نشرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، أول أمس، مقالا تحليليا للكاتب جيرمي شابيرو، العضو السابق في برنامج التخطيط السياسي لدى كاتبة الدولة الأمريكية للشؤون الخارجي، والمستشار السابق لوزير الخارجية الأمريكي، قال فيه أن ”الوقت قد حان كي تتخلى الإدارة الأمريكية عن الأخذ بيد المملكة السعودية. واعتبر انعقاد قمة كامب ديفيد بحر هذا الأسبوع فرصة لواشنطن كي تبعث رسائل صريحة وواضحة المضمون إلى دول مجلس التعاون الخليجي مفادها: ”أننا أصدقاء مصلحة ولسنا أحبّة دائمين”. استحضر كاتب المقال صورة يعود تاريخها إلى سنة 2005، للرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن، وهو يتجول في حدائق مزرعته بتكساس، ممسكا بيد العاهل السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز، والتي يرى أنها تعطي طابعا رمزيا للعلاقات السعودية الأمريكية، وتعكس وقوف واشنطن جنبا إلى جنب مع المملكة السعودية طوال 40 عاما، خلال كل الأزمات التي شهدها الشرق الأوسط. وأضاف شابيرو أن نية أوباما من عقد القمة هي طمأنة القادة الخليجيين بشأن الملف الإيراني، وتذكيرهم بأنه لا يوجد اتفاق دفاعي يربط واشنطن بدول المجلس. وتابع كاتب المقال قائلا أنه ”لو أطلق أوباما العنان لهذه الرسائل لأصبحت العلاقات الأمريكية-الخليجية إيجابية أكثر من أي وقت مضى”. وكان الرئيس أوباما، أعلن في ال2 من أفريل الماضي، عن دعوته لزعماء دول الخليج العرب لاجتماع في كامب ديفيد، لبحث الصفقة السياسية التي توصلت إليها اللجنة السداسية وإيران، ومن المقرر أن يتم تحويل هذه الصفقة إلى اتفاق شامل لتسوية القضية النووية الإيرانية بحلول 30 جوان القادم. وأوضح صاحب المقال أن السعودية غاضبة فعلا من التقارب الأمريكي الإيراني على حساب مصالح العرب في الخليج، وهو ما يفسر بقاء الملك سلمان بن عبد العزيز في الرياض وإنابة ولي عهده لحضور القمة التي سيشارك فيها أميرا الكويت وقطر فحسب. وأضاف شابيرو أن هذا التنافر إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على أن نفوذ واشنطن في المنطقة قد تراجع وأن العلاقات الأمريكية السعودية قد ساءت، وأنه يتعين على أوباما إيجاد حلول مقنعة يطمئن بها شركاءه خلال القمة ويبرهن مدى تقدير إدارته لهم. لكن قرار المقاطعة بحسب شابيرو يوحي بأنه لم يعد هنالك ما يقال أو يناقش خلال القمة، وأنه من الخطأ المراهنة على ”إعادة الطمأنة” كمحور للنقاش، كون السعودية وأعضاء المجلس ليسوا حلفاء فعليين لواشنطن، ولا يتصرفون كأصدقاء. فضلا عن كون الولاياتالمتحدةالأمريكية ديمقراطية متعددة الأديان والاطياف، وتحترم الحقوق العالمية للإنسان في حين يقول شابيرو أن السعودية وممالك الخليج أنظمة مستبدة ومتعصبة ولا تحترم حقوق الانسان. كما أنها بعض هذه الممالك تشكل في حد ذاتها مصدر للإرهاب في العالم ومموّل له. وتابع الكاتب مقاله قائلا ”لا ينبغي أن تكون حماية واشنطن لدول الخليج مطلقة”، وأن التحالف بين الطرفين ”كان مبني في الماضي على صفقات مالية جمّة”، ولا عيب إذا قلنا لهم: ”سنتكفل بحمايتكم من التهديدات الخارجية، شريطة أن تدعموا الأهداف والمصالح الأمريكية في المنطقة، وتساهموا وتساعدوا على استقرار أسواق الطاقة عالميا”. وخلص شابيرو مقاله بقول مأثور مفاده: ”جميل حمل اليد لكن تبقى الأفضلية للتعايش في العلاقات الدولية” مرحبا في ذلك بالاتفاق مع إيران. لأنه حسب اعتقاده، إذا تركنا الأمور تسير على حالها، ستواصل طهران مساعيها النووية للهيمنة على المنطقة وستواصل ضرب المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط. لكن إذا تجسد الاتفاق، ستراجع واشنطن حساباتها مع الدول الخليجية، لأن التهديدات سيزول حتما، وستطالب وفتها الإدارة الأمريكية هذه الدول بتحمل مسؤولية أمنها وهو ما يعني تجنيب واشنطن مستنقع التدخل العسكري في الشرق الأوسط، ولعلّ إرادة المملكة السعودية في البحث عن حلولها بنفسها في النزاع اليمني وقرار إنشاء قوة مشتركة على مستوى الجامعة أكبر دليل على أنها فهمت الدرس.