مرصد دولي يدين بشدة القيود المفروضة من قبل المغرب على المدافعين عن حقوق الإنسان في الصحراء الغربية المحتلة    رئيس المجلس الشعبي الوطني يلتقي رئيس برلمان الميركوسور    تظاهرة رمضان في القصر: انطلاق الطبعة الخامسة الثلاثاء المقبل    غوتيريش يدعو إلى تجنب انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    مركز بياناته يحصل على شهادة تصنيف الثالث    200 نقطة بيع مباشر لمنتجات الصيد البحري عبر الوطن    رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون يهنيء الشعب الجزائري    رئاسة الجمهورية تعزي عائلة "هدى نذير"    أحزاب تستنكر العملية معتبرة إياها محاولة ابتزاز بائسة    دونالد ترامب:فولوديمير زيلينسكي ليس مستعدًا للسلام    أطباق خاصة تزيّن الموائد الجزائرية    حملة إلكترونية ضدّ نشر صور موائد الإفطار    الإعلان عن فتح باب الترشح لجائزة رئيس الجمهورية للغة العربية    شياطين الإنس والجن ورمضان .!؟    سُنّة تخلى عنها الشباب رغم بركتها ومزاياها الكبيرة    مساعدات جزائرية إلى النيجر    مولودية الجزائر تعزّز صدارتها    ربيقة يشارك في تأبين صديق الجزائر    شنقريحة يحثّ على اليقظة ومضاعفة الجهود    انطلاق حملة مساعدة المحتاجين بالعاصمة    تفكيك شبكة إجرامية بالبليدة    توقيف شخصين وحجز كوكايين    زروقي يتفقد مكاتب بريدية    فيلم فانون يفوز بجائزة أسبوع النقد    بلمهدي يقدم واجب العزاء    نحو إنشاء مدرسة متخصّصة في مهن المناجم    هذه توصيات ملتقى رابطة علماء الساحل    ذهب الظمأ وابتلت العروق    كيف تحارب المعصية بالصيام؟    بحث سبل تعزيز ولوج الأسواق الإفريقية    حرب معلنة بين الرئيس الفرنسي ووزير داخليته وقودها الجزائر    باريس تصطدم بمواقف الجزائر الصلبة    هكذا تشجَّع الفتاة في أول صيامها    نصائح للتعافي من إدمان التدخين في رمضان    نشر المعطيات الأولية للإحصاء الثالث للفلاحة قريبا    هذه شروط التكوين ضمن برنامج تحسين المستوى بالخارج    حريصون على تقريب المرافق البيداغوجية من التلاميذ    تعزيز التعاون الاقتصادي بين الجزائر وإسبانيا    ليفركوزن وألونسو يدخلان على الخط في صفقة عمورة    الجزائر.. البلد المحظوظ بجمال طبيعته وتنوّع تراثه    نادي ولفرهامبتون يريد بيع آيت نوري لميلان الإيطالي    الدفاع هاجس بيتكوفيتش قبل مواجهتي بوتسوانا والموزمبيق    هل ستلتزم القنوات الجزائرية بضوابط الإشهار والمحتوى؟    "معا لرمضان دون حوادث مرور"    شهر رمضان.. وهذه فضائله ومزاياه (*)    هذه مواقيت عمل المؤسّسات البريدية في رمضان    تنس/الدورة الدولية ال2 للأواسط J30 الجزائر: تتويج الجزائرية بن عمار باللقب    صناعة صيدلانية: بحث سبل تعزيز ولوج المنتجين الجزائريين للأسواق الافريقية    فيلم "الحكيم فرانز فانون" لعبد النور زحزاح يفوز بجائزة أسبوع النقد بمهرجان فيسباكو    المسرح الجهوي لوهران: 16 سهرة موسيقية ومسرحية خلال شهر رمضان    الجمعية العامة الانتخابية للاتحادية الجزائرية لكرة اليد: فترة ايداع ملفات الترشح من 1 الى 3 مارس    عهدة جديدة لحمّاد    العنف يتغوّل بملاعب الجزائر    التوقيع على ملحق اتفاقية حول إدراج الأعمال التدخّلية    الجزائر تحتل مكانة استراتيجية في صناعة الأدوية    للجزائريّين قدرة غير مألوفة على الصمود    تراث ومآثر من أمجاد جمعية العلماء المسلمين الجزائريّين    أجال دفع تكلفة الحجّ تنتهي غدا الجمعة    









ثمن الدم.. غزة بين الضحية والجلاد!
نشر في الفجر يوم 16 - 07 - 2014

لا يمكن قراءة ما يحدث في غزة في إطار ثنائية ”المقاومة والاحتلال” فحسب، فاختيار التوقيت جرى من قبل قادة حماس العسكريين الذين يبدو أنهم في طريقهم لابتلاع الظرف السياسي، بعد فشل كل الوفاقات الهشة مع حركة فتح وبقية الفصائل، فضلا عن حالة الانهيار التي تعيشها حماس على أثر فقدان ”الظهر السياسي”، بدءا بفشل دولة الإسلام السياسي الكبرى المتوقعة ما بعد الربيع العربي، وصولا إلى تغير تموقع الحلفاء من الدرجة الثانية، تركيا إردوغان وقطر والتبني الإيراني المشروط، وهو بالمناسبة يهدف إلى ذات هدف إسرائيل وهو عزل حماس عن المشهد الفلسطيني برمته وتحويلها إلى رأس مال سياسي يتم التفاوض عليه لا سيما بعد أفول الحاضنة الآيديولوجية المتمثلة في نظام الأسد وما وقع بينه وبين حماس من تحولات على أثر الثورة السورية.
كسبت حماس إذن موقعا جديدا على الخارطة السياسية، وأعادت حالة التعاطف مع ”المقاومة” من قبل الكتل السياسية المتباينة إقليميا، وهو ما يؤكد ما قيل سابقا عن مشكلة حماس السياسية باعتبار أن رأس مالها الذي حققت به انفرادها بغزة لم يكن سياسيا لتعود نتائجه على مستوى الإنجاز السياسي، بل كان شعبيا وبامتياز عبر الآلة الإعلامية الضخمة التي اعتمدت على الشعارات البراقة في ظل تردي وضعية فتح وتفاقم مشكلاتها الداخلية، وكان من الطبيعي أن يؤدي هذا التضخم الشعبي على حساب السياسي إلى وجود فوارق هائلة بين الخطاب والممارسة، وهو ما أضر بحماس أكثر مما نفعها، فالتحول المفاجئ من معارضة نزيهة إلى سلطة مكتوفة الأيدي وصولا إلى الانفصال والفرقة عجل بحالة ”الفشل” على مستوى الحصافة السياسية، وبالتالي خسارة تعاطف المجتمع الدولي، بل تعدى ذلك إلى خسارة تعاطف العديد من الدول العربية التي رأت في وضعية حماس ما بعد السلطة مؤشرا خطيرا على تضخم رأسمال الثوري المقاوم على حساب المكاسب السياسية والتأثير على واقع معقد كالأزمات الحقيقية في الداخل الفلسطيني، وهي أزمات اقتصادية بالأساس لا يمكن أن تحسن من وضعيتها المساعدات العاجلة التي بالكاد ترمم ما فعلته آلة الحرب الوحشية الإسرائيلية.
ما لم تدركه حماس الآن أن بوصلة التعاطف الكبير الذي تحظى به القضية الفلسطينية تأسست على القضية الفلسطينية برمتها وليست ”غزة” فحسب، كما أن التأييد المطلق للقضية لا ينسحب على الموقف من حماس لا سيما بعد أن بعثرت أوراق الربيع العربي الكثير من القضايا، ومهدت لعدد من الدول إعادة ترتيب بيتها الداخلي على حساب مواقفها الإقليمية بما في ذلك إيران وتركيا، والحال أن اندفاع حماس باتجاه استراتيجية التمدد الإيرانية في المنطقة أفقدها عمقها السني، وإن كان قد تبقى لها عمقها الحركي الذي يعيش حالة ارتباك كبرى بعد سقوط الجماعة الأم.
حجم الدمار المتوقع من قبل آلة إسرائيل الوحشية والمسنودة بتردد المجتمع الدولي قد يزيد من حالة الحصار المؤلمة على قطاع غزة، لكنه لا يضمن قيام حماس بمراجعة نقدية لاستراتيجيتها المقاومة وتحالفاتها الإقليمية. عادة الحصار السياسي ينتج خطابات فكرية وآيديولوجية متطرفة، وبالتالي فمن المتوقع أن يتم تهميش الجناح السياسي في الحركة بعد تمدد وتعملق الجناح العسكري وأيضا ولادة فصائل وتيارات على المشهد بخبرة سياسية ضعيفة، وتحالفات مع جماعات إرهابية في سيناء أو الاستفادة من تمدد الحالة العنفية في المنطقة.
طائرات من دون طيار، كوماندوز، صواريخ، أنفاق مدن، ترسانة كبيرة جمعتها حماس بمساعدة من إيران وحزب الله، لتطرح سؤالها الجديد لمعنى المقاوم والثوري بصياغته الجديدة ما بعد الربيع العربي، لكن وهم التفوق والانتصار المدفوع بمعادلة حربية غير واقعية، وحتى مدى الصواريخ الذي أسهم في تعزيز هذا التقدير الخاطئ، عززه وهم قدرة حماس أو أي فصيل بمفرده على حل قضية شائكة كالقضية الفلسطينية، فنحن نعلم في السابق محاولة حماس وإسرائيل عزل غزة عن باقي الأراضي الفلسطينية، وهو خطر آتى أكله لاحقا بتقليص الاهتمام بقضية فلسطين إلى قطاع غزة فحسب، والهدف من ذلك هو محاولة إسرائيل فتح مجال التفاوض على سلام جزئي مع غزة برعاية إقليمية، وهو ما يعني تقليص الثمن الذي سيدفعه الفلسطينيون بفصائلهم المختلفة إلى حصص صغيرة ستشكل للمفاوض الإسرائيلي فرصة ذهبية، للمضي قدما في الاستفادة من حالة الانقسام العامة فلسطينيا وإقليميا.
وبقدر ما نجحت حماس في استعادة ولو جزئية لفعاليتها السياسية عبر هذا التحرك العسكري المحدود؛ فإن الرد الإسرائيلي بدمويته وبشاعته المعهودة أعاد خلط الأوراق في ما يخص الواقع الإقليمي الجديد، لا سيما في مصر الحدودية والتي تمر بأسوأ أوقاتها مع حماس، لا سيما بعد ملف الأنفاق وسيناء وعلاقة قادة الحركة بصناع القرار في حكومة ”الإخوان”. والأكيد أننا في وقت حرج سياسيا بعد أن أخذتنا ”داعش” وأخواتها إلى فانتازيا الخلافة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.