نظمت الجمعية الثقافية ”نوافذ ثقافية”، أمس الأول، بمتحف الفنون الجميلة بالحامة، ندوة ثقافية تحت عنوان ”واقع الكتابات الساخرة بالجزائر” أحياها الإعلامي والكاتب السياسي إبراهيم قارة علي والقاص والإعلامي والأستاذ الجامعي الدكتور سعيد بن زرقة، وأدار تنشيطها ومداخلتها المخرج والناقد المسرحي الدكتور حبيب بوخليفة. وفي مستهل حديثه تطرق الكاتب سعيد بن زرقة إلى مفهوم السخرية وتداخله مع مفاهيم أخرى مثل التعريض والهجاء والتهكم، موضحا بأن السخرية هي تشويه للغة وللمواقف وللأشخاص، الغرض منها الإضحاك والفائدة، على عكس التهكم الذي يوظف أسلحة ممنوعة بهدف الهدم، مشيرا إلى أن السخرية احتراف وتقاس الكتابة الساخرة بمدى توظيفها للكتلة النصية الساخرة. وفي سياق متصل، أكد سعيد بن زرقة أن السخرية كانت حاضرة مع أول نص قصصي ”الحمار الذهبي” لأبوليوس. ومن الملاحظات التي ذكرها القاص سعيد بن زرقة هي حضور السخرية بقوة فى كتابات جمعية العلماء المسلمين الذين كانوا أكثر انفتاحا من زمننا على أسلوب السخرية، وتناول بالنقد الوسائل الإعلامية التى كرست السوداوية وهمشت هذا النوع من التعبير الذى يلعب دور التطهير، واستند إلى مقولة إن الشعوب التى لا تضحك شعوب تفتقد للإنسانية ومكانتها في محتشدات الأمراض العصبية. ليتحف في ختام مداخلته الحضور بقراءة جملة من النصوص التي كان قد نشرها فى يومية الحياة، وقد أثارت القراءات كثيرا من النقاشات على أمل أن تتوسع الندوة إلى حضور منظمة السخرية ممثلة في كوميديين وكتاب السخرية وكاريكاتوريين، لمناقشة تراجع هذه الفنون فاسحة المجال للسوداوية. ومن جهته، تطرق الإعلامي والكاتب الصحفي إبراهيم قار علي إلى تجربته في الكتابة الساخرة والتي تعود إرهاصاتها الأولى إلى بداية التسعينيات، وتوقف عند تجربته في كتابة الجداريات التي ينشرها بشكل منتظم على صفحته التواصلية وكذلك في بعض الجرائد اليومية. وقال الإعلامي إبراهيم قار علي ”أعتقد أن كتاباتي الحائطية والتي تتمثل في الجداريات، يكون قد ساهم في بلورتها هذا التطور التكنولوجي لوسائل الإعلام والاتصال ومختلف الوسائط الاجتماعية التي أحدثتها الثورة المعلوماتية”، مضيفا ”وإذا كنا نعيش الزمن الإلكتروني فلقد كانت تراودنا الفكرة في الزمن الورقي، وهنا أتحدث عن الصحافة المكتوبة أو الورقية قبل أن تتطور الصحافة الورقية وتظهر في شكل مواقع وجرائد في الفضاء الإلكتروني”. ويؤكد إبراهيم قار علي أن مثل هذا التطور التكنولوجي في المجال المعلوماتي والاتصالاتي، وخاصة على صعيد التواصل الاجتماعي الذي جاءت به الشبكات العنكبوتية، لم يكن بمعزل عن التطور الاجتماعي والسياسي، خاصة وأن مثل هذه الكتابات الساخرة تنهل من الواقع السياسي والاجتماعي الذي تعيشه الأمم والدول والأفراد والجماعات، وبالتالي فإن الكتابة الساخرة إنما تسخر من هذا الواقع بطريقة كاريكاتيرية أو تهكمية حين تتوجه بالنقد والانتقاد إلى مختلف الظواهر والمظاهر من أحداث يومية ومواقف سياسية وإعلامية، خاصة وأن الكتابة الساخرة هي الأخرى تساهم في صناعة الرأي العام إلى جانب رجال السياسة ورجال الإعلام، حيث أنها هي الأخرى تتأثر بالرأي العام وقد تؤثر فيه. ويخلص الإعلامي إبراهيم قار علي إلى القول ”إن ابتعادي عن قاعات التحرير قد جعلني ألجأ إلى الكتابات الحائطية التي أجد فيها حريتي وراحتي، فالجرائد اليومية لم تعد تهتم بالرأي والتحليل وإنما في أغلب الأحيان تكتفي بتقديم مواضيع إخبارية جافة”، موضحا ”أن ذلك قد يعود إلى تقلص هامش الحرية الذي قد يحرمها من ربع صفحة إشهارية سواء تعلق الأمر بالإشهار العمومي أو الإشهار الخاص، ولذلك فقد أصبحت صفحتي التواصلية الشخصية هي جريدتي اليومية لأنها لا تحتاج إلى الإشهار لكي تضمن الاستمرار”.