الجزائريون مستاؤون من نتيجة مباراة ”تونسوغينيا الاستوائية”، ويتهمون حكم المباراة بأنه تحيز للمنتخب الغيني الذي تجري على أرضه مباريات الكأس الإفريقية، وأعطى الفوز لهذا البلد على حساب الفريق التونسي الذي لعب أفضل وكان يستحق الفوز. ويذهب الجمهور الكروي إلى حد اتهام رئيس ”الكاف”، عيسى حياتو، أنه أهدى الفوز إلى غينيا، وربما سيفعل نفس الشيء مع المباريات المقبلة حتى تبقى الكأس في غينيا الاستوائية، لأن هذا البلد سارع لنجدة الاتحاد باحتضان الكأس الإفريقية بعدما رفضت المغرب استضافتها بحجة الخوف من وباء الإيبولا. لا أدري إن كان الجزائريون مستاءون من التحكيم وساخطون على الحكم لأن الفريق التونسي يستحق الفوز، أم لأن تونس وفريقها ومواطنوها أشقاء ولنا معهم صلة دم وعروبة وأمازيغية وتاريخ مشترك؟ وهل كانوا سيسخطون لو كان ما فعله الحكم حدث مع فريق إفريقي آخر لا تربطنا به صلة من صلات شمال إفريقيا؟ واستاءوا واحتجوا من أجل اللعب لا غير مهما كانت صفة الفريق الذي راح ضحية تحيز حكم غير نزيه؟ لا أدري، لكن الأكيد أن السخط سيكون أكثر ومعبرا عنه بكلمات كلها تصب في نفس السياق، ”تونس الشقيقة، نحن وتونس والمغرب شعب واحد وغيرها” وهي العبارات التي نسمعها دائما كلما تعلق الأمر بتونس، لأنها جزء منا ونحن جزء منها مهما كانت الحدود والقيود. صحيح أنه أمام الكرة الإفريقية مسافة كبيرة لكي تعرف النزاهة واللعب النظيف والفوز لمن يستحقه مثلما تعيشه البطولات الأوروبية مثلا، وما زال أمام الأفارقة الكثير من الجهد والعمل لتقبل الآخر، فالعنصرية ليست دائما حكرا على البيض، فالأفارقة السود هم أيضا متحيزون لبني جلدتهم، وفي حوادث التاريخ الكثير من الوقائع التي تبرر رفض الإفريقي الأسود، للإفريقي الأبيض من سكان شمال إفريقيا، ليس لأننا في شمال إفريقيا كثيرا ما ننسى أننا أفارقة ونعتقد أن إفريقيا ومصائبها وحروبها وأوبئتها ومجاعاتها هي فقط حكر على السود، بل لأن إفريقيا ”البيضاء” والعرب عموما كثيرا ما تآمرت على إفريقيا السوداء في صيد الرجل الأسود وبيعه في أسواق النخاسة إلى أثرياء الدولة العباسية والأموية، هذا الجرم الذي ليس له مثيل في التاريخ، سوى الحركات الاستعمارية، أو ما تعيشه شعوبنا اليوم من جرائم على يد التطرف والإرهاب. نعم لهذا السبب يتخوف الأفارقة السود من الأفارقة البيض العرب، لأنهم كانوا يخطفونهم من حقولهم، ومن حياتهم وأسرهم، لبيعهم كعبيد، حتى أن الكثير منا ما زال يصف الرجل الأسود بالوصيف والمرأة بالوصيفة، أي الخادم والخادمة، بل ما زلنا عنصريين، ورغم الجغرافيا، فإننا كثيرا ما نرفض الانتماء لهذه القارة المغلوب على أمرها، تتجه أحيانا إلى الضفة الأخرى من المتوسط، وبعضنا يتجه شرقا مفضلا الانتماء إلى المشرق. ألم يقتل لاعب إفريقي الصائفة الماضية في الجزائر، إن لم تكن هذه عنصرية فماذا نسميها إذن؟! وألم يهد عناصر الفريق الجزائري فوزهم في مباريات كأس العالم إلى ”العرب” وإلى ”فلسطين” ولم يذكر أحد منهم إفريقيا، مع أن الجزائر كانت تمثل حصة إفريقيا في هذا اللقاء الكروي العالمي، وهو ما انتقدته بعض الصحف الإفريقية، واتهمتنا محقة بأننا عنصريين وأننا نرفض انتسابنا للقارة السمراء. لم ينس الأفارقة كل هذا، وتحيز الحكم لبني جلدته له مبرراته التاريخية والنفسية، لكنه مرفوض، لأن هذا لن يرقى بالكرة الإفريقية، ولن يشرف إفريقيا وشعوبها، فالرياضة هي قبل كل شيء لربط الصداقات وتجنب الخلافات، والفوز فيها لمن يستحق ولكن لما تتدخل العنصرية تفسد المتعة ويحل العداء؟!