بداية قصة تتكرر نهايتها، حيث لعب القدر دوره في كشف الحقيقة والصراع الداخلي للإنسان، بين عواطفه وضميره، وبين التسلط والاعتراف، وذلك في مسرحية ”الأوّلّ مكرر” لمخرجها عباس إسلام وكاتبها الإماراتي صالح كرامة، التي عرضت أول أمس بمسرح بلعباس الجهوي، في إطار منافسة مهرجان المسرح المحترف الثامن الذي يسدل ستاره عشية الخميس. تروي المسرحية قصة رجل مهووس بالترحال والسفر، مشكلته أنه مغامر ويتحدى الموت، زير نساء لا يتحمل البقاء مع امرأة واحدة ويهجر كل من يعرفها بعد أن يشبع رغباته. يعتقد أنّ صاحب القرار نفسه لكن القدر دائما هو من يقرر رغما عنه. ساري الرجل القبطان رمى به القدر في أدغال إفريقيا بالضبط في كونغو برازافيل، صارع التماسيح وتعرف إلى فتيات من مختلف دول العالم. وفي ذات ليلة عاصفة تدق بابه فتاة مهاجرة من مدينة أخرى طلبا للمأوى في الظاهر، يستقبلها وتجره نزواته لمراودتها نحو قضاء ليلة حمراء، لكنها تأبى وتتوالى المواجهات والصراعات بينها إلى غاية أن تبوح له أنّها ابنته غير الشرعية من ”زولا” إحدى حبيباته المغرور بها، بعد أقام معها علاقة غير شرعية أنجبت خلالها الفتاة ”ريما” التي طالبته بأن يعترف بأبوته لكنه يتعنت ويصر على الإنكار إلى غاية اللحظة التي يستسلم فيها ويعترف بالحقيقة، أين يتدخل القدر ويتأكد أنه الوحيد صاحب القرار وليس الإنسان مهما تجبرّ. في السياق كشف مخرج العمل إسلام عباس، في تصريح ل”الفجر”، أنّ العمل أنجز بصفر دينار، بإمكانيات بسيطة وثمرة جهود شباب مؤمنة بما تقوم به وتحب عملها، أعطى في النهاية هذه الثمرة، وأوضح بأنّ عنوانها ”الأولّ مكرر”، يعني تكرار مشهد البداية في النهاية حين يلتقي الرجل بالفتاة. وكشف في السياق أنّ الأول يجري في أحلام البطل، أما الثاني فهو حقيقي. وأضاف أنّ لو كان بالإمكان وتوفرت الوسائل لكرر المشهد أمثر من مرة. كما أشار المخرج أنّه اعتمد ترك النهاية مفتوحة كل حسب قراءته وتأويله للقطعة، متعمدا توظيف الكثير من الصور قائلا:”كفانا كلاما فقط في المسرح فهو بحاجة إلى صور” من خلال تجسيد ذكريات الشخصيات، وبالتالي رأى أن يدعمها بالسيميولوجيا والدلالات، فهي مفتوحة القراءة وتحفز خيالي المشاهد. أمّا فيما يتعلق بالديكور والموسيقى الترقية والإفريقية فقال ”وظفت كلّ ما له علاقة بثقافة جنوبنا والقارة السمراء التي يشدني كل ما يوجد فيها”.