انبهر، مساء أول أمس، جمهور السهرة الثانية للمهرجان الثقافي السادس للرقص المعاصر بركح المسرح الوطني محي الدين بشطارزي بالعاصمة، بتشكيلة من العروض التي قدمتها فرق الرقص المعاصر من بريطانيا، ليابان، بالإضافة إلى أوكرانيا، والجزائر. استهلت السهرة بعرض لفرقة ”البوستو دانزا” الإيطالية، تميز بالرقص في وضعية عمودية، على جدران مسرح باشطارزي، بحيث تحدت راقصات الفرقة قواعد الجاذبية، مقدمين للحضور آفاق وزوايا بصرية وسينمائية مبتكرة، اتسمت بعامل الرشاقة والرقص على أنغام موسيقى خيالية تحاكي الحلم، وجمعت الفرقة بين الماضي والحاضر في عرضها المستوحى من لوحات الفنان التشكيلي الايطالي تينتو ريتو، أحد فناني عصر النهضة في أوروبا. ”تلاه عرض ”دوامة أزهار الكرز”، قدمته فرقة الرابط 07 اليابانية، وترجمت الراقصة ”هيساو” رفقة ”شيزوكا يمات” الصورة الساحرة والقاسية في أن واحد للرغبات والآمال الضائعة في دوامة الحياة، وهذا عبر حركات رقص فوق الأوراق المتناثرة على ركح مسرح باشطرزي لشجرة الكرز التي تمثل رمز اليابان، في طريقة مزاجية وكناية على حياة تمثل لعبة مطاردة بين الإنسان والأقدار. كما تفاعل جمهور المسرح الوطني محي الدين بشطارزي، على مدار ساعتين من الزمن، مع عروض فرق ”ستوب غاب دانس” البريطانية، التي تضم راقصين من ذوي الاحتياجات الخاصة وأصحاء، بتقديمها عرضا تحت عنوان ”الأشياء المصطنعة”، يحاول الرباعي الراقص بتعابير جسدية مختلفة وبرؤية فلسفية للوجود، تسليط الضوء على فئة المعاقين حركيا في المجتمع والعمل على إدماجهم فيه بتخطي فكرة الإعاقة، في سابقة للمهرجان السادس للرقص المعاصر، الذي أبى في طبعة هذه السنة إلا أن يقدم دعوة لذوي الاحتياجات الخاصة للمشاركة. وشكلت العروض التي جاءت متناسقة ومتجانسة، رسالة توحي بالاتحاد والوحدة والتبادل، في محاولة من الراقصين تقديم مفاهيم جديدة، حول الإرادة والتحدي والتعايش بين جميع أفراد المجتمعات، وكذا دق ناقوس الخطر لتعلن عن الحاجة الماسة لإعادة الاعتبار لذوي الاحتياجات الخاصة. كما عبرت فرقة ”الغراب الأبيض” للمسرح التشكيلي الأوكراني، رفقة فرقة ”كاميكاز كرو” الجزائرية، عن تجاربها مع الحياة المعاصرة، بحركات أجسامها الراقصة، والتي تلاءمت مع الموسيقى، التي جاءت تارة كلاسيكية وتارة أخرى عصرية، بحيث قدمت الفرقتين، رقصات معاصرة اعتمدت خاصة على الديكور والبدلات الساخرة بتعدد ألوانها.