لو أن الرئيس بوتفليقة يتابع ما يكتب ويتداول على صفحات ”الفايسبوك” في حق السيدة ”ديسيديت”، لأغلق الخطوط الجوية الجزائرية، وسيقول حتما وهو يتخذ هذا القرار ”أنا وحدي ديسيديت” ولا راجل ولا حتى امرأة من حقها أن تتقاسم معي هذه المقولة التي من حقي وحدي، ألم يقل مرة لزميلتنا بوكالة الأنباء لما قدمت نفسها أنها رئيسة تحرير بهذه المؤسسة أنه هو رئيس تحريرها الوحيد؟! ذكرت هذا للمزاح، لكني أنا أيضا ”ديسيديت” أن أدافع عن هذه المسكينة، وأحاول مساعدتها على رفع الغبن الذي وقع عليها. لا أدري حقا إن تم توقيفها تحفظيا أم لا، لكن التهام لحمها من قبل ذئاب الفايسبوك هزني، خاصة وأن الفيديو المنشور على صفحات هذه الشبكة الاجتماعية ناقص ومخادع، وصاحبه جبان لأنه لم ينقل لنا كيف بدأ الشجار، وماذا قال لهذه السيدة لتقول ما قالته؟! وما قالته السيدة ”ديسيديت” يقوله كل الجزائريين يوميا في كل مناصب عملهم، من حفاري الأرصفة الذين يبقون بالساعات يرتشفون قهوة وسيجارة، إلى عامل النظافة الذي يرفع بعض القمامة ويترك بعضها الآخر، إلى الأم في المطبخ التي تقاطع وقتما تشاء تحضير الطعام، إلى عامل البلدية الذي تستخرج من عنده وثائقك قبل أن تصعد روحك إلى السماء من كثرة البيروقراطية، ولا أنسى أصحاب الأنترنت الذين يأخذون مالك مسبقا ”ويديسيدوا” يقطعون عنك التدفق كيفما ووقتما شاءوا، ولا أتحدث عن كبار المسؤولين والموظفين والوزراء... كلهم، كلهم ديسيديت، لكن ولا راجل من ”غاشي” الفايسبوك يستطيع ”مرمطة” أسيادهم في صفحات التواصل الاجتماعي. السيدة نعيمة مثلما سموها، تشبهنا كلنا، تشبه الطبيعة الجزائرية، وموقفها الخالي من أية لباقة، نعيشه يوميا، ونتعامل وفقه كلنا. لما تطلعنا ”دماء الجزائريين” إلى الرأس، نعيمة تشبهنا جميعا، وتصرفها هذا جزائري خالص، فلماذا وأنا متأكدة أنها تصرفت هذا التصرف لأنها تعرضت لإساءة وقلة أدب من أحدهم، وجرها هذا ”الأحدهم” إلى هذا الموقف انتقاما لأنه كان سيصورها ويفعل بالفيديو ما شاء، وقد نجح، مع الغاشي العاطفي الذي استلم ”جثة” نعيمة في وليمة جياع للانتقام من السلطة. لكن ما أثارني هي تعليقات الصحفيين الذين صفقوا لصاحب الفيديو مع أنه كمن قال ”ويل للمصلين” ولم ينقل لنا كل الحادثة لنحكم أو على الأقل لنجد الظروف المخففة للسيدة. ألا يدري الصحفيون أن أخلاقيات المهنة تمنعنا من تصوير محدثنا دون استئذانه، وإلا فإن الحادث سيكون خطأ مهنيا، ودوسا على أخلاقيات المهنة. نعم الخطوط الجوية الجزائرية وموظفوها وخدماتها رديئة وأسعارها تأكل لحم زبائنها، لكن هذا ما تعانيه كل المؤسسات، ونعيمة أو السيدة ”ديسيديت” موجودة في كل المؤسسات، والإصلاح يكون بطرح المشاكل بطريقة قانونية بعيدا عن الاحتيال والكذب على الناس. لماذا لم تقيموا وليمة على مسؤولي المؤسسة لما نشرت منذ أسابيع ”الوطن” ملفا حول أبناء المسؤولين الذين يحتلون أهم المناصب بها في الخارج؟! لماذا لم تحتجوا لما أحد مديريها استعمل إحدى طائراتها في رحلة خاصة لما ذهب ليدفن والده بأرض بلد شقيق؟ لماذا لم تتكلموا عن المؤامرة التي حيكت ضدها لأن أحد الأثرياء الجدد أراد أن يلتهمها لتتنازل عنها الدولة لصالحه؟! لماذا الكثير من الأسئلة. نعيمة مخطئة أنها سقطت في فخ الاستفزاز، لكن أراهن أن أي أحد منا كان سيقول نفس ما قالته وربما بكلام جارح أكثر؟!