أشار الأكاديمي والناقد المسرحي محمد بوكراس، بأنّ الراحل امحمد بن ڤطاف كان يركزّ في أعماله على الواقع الاجتماعي الجزائري ببعده الإيديولوجي، وهو الموضوع الأساسي عنده، مؤكدا بأنّ المرحوم لم ينل حقه الكامل من الدراسة الأكاديمية والبحث العلمي بخصوص مؤلفاته وفكره مثل باقي كبار فناني المسرح بالجزائر. قال محمد بوكراس، أستاذ بجامعة وهران وناقد مسرحي، لدى تنشيطه ندوة أمس الأوّل، بكلية الآداب والفنون بجامعة سيدي بلعباس، حول ”مسارات الكتابة عند المرحوم بن ڤطاف”، حضرها إعلاميون وطلبة في مجال الفنون المسرحية والسينما، بأنّ بن ڤطاف الرجل الملتزم كان يهتم بصفة كبيرة بما يدور من حوله في المجتمع الجزائري من أحداث ساخنة وتحولات سياسية عرفتها الجزائر سنوات الثمانينات والتسعينيات، ويترجمها فورا في أعماله على غرار ”العيطة” و”عقد الجوهر”، وأخرى، حيث ينتج تناولها تحت ظرف سياسي أو اقتصادي معين ممّا يجعلها ترتبط بإديولوجية وفكر. وأضاف محمد بوكراس بأنّه لم يأخذ حقه من الكتابة والدراسة الأكاديمية مثل غيره من الفنانين الجزائريين الذين رحلوا أو من ما زالوا على قيد الحياة دون أن يكرّموا وإن كرموا فبشهادة أو بمبلغ مالي، وهذا ليس بالتكريم والاحتفاء كما قال. معتبرا أنّ التوثيق لأعمالهم بالدراسة والبحث العلمي والأكاديمي يساهم في تخليدهم مدى الحياة ويذيع صيتهم اسما وعملا في الساحة المسرحية العربية والعالمية، وما تم إنجازه لا يعدّ كافيا بل تحتاج سيرة ومشوار بن ڤطاف وكبار المسرحيين الجزائريين، إلى المزيد من الاهتمام. وأكدّ بوركراس في السياق بأنّ ما تمّ إنجازه من كتابات عن الراحل من طرف بعض الأكاديميين يعدّ على رأس الأصابع وليس كافيا بالشكل الذي يستطيع أن يعكس مدى أهمية أعماله وغنى فكره وشخصيته وما قدّمه للمسرح الجزائري. واعتبر المتحدث في النقاش الذي أعقب الندوة بأنّ بن ڤطاف تميز برؤيته الثاقبة في معالجة المواضيع وابعادها بحيث كان مسرحه سابقا لعصره باعتبار أنّ جلّ أعماله وأشهرها مثل ”العيطة” و”قف” وأخرى، تمكنت من محاكاة دقيقة وصادقة لواقع الجزائر رغم التطور المتسارع للأحداث. مشيرا في الصدد ذاته بأنّ الراحل أعطى لمسرحياته صبغة خاصة لا تخلو من الصور الكاريكاتورية والسيميائية والرمز، يكون توظيفها أحيانا أكثر من الكلمات، وهي العناصر التي تدلّ على حقيقة وضع الشعب، نابعة من انتمائه كونه ابن حي شعبي، حيث تحمل الإشارة إلى السلطة ومنها استعماله لكلمات وأسماء ”يا لي راكم الفوق”، ”قطرة السماء”، وذلك من أجل التخفي وترك المشاهد يحكم عقله وخياله في تصور الموضوع. وتابع في معرض حديثه بأنّ ”شخصيات المسرحيات أو ”أبطال” بن ڤطاف، حاربوا الفساد في جميع الجوانب من خلال أدائهم وأصواتهم التي ترتفع تارة وتنخفض تارة أخرى على الركح، لكن يذهبون ضحية في النهاية، وهو حال كل من يقول لا أو يبرز رأيا معارضا وفق قوله. على صعيد آخر نوه بوكراس الذي يعدّ حاليا دراسة عن المرحوم بأنّ أربعة عناصر تشكل اهتمام بن ڤطاف هي اللغة المسرحية التي تعتمد على العامية والشعر الملحون المفعم بالرمز وكذلك العنوان الذي يكون عادة عنده قصيرا وذا دلالة، إلى جانب عنصر الموضوع المرتبط ببعد إيديولوجي وأخيرا شخصيته التي تتميز كونها تكتب بصوت واحد لكنها تتعدد من حيث أطراف الموضوع.