال ما لاحظته من صدى الكثير من الشباب، أنّهم ارتاحوا لأنهم فهموا أشياء كانوا يقومون بها بلا وعي ويجهلون خلفياتها وأبعدها. أساعدتك التحليلات النفسية التي اعتمدت عليها في وصف وتشريح هذا الطابو؟ أجل، فالتحليل النفسي المعتمد من قبلي يعتمد على مراجع نفسية واجتماعية ودينية في الجانب الثقافي، لأنّه من الأساس أن يكون له علاقة بالدين، والقرآن والقراءات الفقهية المعاصرة، التي يقدمها فهاء وكيف يتصورون علاقات النكاح، فهذا كله وجد منذ عشرة قرون، حيث كانت هناك نفس الكلمات ونفس التصورات كما تجدها اليوم، ما يعني هذا أنّه يدل على أنّ الخلفية الثقافيةالعربية ماتزال لم تتطور كما تشير إلى أنّ في الموضوع لا شيء إيجابي ولا آخر سلبي، لكن يساعد النساء والرجال على فهم الهوية الجنسية، ويفهمون خلفياتها. وبالتالي فتصور أنّ في تونس ومختلف البلدان العربية هناك نوع من الصراعات يقول كل الرجال كذا وكذا، إضافة عن النساء أنّهن يشتكين كذا وغيرها، وبالتالي فالهوّة التي تحدث بين الجنسين أنّ الصراحة تغيب عنهما، فمشاكل الجنسين قد تعترضها لها عقد وصعوبات مختلفة، لكن في نهاية الامر يجب التركيز على الودّ بينهما. من خلال حديثك يفهم أنّ الهوّة والشرخ مجرد شيء وهمي وليس حقيقي، لذا يؤدي إلى فهم خاطئ للثقافة الجنسية؟ بالضبط فلو تحللّ تجد هكذا، ولا بد أن نتجاوزها بالحديث ونتحاور، يكفينا كبت وإخفاء الصراحة لأنّها الحلّ، والسكوت عنها ليس منطقيا، فمجتمعاتنا العربية بحاجة الى التعبير وكشف ما بداخل أفرادها، لاسيما أنّ أسلافنا وأجدادنا كانوا يتحدثون عن المواضيع والمشاكل الجنسية بكل وبدون حرج أو خجل، حتى الرسول صل اله عليه وسلم كان حينما يسأل في المسائل الجنسية من طرف البعض آنذاك، كان يجب بكل صراحة ودون قلق، عكس الصحابة الذين كانوا ينظرون الى الأمر بغرابة، إن صحّ التعبير. وبالتالي أعتقد أنّه من الواجب عدم السكوت في هذا الموضوع، وإنّما لابد من النقاش وفتح الحوار والحديث بحرية فيه. ألفة، لديك كتابات نقدية قبل ثورة الياسمين، هل حملت كتاباتك الجديدة نقدا لاذعا في الجوهر وفي الطريقة بعد الثورة، وهل هذا ينطبق على باقي الكتّاب التونسيين؟ نعم هناك نوع من الإحساس بالحرية والإشتغال، بصراحة أنا كنت كتبت بشكل جريء في عدة مواقف، لكن خلال الوقت الراهن أرى أنّ هامش الحرية لدى الكاتب التونسي اتّسع، وأعترف أنني ظلمت القارئ التونسي خصوصا والعربي عموما، سابقا، حيث كنت أتصور أنهم الى حدّ الآن لا يقرؤون، بينما الحقيقة أنّ الكتاب لا يعرفون ولم يتوسعوا في كتاباتهم نظرا لهامش الحرية القليل. برأيك، هل هو ظلم مقصود؟ لا ليس مقصودا، طبعا أظن أنّ زمن القراءة انتهى والحقيقة لا، باعتبار رغم وجود وسائل اتصال كثيرة، غير أنّك تريد حقيقة ملامسة نفس القارئ، ففي كثير من الإهداءات قلت لأصدقائي.. بودي دائما ملامسة قلوب القراء وأنفسهم قبل عقولهم، عندما تجعله يشعر أن الكتب مرآة مستمدة من ذاته فهو اكيد سيقرأ الكتاب، يفتحه ولا يتركه من أجلي، فالمشكل أنّ الفنان أو المثقف العربي يبدو أنّه هو العاجز عن الوصول إلى قلوب جمهوره وليس وحده القارئ فقط. على ضوء ما قلت، كيف استقبل القراء ”المحافظون” ما جاء في كتابك من حديث عن الجنس، خاصة أنّ القارئ التونسي اليوم تغيرت عقليته بعد الثورة؟ هذه المرة خلافا للمرّات السابقة لم يكن هناك رد سلبي، لذا فكثير منهم ربما الجوهر ليس قراءة النص الديني والاجتهاد من قبل بصفة أكبر، وربما ما أزعجهم هو تطرقي الى موضوع الجنس، وكأنه يمكن القول أنني معجبة بهذا الطابو الديني أكثر من الجنسي. ولكن مع ذلك والغريب بعض قراء الكتاب والبعض الآخر تجاوز مثل الافكار الصادمة وحاول فهم وقراءة أعماق الكتاب، ففي هذه المرّة فالشق المحافظ لم يبدي ردّة فعل عنيفة، وهذا أعتبره إيجابيا بالنسبة لي. كيف تقيمين كتابات ما بعد الثورة، هل هي تفاعلية أم أنّها نقلت الواقع التونسي بشكل صحيح؟ كتابات ما بعد الثورة هناك العديد منها الذي تعرضت إلى الواقع السياسي التونسي فحللت وتساءلت، لكنّها مختلفة، فهناك من يراها انتفاضة أو ثورة داخلة في اطار تحويل متصل بالأزمة العربية أو الإنقلاب المقنّع الذي يسمى ثورات، لكن ثمة جانبا إيجابيا هو أنّ مجمل القراءات أصبحت مسموحة وتكتب بحرية فباستطاعة الكاتب التونسي أن يكتب رأيا ويقدم كاتب آخر رأيا مختلقا عنه. فقط ما يهمنا أن ينتهي المشكل ويجاب عليه، فمنذ أشهر هددت بالقتل، حيث أسير بالحراسة لأن هناك من الناس عوض أن يجيب على الفكرة بالفكرة التي هي في نهاية الأمر رأي، يريد الإجابة عليها بالسلاح، هذا المشكل العويص في بلادي نتمنى تجاوزه وتخطيه ويبقى مجرد ذكرى، حيث يبنى الحوار ويحل ّ محل تلك الحواجز المخيفة. ما هي الأطراف التي تهدد حياتك؟ الإرهاب الذي كان وراء تهديدي مثل فرج فودة، والغريب أنّ معظمهم لم يقرؤوا كتبي، ولو تحدثنا مع بعضنا وجلست معهم لما حصل التهديد والمرور إلى الاغتيالات والقتل الموجود في غيرها من البلدان العربية، لذلك أدعو إلى ثقافة التسامح والاختلاف لأن الله تعالى خلقنا مختلفين والكون مختلف بأكمله، بألوانه وتشكلاته، وبالتالي ليس بالإمكان أن يصبح الكون واحدا، فلو أراد الله ذلك لكان، فيكون رحمة ولكنه مختلف تماما. هل التشدد بات عائقا ببروز الجماعات الإرهابية في تونس التي تعمل على التخويف وقمع الديمقراطية، أمام الكاتب التونسي لمواصلة الدرب في نفس الحرية ولم لا أكثر؟ عائق إذا سكت الكاتب وألقى بسلاح القلم ولكنه دافع لمواصلة الكتّابة والطريق، لأنه في آخر المطاف كل نفس ذائقة الموت ولا يستطيع المرء ضمان اللحظة، فإذا لم يستطع حماية وضمان اللحظة القادمة إذن فلا معنى أن يكف عن القيام بهذه الرسالة، ولكل واحد منا رسالة في هذه الحياة دون تردد أو خوف أو تهديد، فلكل أجل مسمى. تونس تعيش في دوامة سياسية صعبة والإرهاب يهددها في كل لحظة، كيف ترين مستقبلها؟ أعتقد أننا مازلنا نمر بفترة صعبة للغاية، والمخرج منها يتطلب وقت. كما أظن أنّ العنف مستمر وأرجو أن أكون مخطئة ولكن هذه القراءة مستندة إلى واقع تاريخي وخلفيات جيوستراتيجية، نراها اليوم. كما أعتقد أنّ الخروج من هذه الدوامة والفترة العصيبة يتطلب الحوار مع الآخر بحيث لا يمكن القضاء على الفكر الآخر، حتى يكون مستقبل تونس مزهرا. بعد هذا العمل هل من مشاريع في الأفق؟ قريبا، أي خلال شهر سبتمبر بحول الله سأحطّ قدماي على أرض الجزائر لأوّلّ مرة بعد أن أتيحت لي عدة فرص ولم تسمح لي الطروف بالحضور، حيث كما قلت سأشارك في ملتقى أدبي حول الفكر الإسلامي بمدينة مستغانم.