تقرر منح الدورة الخامسة عشرة لعوامل اقتصادية وأخرى سياسية لأمريكا لكن إحصائيات أجريت مطلع عام 1994 كشفت بأن 13 بالمئة فقط من الأمريكيين كانوا يعلمون أن بلادهم ستنظم كأس العالم...وقد حصل تغير طفيف يتعلق بالتنقيط حيث تقرر منح الفائز 3 نقاط مقابل نقطة للمتعادل ولا شيء للمنهزم بغية تشجيع اللعب الهجومي وقد تمكن منتخب البلد المنظم في المجموعة الأولى من تخطى الدور الأول لكن بصعوبة بعد فوزه على كولومبيا، تعادله مع سويسرا وخسارته من رومانيا التي تصدرت المجموعة بينما في الثانية الكاميرون لم يوفق سوى في حصد نقطة يتيمة بتعادله مع السويد التي رافقت البرازيل للدور الثاني وفي المجموعة الثالثة ألمانيا واسبانيا يمران على حساب كوريا وبوليفيا وفي المجموعة الرابعة حلقت النسور النيجيرية عاليا بمرافقتها للأرجنتين و بلغاريا على حساب اليونان في حين ساد الغموض المجموعة الخامسة التي انتهت وكل منتخب في رصيده 4 نقاط من فوز، تعادل وخسارة ليتم اللجوء لفارق الأهداف التي أهلت المكسيك، ايرلنداوايطاليا على التوالي بينما خرجت النرويج أما المجموعة الأخيرة فقد شهدت تألق السعودية التي خسرت بصعوبة أمام هولندا لكنها استدركت بفوزها على المغرب في أول مواجهة افرو-اسيوية بالمونديال ثم أطاحت ببلجيكا بهدف سعيد العويران الشهير وتتأهل رفقة هولندا وبلجيكا للدور الثاني الذي استهلته البرازيل باقصاء البلد المنظم فيما الأرجنتين في غياب مارادونا المتورط في فضيحة المنشطات سقطت أمام رومانيا أما السعودية فقد انتهت أحلامها على يد المنتخب السويدي ونجحت الواقعية الايطالية في تحويل خسارتها إلى تأهل على حساب نيجيريا فيما بلغاريا ابتسمت لها ركلات الحظ على حساب المكسيك... وفي الدور ربع النهائي الطليان روضوا الثيران الاسبانية بينما عجزت الماكينات الألمانية عن تخطى بلغاريا فيما نجحت السويد في تخطى عقبة رومانيا بينما البرازيل نجحت لأول مرة منذ 1970 من المرور للدور نصف النهائي حيث قابلت السويد وتفوز البرازيل أما مواجهة ايطاليا وبلغاريا فقد عادت لأشبال اريغو ساكي الذي وجد نفسه أمام البرازيل ولم تكف ساعتين من اللعب لتحديد صاحب اللقب ليكون الفصل لأول مرة في النهائي بركلات الترجيح التي ابتسمت للبرازيل الذي استعاد تاجه بعد ربع قرن من المحن. البطاقة الفنية للمباراة النهائية17 جويلية 1994 البرازيل 0 ايطاليا 0 (توجت البرازيل بركلات الترجيح 3-2) ملعب روزبل بلوس انجلس، جمهور غفير 95 ألف متفرج. الحكم: ساندوربول (المجر) الانذارات: مازينيو، كافو (البرازيل)، بولوني، البرتيني (ايطاليا) التشكيلتان: البرازيل: تافاريل، جورجينيو (كافو)، سانتوس، الدايير، برانكو، دونغا، مازينيو، مارو سيلفا، زينيو (فيولا)، بيبيتو، روماريو. المدرب: كارلوس البرتو باريرا ايطاليا: باليوكا، موسي (بولوني)، مالديني، باريزي، بيناريفو، البرتيني، دينو بياجول (ايفاني)، دونادوني، باجيو، ماسارو. المدرب: اريغو ساكي نوستالجيا خضرا التيكي تاكا الجزائرية إذا كان أهل الكرة المستحدثين قد انبهروا بطريقة التيكي تاكا البرشلونية التي منحتها في المواسم الأخيرة سيلا من الألقاب فإن طريقة التمريرات القصيرة و”تدويخ” الخصم كانت نقطة قوة الخضر في بداية الثمانينات وبفضلها تمكن الخضر أنذاك من بسط سيطرتهم وفرض منطقهم خاصة مع تواجد لاعبين يتميزون بفنيات عالية وتجلى ذلك بوضوح في باكورة مواجهاتنا في المونديال في أصعب اختبار ضد العملاق الجرماني فبعد شوط أول من دون أهداف تمكن الخضر من افتتاح النتيجة بفضل سرعة الهجمات المعاكسة ودقة التمريرات فجمال زيدان عرف كيف يضع بلومي وجها لوجه لكن قذفة هذا الأخير ارتطمت برأس الحارس شوماخر لتتهيأ لماجر الذي وضعها بذكاء منقطع النظير في الشباك في الدقيقة 53 وبعد حوالى ربع ساعة تمكن رومينيغي من تعديل النتيجة بشق الأنفس وقتها توقع الجرمان ومعهم كل العالم أن العقدة قد تم حلها وأن المانشافت عادوا في المباراة لكن القوة البسيكولوجية الكبيرة لنجوم الثمانينات منحتهم إقامة استعراض في التيكي تاكا ورسم أقوى رد فعل في المونديال فبعد 9 تمريرات كاملة وضع بلومي الكرة في الشباك معلنا تفوق الجزائر التي ماكانت لتصل لهذا الشرف لولا براعة لاعبيها واستراتيجية مسؤوليها أنذاك الذين تمكنوا في مونديال 1982 من جمع خيرة 3 أجيال ففي مباراة ألمانيا لعبنا بسرباح، قريشي، فرقاني...ودحلب وهم أكبر اللاعبين سنا وتجربة أنذاك إضافة إلى المواهب الصاعدة كبلومي، ماجر، عصاد ومرزقان وكان كل هؤلاء يبدعون تحت أنظار اللاعبين الأصغر سنا والذين يمكن تسميتهم بالناشئين كياحي وماروك وقد أفرز هذا الأمر عن أعظم منتخب للجزائر في نهائيات كأس العالم إلى اشعار آخر. فاز بلقب أحسن هداف مع رقم قياسي الروسي سالينكو لا يخشى على رقمه سوى من ميسي سجل سالينكو خمسة أهداف في شباك الكاميرون (6-1) خلال مونديال 1994 وهو رقم قياسي يصعب تحطيمه لأنه من الصعب على أي لاعب احراز خماسية في مباراة واحدة وتوج سالينكو بفضل هذا الانجاز كأحسن هداف للبطولة برصيد ستة أهداف ولا يخفى اليوم أمله أن يظل رقمه قائما باسمه حيث أكد أنه لا يخشى عليه سوى من البرغوث ميسي وكلما سؤل عن انجازه ويقول:” أتمنى أن أحافظ على رقمي... أرجوك ميسي لا تدمره....” وقد توج سالينكو بلقب أحسن هداف بالتساوي مع البلغاري خريستو ستويتشكوف فيما تم اختيار النجم البرازيلي روماريو كأحسن لاعب في هذه الدورة. تأهلت للدور الثاني في أول مشاركة لها السعودية تبدع والعويران على طريقة مارادونا تأهل المنتخب السعودي للنهائيات لأول مرة في تاريخه والأهم من ذلك هي النتائج المبهرة التي حققها في الولاياتالمتحدةالأمريكية ففي أولى لقاء فاجأت السعودية العالم بعرض كروي ممتع قدموه أمام المنتخب الهولندي وفي اللقاء الثاني حقق الأخضر أول فوز له في النهائيات على حساب المنتخب المغربي بهدفين لهدف في أول مواجهة أفرو عربية في نهائيات كأس العالم وفي اللقاء الثالث والذي جمع المنتخب السعودي والمنتخب البلجيكي استطاع نجم الكرة السعودية سعيد العويران تسجيل الهدف الأجمل في النهائيات بعدما تسلم الكرة من نصف ملعبه وأخذ طريقه إلى المرمى البلجيكي مراوغا كل من قابله وتوغل على خط الستة وسدد بيمينه في المرمى هدف سيظل يذكره التاريخ طويلا وبهذا تأهل المنتخب السعودي للدور الستة عشر والذي لعب فيه أمام السويد وخسر بثلاثة أهداف لهدف. حدث هذا في التصفيات هلاك المنتخب الزامبي وكالوشا الناجي الوحيد بعد أداء مميز في الدور الأول من التصفيات الأفريقية المؤهلة لمونديال 1994 أوقعت القرعة المنتخب الزامبي رفقة المغرب والسنغال والدور الأخير وكانت الطائرة التي تقل المنتخب الزامي متجهة نحو السنغال للعب ضد هذا الأخير وبسبب أخطاء كارثية من الطيار الذي كان متعباً يومها وبسبب عطل في أحد المحركات سقطت الطائرة الزامبية في أراضي الغابون مؤدية ً لمقتل جميع ركابها ال 30 وكان المحظوظ الوحيد من تشكيلة المنتخب الزامبي قائد ونجم الفريق كالوشا بواليا الذي لم يكن ضمن ركاب تلك الطائرة المشؤومة حيث كان في هولندا لتوقيع عقد مع أحد الأندية هناك تلك الكارثة المروعة أدت بزامبيا لتشكيل فريق طوارئ بشكل سريع بقيادة كالوشا لإكمال التصفيات التي خسرها في المباراة الأخيرة لصالح المغرب كما تمكن المنتخب الزامبي “الجديد” من الوصول لنهائي بطولة الأمم الأفريقية بعد نهاية تلك التصفيات بشهر وخسرت بصعوبة أمام نيجيريا بهدف لهدفين وتم إنشاء نصب تذكاري لضحايا تلك الحادثة المروعة في العاصمة لوزاكا سمي ب “نصب الأبطال”. أصداء من الدورة لأول مرة تدخل مائة وأربعة وسبعون دولة في تصفيات كأس العالم من بينهم جنوب إفريقيا بعد توقف دام فترة طويلة، لكن دول كبيرة لم تستطع الوصول إلى النهائيات مثل إنجلترا والدانمارك أبطال أوروربا عام 1992 والبرتغال وبولونيا، كما لم تدخل يوغوسلافيا التصفيات بسبب الحرب الأهلية بينها وبين البوسنة. يعتبر الكاميروني روجي ميلا أكبر لاعب يسجل في كأس العالم عندما سجل خلال مباراة فريقه ضد روسيا هدف فريقه الوحيد حيث كان عمره وقتها 42 سنة و39 يوما ولعب ضد منتخب روسيا على ملعب ستانفورد بالو ألتو بولاية كاليفورنيا الأمريكية بكأس العالم 1994 فى المباراة الشهيرة والتي انتهت بفوز روسيا 6/1. شهدت هذه الدورة أعلى نسبة مشاهدة للمباريات من المدرجات في تاريخ كأس العالم حيث شاهد البطولة 3.587.088 متفرج. قررت الفيفا في سيعيها لإعادة بعث الكرة الهجومية والتخلص من اللعب الدفاعي الذي سيطر على نهائيات كأس العالم بإيطاليا 1990 اقرار قانون معاقبة حارس المرمى بضربة حرة غير مباشرة في حالة إمساكه للكرة داخل منطقة الجزاء عند إرجاعها له من زميل مما جعل المدافعين يلعبون الكرة للأمام بدلا من تبادل الكرة فيما بينهم ثم إرجاعها لحارس المرمى في إضاعة واضحة للوقت. قدم المنتخب النيجيري وعلى الرغم من خروجه في الدور الثاني أمام إيطاليا إلا أنه أداء رائعًا سيظل في ذاكرة الجميع بفوز ساحق على بلغاريا 3/0 و آخر على اليونان 2/0 وهزيمة أمام الأرجنتين بعدما تقدموا بهدف لسامسون سياسيا في الدقائق الأولى نجوم النسور ستظل اسمائهم محفورة في ذاكرة جماهير الكرة كرشيدي يكيني وأيمانويل وبابا نجيدا وأكوشا و صنداي أوليسيه و غيرهم من النجوم الكبار . فجر منتخب بلغاريا قنبلة من العيار الثقيل بتغلبه على حامل اللقب منتخب ألمانيا علما أن هذا المنتخب لم يسبق له الفوز بأي مباراة من مباريات كأس العالم على مدار 16 مشاركة في النهائيات.