قدم كل من المخرجين جان لويك بورترون وغابرييلا كيسلر، من خلال أحداث الفيلم الوثائيقي الموسوم ب”برادوك أمريكا”، واقع الصناعة الأمريكية في ظل هيمنة صناعة القارة الصفراء عليها في العشرية الأخيرة، والتي دفعت خلالها الصناعة الأمريكية الثمن غاليا. العمل السينمائي هذا الذي تم عرضه لحد الساعة في كل من أمريكا، فرنسا والجزائر في إطار فعاليات الطبعة الخامسة من مهرجان الدولي للفيلم الملتزم المقامة أشغاله بقاعة الموڤار بالعاصمة، يعدّ فيلما وثائقيا يقدم قصة رمزية عن مدينة أمريكية تشبه باقي المدن غير أنها تحمل ميزة تختلف عن باقي هذه العواصم. ويقتفي العمل الذي كتب سيناريو أحداثه كل من جان لويك بورترون وغابرييالا كسلر، عبر 101 دقيقة من أحداث العمل، أثر المدينة التي كانت قطبا للصناعة الثقيلة بالولاياتالمتحدةالأمريكية، ثم أضحت الحياة فيها شبه مستحيلة بعد إغلاق المناجم والمصانع، الأمر الذي أدى إلى انتشار بطالة رهيبة وسط سكان المدينة وأكثرهم رحلوا إلى مدن أخرى بحثا عن حياة كريمة. حيث يتجول القائمون على العمل بالكاميرا بين زوايا وشوارع برادوك، واستقت من أهلها شهادات تروي حجم المعاناة التي عاشوها لما تم تسريح عمال المصانع والمناجم، وأصبحوا فقراء في أكبر دولة في العالم، ذلك بسبب أطماع أصحاب المال ولوبيات الرأسمال في العالم. واعتمدت المخرجتان على مادة أرشيفية تبين ما آلت إليه المدينة من فقدان للأمل وسط سكانها الأصليين الذين يفتخرون بتاريخ مدينتهم، ورغم ذلك هناك محاولات لبعث أمل جديد. وتقع مدينة برادوك شمال شرقي الولاياتالمتحدةالأمريكية، كانت في وقت سابق من أهم أقطاب صناعة الصلب، لكنها اليوم تعيش واقعا مغايرا تماما، ويقوم عدد من أهلها يوميا بعمل تضامني لإعادة الأمل ورسم مستقبل واعد. والفيلم الوثائقي قصة مأسوية تروي حياة مدينة أمريكية تشبه العديد من المدن الأخرى التي نجت مثلها من تاريخ واحد، تاريخ الغرب الغارق في التصنيع، ومع ذلك لا يزال هناك بشر يعيشون. ويمزج العمل في نسج رفيع بين الأرشيف وشهادات السكان الحاليين للمدينة، ويقترب من قصصهم المؤثرة ينتمون إلى حقبة ماضية متحدون في إرادتهم لإنجاز مشاريع من شأنها أن تعيد البريق للمدينة التاريخية.