كرة القدم تعود إلى المهد، بعد أن وفى أصحاب الأرض بالعهد إنجلترا هي أم كرة القدم، وكرة القدم أهم منافسة فيها هي كأس العالم، ولذلك عندما اختيرت لاستضافة النهائيات الثامنة سجلت معدلات الحضور ارتفاعا كبيرا مقارنة مع معدلات الحضور الجماهيري في البطولات السابقة التي نظمتها دول أوربية سابقة، وقد اشتملت الدورة على 32 مباراة لعبت في 7 مدن تعرف خلالها العالم على العديد من الأقدام الخارقة للعادة كالجرماني بكنباور والموزمبيقي الذي لعب للبرتغال أوزيبيو والبرازيلي جاير زينيو.. كما كانت أيضا مسك ختام لنجوم آخرين كغارينشا وليف ياشين... في المجموعة الأولى منتخب البلد المنظم كان في الموعد وتمكن من تجاوز عثرة الافتتاح أمام الأوروغواي الذي فرض عليه التعادل السلبي لكنه عاد بكل قوة أمام فرنسا والمكسيك وفاز عليهما بنفس النتيجة (2-0) وقد رافقته الأوروغواي، المجموعة الثانية شهدت عزفا ثنائيا بين ألمانيا الغربية والأرجنتين، أما الثالثة فقد شهدت سقوط البرازيل أمام كل من المجر والبرتغال بنفس النتيجة (3-1) ليتأهل المنتخبان المذكوران، في حين المجموعة الرابعة عرفت سيطرة سوفياتية الفائزة بكل المقابلات وبقيت التأشيرة الثانية معلقة والمنتخب اإيطالي الأقرب للتأهل، خاصة وأن التعادل أمام كوريا الشمالية يكفيه، لكن المفاجأة التي استبعدها الكل حدثت وهي فوز وتأهل أول منتخب خارج أوربا وأمريكا للدور الثاني، وقد كان بإمكان كوريا المواصلة خاصة وأنها تمكنت في 24 دقيقة من اكتساح البرتغال وبأي نتيجة (3-0) لكن بعد ذلك انقلب السحر على الساحر وأقام أوزيبيو مهرجانا من الأهداف لينهي المباراة ب (3-5) لصالح البرتغال. وقد صارت المنتخبات الأوربية الأخرى على منوال البرتغال، فأصحاب الأرض حققوا فوزا بعد حمام بارد أمام الأرجنتين (1-0)، والاتحاد السوفياتي عانى الأمرين أمام المجر وتأهل بصعوبة. وحدها ألمانيا الغربية عرفت كيف تتأهل بالإبداع والإمتاع، حينما قصفت الأوروغواي برباعية نظيفة، وواصل الجرمان تألقهم وتمكنوا من ترويض الدب الأحمر في نصف النهائي، أما المواجهة الثانية بين إنجلترا والبرتغال فقد احتدم فيها التنافس وفصل في أمرها مهارة بوبي شارلتون الذي سجل أحسن وأجمل وأروع هدفين في مشواره الرياضي، بينما اكتفى البرتغاليون بفك عذرية الشباك الإنجليزي عندما سجل أوزيبيو ضربة جزاء، وفي المباراة الترتيبية حافظت البرتغال على حيويتها ففازت على روسيا، بينما البلد المنظم إنجلترا الذي يصل للنهائي لأول مرة، وهي آخر مرة أيضا لحد الآن، فقد التقى بألمانيا وقد كانت المواجهة متكافئة إلى أبعد الحدود، فبعد البداية الألمانية عاد الإنجليز في النتيجة لكن فايبر الجرماني تمكن من التعديل في آخر لحظة، ليتم اللجوء إلى الوقت الإضافي الذي شهد هدفا عليه ضباب لصالح منتخب بلاد الضباب عن طريق هورست الذي أضاف في الدقيقة الأخيرة هدفا رابعا، لتعيش المملكة المتحدة نشوة التتويج.
البطاقة الفنية للمباراة النهائية (إنجلترا 4 - ألمانيا الغربية 2 ”بعد الوقت الإضافي”) 30 جويلية 1966 ملعب ويمبلي، جمهور غفير زهاء 100 ألف متفرج الحكم: دينست (سويسرا) الأهداف: هورست (د19، 101 و119)، بيترس (د77) لإنجلترا هالر (د12) وفيبر (د89) لألمانيا التشكيلتان: إنجلترا: غوردان بانكس، كوهن، اكي شارلتون، بوبي مور، راي ويلسون، ستايلز، بوبي شارلتون، آلن بال، هورست، روجرهنت، مارتن بيترز. المدرب: ألف رامزي ألمانيا الغربية: تيلموفسكي، هوتغس، شولتز، فيبر، شيلنغر، هالر، بكنباور، زيلر، هيلد أوفيرات، ايمرش. الفهد الأسود افترس لقب أحسن هداف أوزيبيو مر من هنا يعد صانع أحلى أيام الكرة البرتغالية لا سيما في المونديال، ولأنه أسمر ويملك كل صفات الجوهرة السوداء لقبوه بيلي أوروبا، وما هو في الحقيقة إلا الفهد الأسود الموزمبيقي الأصل دا سيلفا فيريرا المعروف باسم أوزيبيو الذي ولد في 5 جانفي 1943 في لورينسو ماركيس في زيمبابوي، الذي كان آنذاك مستعمرة برتغالية، عاش فقيرا وسط عائلة من تسعة أطفال. وكان الطفل فيريرا مولعا بالكرة منذ الصغر وقد عرض عليه بنفيكا الحضور إلى البرتغال للانضمام إلى النادي، غير أن الشاب الفقير تردد في بادئ الأمر، لكن أمه وبسبب الفقر المدقع الذي تعيشه العائلة طلبت من ابنها قبول العرض، وقرر السفر إلا أنه أصر على تغيير اسمه حتى لا ينتبه له مسؤولو ناديه سبورتينغ، فغادر إلى البرتغال باسم أنتونيو فيريرا في 17 ديسمبر 1960 وبعد تألقات عديدة أمضى أهم 9 أهداف في مشواره خلال نهائيات كأس العالم 1966 وتذكر كل البرتغال كيف حول تأخرها أمام كوريا الشمالية من 3 - 0 إلى فوز ب 3 - 5 حين سجل يومها 4 أهداف، لكن ولسوء الحظ لم يستطع أوزيبيو مواصلة مشواره الكروي على المستوى الدولي مطولا بسبب الإصابات الخطيرة التي كان يتعرض لها في كل مرة. وفي 5 جانفي 2014 أي في يوم عيد ميلاده ال71 توفي أوزيبيو بعد مسيرة كروية حافلة. نوستالجيا خضرا شاوشي وسقوط تاج أم درمان.. انتزع الحارس فوزي شاوشي لقب بطل ملحمة أم درمان عن جدارة واستحقاق، وهذا بعد أن قطع الماء والهواء على الفراعنة ببراعة منقطعة النظير، ما جعل كل الأطراف تنزع له قبعة الاحترام، ووصل الأمر إلى حد تأكيد البعض أن عرين الخضر سيكون في أمان بتواجد هذا العملاق الذي سيكتب تاريخا جديدا لحراس مرمى الخضر، وسيتفوق على عبروق، سرباح... دريد وغيرهم، لكن النجم الذي سطع بسرعة سرعان ما أفل بصفة أسرع، والسبب في ذلك يعود إلى لعنة كرة ”جابولاني” التي خذلته في المباراة المونديالية الوحيدة التي لعبها ضد سلوفينيا. ففي محاولة بدت عادية، تمكن لاعب نادي هال سيتي الإنجليزي روبرت كورين قبل 11 دقيقة عن نهاية المباراة مخادعة ابن برج منايل بقذفة ليست قوية، لكن خصوصية كرة جابولاني جعلت شاوشي يعجز عن صد كرة ضعيفة، ليمنح فوزا لسلوفينيا ويسقط منه تاج أم درمان، ما جعل الكل يثور عليه وأولهم المدرب سعدان الذي قرر تغييره ومنح الفرصة لزميله مبولحي الذي لم يرفض الهدية، وكرر ما فعله شاوشي نفسه مع الوناس ڤاواوي، واستولى على المكانة الأساسية كحارس أول تاركا شاوشي غير قادر على استيعاب ما حصل له من بطل قومي إلى منبوذ، فأساء التصرف مع مدربه وزملائه قبل المواجهة الثالثة ضد أمريكا، ما وسع دائرة الغاضبين منه إلى رئيس الفاف روراوة الذي ازداد سخطه عليه، عندما أراد شاوشي فرض نفسه أساسيا رغم أنف مدربه. وبالموازاة مع ذلك كان الحارس مبولحي يواصل حصد الإعجاب لدرجة أنه اختير كأحسن حارس في الدور الأول للمونديال وهو ما زاد من تعجيل أفول نجم شاوشي مبكرا. نهائي على وقع الاحتجاجات هدف عليه ضباب لمنتخب بلاد الضباب نهائي بطولة كأس العالم عام 1966 أول مناسبة رسمية جمعت المنتخبين الألماني الغربي والإنجليزي بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. وكانت المباراة تحمل الرقم 200 في تسلسل المباريات التي أجريت ضمن نهائيات كأس العالم، وبعد نهاية الوقت الرسمي دون تحديد المتوج، تم اللجوء للوقت الإضافي، وفي الدقيقة المئة مرر ألن بول الكرة إلى زميله هيرست، وما إن دخل بها منطقة الجزاء حتى سددها قوية فارتطمت بالعارضة وسقطت على الأرض، ولم يحتسبها الحكم السويسري هدفا، لكن حامل الراية السوفياتي ميخائيل باكراموف رفع رايته فأسرع إليه الحكم الرئيسي وتشاور معه، وعلى الأثر عاد عن قراره واحتسب الكرة هدفا، وسط احتجاج اللاعبين الألمان الذين خرجوا من المباراة، وقد فسر البعض هذه الحادثة بأن المساعد السوفياتي انتقم لخسارة بلاده في الدور نصف النهائي من ألمانيا... ! الفيفا لم تنصف القارة السمراء لهذا السبب قاطعت إفريقيا مونديال لندن قاطعت إفريقيا هذه الدورة بسبب قرار الفيفا الجائر الذي اتخذته في 1964 بأن من يتأهل عن القارة السمراء يلعب دورا فاصلا مع المتأهل من أسيا، حيث أن المنتخبات الإفريقية ترى إنها كانت تستحق مقعدا في المونديال وبالتالي لا داعي للعب مباراة تصفوية ضد ممثل قارة آسيا التي مثلتها كوريا الشمالية، لكن وبالرغم من مقاطعة المنتخبات الإفريقية للمشاركة في التصفيات، إلا أن كأس العالم 1966 شهدت مشاركة 70 دولة في التصفيات وكان رقما قياسيا وقتها، في النهاية خصصت الفيفا 10 مقاعد لأوروبا و4 من أمريكا الجنوبية وواحدا من أسيا ومثله لدول أمريكا الشمالية والوسطى وجزر البحر الكاريبي.
أصداء من الدورة بعد أول بطولة والتي نظمتها الأوروغواي وفازت بها وثاني بطولة والتي نظمتها إيطاليا وفازت بها، عاد أصحاب الأرض للفوز بكأس العالم حيث نظم الإنجليز البطولة الثامنة وفازوا بها أيضاً. أحرز في هذه البطولة 89 هدفا في 32 مباراة أي بمعدل 2.7 هدف في كل لقاء. أعلى نتيجة في مباريات كأس العالم هذه كانت 4 - 2 حيث انتهى لقاء ألمانياوإنجلترا في الدور النهائي، وتم إحراز 6 أهداف في هذه المباراة. أهم مفاجآت الدورة تمثلت في خسارة البرازيل من المجر ثم البرتغال بذات النتيجة 3 1، فبطلة العالم في تشيلي 1962 كان متوقعاً منها الكثير في حضور النجم ”بيلي” لكنها لم تفعل شيئاً وخرجت من الدور الأول. حصلت البرتغال على المركز الثالث والميدالية البرونزية رغم مشاركتها لأول مرة في المونديال. لا يزال الإنجليزي هيرست يحمل لقب آخر لاعب يُحرز هاتريك في النهائي، وكان رونالدو البرازيلي قريبا من إحراز ثلاثية ضد ألمانيا أثناء نهائي كأس العالم 2002 لكنه اكتفى بهدفين فقط.