رغم تجريم القانون لكل من يرتكب هذه المخالفة، إلا أن بعض الصيادلة يصرون على خرقه من خلال البيع دون وصفات طبية لبعض الأدوية والمهدئات، ناهيك عن بعض الحبوب للمدمنين على المخدرات والموصوفة أساسا للمضطربين عقليا، ليتحول الدواء حينها إلى سبب آخر للمعاناة، لاسيما أن أغلب هؤلاء الباعة في الصيدليات لا علاقة لهم بالصيدلة من قريب ولا من بعيد. يعاقب القانون المسير للصيدليات أي عملية بيع للأدوية المحظورة تحدث دون حيازة المريض على وصفة طبية، كما أن أخلاقيات المهنة تمنع الصيادلة النبلاء من بيع بعض الأدوية والمهدئات للمرضى دون استشارة طبيب، لما قد يؤثر سلبا على صحتهم. وبالرغم من تمكن الكثير من ممارسي مهنة الصيدلة من التعرف على طبيعة الداء، أعراضه، وكيفية علاجه، إلا أنهم يصرون على رأي الطبيب من خلال وصفة طبية واضحة، تمنعهم من الوقوع في خطأ يكلف المريض حياته في العديد من المرات. صيادلة يلعبون دور الطبيب في وصف الدواء المناسب يلجأ كل من يعاني من ألم أو صداع أو بعض الأعراض المرضية، إلى أقرب صيدلي من حيه، يصف له حالته وينتظر منه نصيحة مجانية ليقتني بذلك الدواء الذي يناسب حالته، فقد تحولت هذه الظاهرة إلى جد عادية رغم ما قد تنجم عنه من مخاطر على صحة المريض، وذلك في ظل غياب قانون يمنع هذه التصرفات، لاسيما أن القانون الوحيد المسطر في هذا الصدد يجرم الصيدليات التي تبيع بعض الأدوية المحظورة دون وصفة، على غرار المهلوسات والمهدئات، ليستثني بذلك قائمة طويلة من الأدوية المسكنة للآلام والمضادات الحيوية. وفي السياق ذاته يقول الدكتور علي مبارك، المختص في أمراض الحساسية:”نصر كأطباء في كل مرة على إصدار قانون يمنع أي بيع للأدوية دون وصفة طبية، فأي تناول عشوائي للأدوية دون استشارة طبيب تترتب عنه مخاطر عديدة، فأي تفاعل خاطئ للأدوية أو أي جرعة إضافية من شأنه أن يؤدي بحياة المريض إلى الهلاك”. وفي سياق متصل يقول محدثنا:”يعتبر الطبيب القادر الوحيد على وصف الدواء المناسب، والذي قد يحتاج إلى تعديل الجرعات، بالإضافة إلى الأخذ بالاعتبار كافة الاحتياطات اللازمة من الطبيعة الفيزيائية للمريض وتاريخه المرضي والعائلي في كثير من المرات”. عيد الأضحى ينشط عمل الصيدليات اعتادت العائلات الجزائرية على تحضير موائد مشبعة بوجبات دسمة ومشروبات غازية ومختلف أنواع اللحوم أيام عيد الأضحى، ما يزيد من الإقبال على الصيدليات لاقتناء مختلف أنواع الأدوية لمعالجة التخمة وآلام المعدة وغيرها من الأمراض المصاحبة للإفراط في الأكل والشراهة الزائدة. والغريب في الأمر هو تحول الصيدليات إلى مصلحة للاستعجالات، يتوجه إليها الباحثون عن نصيحة طبية لاقتناء دواء يخفف عنهم. وفي السياق ذاته يقول صاحب صيدلية بحي أول ماي، أن صيدليته استقبلت خلال الأيام الأخيرة حالات عديدة أغلبها تستدعي زيارة فورية للطبيب المختص، أما باقي الحالات، حسب محدثنا، فهي بسيطة لم تتطلب إلا وصف بعض مسكنات الآلام والمهدئات لتفادي الإحساس بالتعب والتخمة”. .. وآخرون يرفضون المتاجرة بأرواح المرضى لا يمكن تجريم جميع الصيادلة بتهمة المتاجرة بأرواح المرضى وصحتهم، فالكثيرون ممن يحترمون هذه المهنة ويقدسون أخلاقياتها يرفضون التعامل دون وصفة طبية، لا لشيء إلا لأجل تفادي أي أضرار ممكنة بسبب خطأ في جرعة أو فعالية دواء. ومن بين هؤلاء الذين رفضوا بيع ضميرهم المهني بدراهم معدودة، أسامة حاج علي صيدلي بالجزائر العاصمة، يقول ل”الفجر”، أنه ”من حق أي صيدلي إعطاء بعض الأدوية المسكنة على غرار ”براسيتامول” المعروف بالإقبال الكبير والواسع من المواطنين، وباعتباره كذلك ضعيف المفعول وعديم التأثير السلبي، وكذا بعض المراهم المضادة للالتهاب، أما غير ذلك فكل دواء مشروط بوصفة طبية، تأكد لي أن حالة المريض تستدعي بالفعل هذا الدواء الموصوف، على غرار أدوية مرضى القلب، المضادات الحيوية، وبعض المهدئات والمسكنات”.