البلد في عين الطوفان وعلى فاه بركانٍ بحكم الأزمة الشاملة الخانقة انتقد علي بن فليس، رئيس الحكومة الأسبق، الأطراف السياسية التي تراهن على ”تحول بالتراضي”، في إشارة إلى مبادرة ”الإجماع الوطني” للأفافاس، وهو أول موقف صادر عن أحد أطراف ”قطب قوى التغيير”، لينفي مساعيهم لقبول تقاسم السلطة مع نظام يواجه ”أزمة شاملة”. وقال بن فليس، أمس، في مداخلة أمام المجلس الوطني لحزب الفجر الجديد، أن الجزائر تعيش أدق وأخطر مرحلة من مراحل تاريخها المعاصر، معددا اوجه ”الأزمة الشاملة” بأبعادها السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، حيث وفي اعتقاده أنه ”جد طبيعي أن تطغى الأزمة السياسية الراهنة على الأزمات الأخرى، وأن تأخذ الصدارة في سلم أولوياتنا”، وأن حل الأزمات الأخرى لصيق ومرتبط ومرهون بحل الأزمة الأم، ألا وهي الأزمة السياسية. وأشار وزير الحكومة الأسبق إلى ثلاثة مواقف تستشف من الأزمة الراهنة، فهناك موقف السلطة السياسية المتنكر لوجود أزمةٍ سياسيةٍ في البلاد، أما الثاني فموقف المعارضة التي ترفض الانسياق في مثل تقييمٍ باطلٍ كهذا ومنافٍ لأبسط الوقائع الموضوعية، والذي لا يمت بصلةٍ للأوضاع المعاشة، وتابع بأن المعارضة الوطنية تعتبر وهي على حق، أن البلد في عين الطوفان وعلى فاه بركانٍ بحكم الأزمة الشاملة الخانقة، وانطلاقا من هذه المعاينة الموضوعية تقترح المعارضة الشروع في حل أزمة النظام وتنظيم انتقالٍ ديمقراطي كسبيلٍ توافقي يمكن البلد من إعادة تأسيس الدولة الوطنية. وأوضح المتحدث أن الموقف الثالث في أولئك الذين يحاولون جاهدين الوقوف عند نفس المسافة من السلطة القائمة والمعارضة الوطنية، فهؤلاء يراهنون على ما أسماه وفق تعبيره ”التحول بالتراضي” أي تحول يقوم على أساس اتفاقٍ بين الأجهزة في عمليةٍ شبيهةٍ أكثر بتقاسم السلطة من تحولٍّ ديمقراطي حقيقي وأصيلٍ، في اشارة إلى مبادرة الافافاس ”الاجماع الوطني”، معقبا بالقول ان الشعب مقصى كل الإقصاء من معادلةٍ سياسيةٍ من هذا القبيل. وتحدث المرشح السابق للرئاسيات عن قناعات قطب قوى التغيير الذي يعد أحد أطرافه، أنه جزء لا يتجزأ من المعارضة الوطنية لتحقيق انتقالٍ يقوده ممثلون شرعيون على أساس توكيلٍ شعبي لا يشوبه أي شكٍّ ولا يعتريه أي طعن، نافيا سعيهم من أجل تقاسم السلطة، خصوصا في ظل ”أزمة نظامٍ مكتملة الشروط والأسس والأركان والمقومات”، وهي أزمة دستورية ناتجة عن تعطيل الدستور في معاينة حالة شغور السلطة وإقرارها، معللا بالقول أن أزمة نظامٍ كهذه لا يمكن الالتفاف حولها بحثا عن حلولٍ ترقيعيةٍ والتماس سبلٍ لحلها غير الحل الذي تتبناه كل الدول في هذه الحالة، وقال إن الحل الصحيح والحل السليم والحل الناجع والقول الفصل يكمن في الاحتكام إلى السيادة الشعبية. وطالب بن فليس بأوليات معالجة ثلاثة تحدياتٍ أساسية والأسبقية فيها إلى أزمة النظام والحل الموفق لها سيكون لا محالة أحسن وأفضل مدخلٍ لمرحلة تنظيم تحولٍ ديمقراطي سلسٍ، وعاد إلى مبادرة الجزائر منذ 25 سنة، بأول تجربة تحولٍ ديمقراطي في العالم العربي، ”التي عدنا خلالها إلى نقطة الانطلاق من جديدٍ”، وتابع بأن الأزمة الشاملة تستوجب تعبئة وطنية شاملة، كما إن التحول الديمقراطي قد أصبح قضية وطنية، لكن المسؤولية جماعية لا تتحمل المعارضة الوطنية سوى جزء منها، ويتحمل الأجزاء الأخرى الفاعلون السياسيون والاقتصاديون والاجتماعيون، وكذا صانعوا الرأي من نخبنا الوطنية، وفق تعبيره.