قال أحد المتهمين في تفجيرات 9/11، زكريا موسوي المحكوم عليه بالسجن مدى الحياة في أمريكا، إن أميرا سعوديا موّل التدريبات التي كان يقوم بها هذا الإرهابي على الطيران في أمريكا، وإن هذا الأمير كانت تربطه علاقة ببن لادن. وليس هذا فحسب، بل إن جهات رسمية في السعودية أشرفت على مثل هذه التدريبات!؟ طبعا الحكومة السعودية كذّبت تصريحات موسوي، التي ضمّنها في وثائق سلمت إلى المحكمة الفيدرالية بأوكلاهوما. وقالت إن هذا الكلام ليس له أساس من الصحة. قد يكون هذا الإرهابي أراد سوءا بالمملكة التي تخلّت عنه وعن العناصر الأخرى التي كانت تقود حربا على “أعداء” المملكة في أفغانستان والبلدان الأخرى. وانقلبت على الجماعات الإرهابية التي كانت تمولها وتديرها وصارت تصفهم بالإرهابيين وتدعو إلى محاربتهم. والتساؤل الذي يجب طرحه هنا لماذا هذه التصريحات الآن، ولم يقل مثل هذا الكلام أثناء محاكمته ومحاكمة العصابة التي قادت الهجوم على برجي التجارة والبنتاغون في سبتمبر 2001؟! لكن هذا لا يمنع من تصديق كلام الرجل، ليس فقط لأن بن لادن ابن عائلة ثرية قريبة من العرش السعودي ومقاولات والده كانت تشرف على إعادة بناء مكة وبنت ثروتها من قربها أيضا من عائلة بوش التي لديها معها حتى الآن مصالح مشتركة. بل أيضا لأن للمملكة أيضا يدا في الفوضى التي تعيشها البلدان العربية والإسلامية منذ ثمانينيات القرن الماضي، فهي التي كانت تمول دائما الجماعات السلفية وتزودها بالفتوى والرعاية. فقد كانت الممول الأساسي للحزب المحل في الجزائر، باعتراف سفيرها في الجزائر بداية التسعينيات شخصيا، بل وكانت تنظم دوريا دفعات من الشباب المنضوي تحت هذا التيار للذهاب في رحلات عمرة ويعودون محملين بالسلع لبيعها لفائدة التنظيم. بل إن مكتب “المقاتلون العرب في أفغانستان” الذي حمل لاحقا اسم “القاعدة” كان يتلقى التمويل من السعودية وكل الكتابات الإعلامية التي ظهرت مؤخرا تؤكد ذلك. وحتى هيلاري كلينتون نفسها قالت أيام كانت على رأس الخارجية الأمريكية وحتى لما كانت عضوا بالكونغرس، إن بلادها هي من أنشأت القاعدة لمواجهة الاتحاد السوفياتي في أفغانستان أيام الحرب الباردة. وكانت السعودية هي من تمول هذا التنظيم وتزوده بالفتوى. فالاعتراف سيد الأدلة. فالحرب التي يقودها التحالف اليوم ضد داعش والذي تشارك فيه المملكة، لا يمكن أن يسقط عنها تهمة رعاية الإرهاب ونشره في العالم العربي والإسلامي. هذا الإرهاب الذي اكتوت بناره كل بلداننا. وليس لأن الظاهرة وجهت سلاحها إلى صدر السعودية، وأن داعش تهددها هذه الأيام بعمليات إرهابية تبيض صحيفة السوابق السعودية. فالمملكة هي من شجعت على انتشار التطرف والسلفية، وهي من قدمت خدمة لأمريكا لتجعل من الإسلام السياسي السلاح الذي يدمر بلداننا. لولا المملكة وجارتها قطر لما حدث في سوريا ما يحدث الآن، ولما انقلبت ثورة المطالبة بإصلاحات سياسية إلى ثورة تطرف وعنف، ولما ظهرت داعش وغيرها من التسميات سيئة السمعة، ولما انتشر كل هذا الدمار. مشاركة السعودية في الحرب على الإرهاب وداعش، لا يعني أنها ستتوقف عن دعم ورعاية التيار السلفي الذي نشرت عناصره في كل المنطقة العربية، معتقدة بأنه سيصل إلى الحكم ويجعل منها القوة الأساسية في البلدان العربية والإسلامية، والمرجعية الدينية، التي ستفوقها على إيران. وستبقى السعودية أهم عوامل زعزعة استقرار بلداننا والموسوي لم يؤكد إلا ما يعرفه الجميع؟!