يقدم المجاهد محمد بوداود، المدعو السي منصور، في كتاب جديد بعنوان ”أسلحة الحرية”، الصادر عن دار رافار، مساهمته الثمينة في كتابة تاريخ ثورة التحرير الوطني عارضا تفاصيل جديدة حول مسألة تزويد المجاهدين بالأسلحة. ويتضمن هذا الإصدار الجديد مذكرات وشهادات المجاهد محمد بوداود، محررة بقلم الصحفيين مصطفى آيت موهوب وزبير خلايفية اللذين قدما خلاصة لالتزام المجاهد كضابط في صفوف جيش التحرير الوطني. ويقدم المجاهد، الذي كلف بتنسيق الخلايا السرية لجبهة التحرير الوطني بالمغرب لشراء ونقل الأسلحة، مساهمته في كتابة تاريخ حرب التحرير الوطني من خلال نشاطاته على رأس مديرية العتاد بالغرب. ولدى كتابة مذكراته، يطلع سي منصور قراءه على أن مصيره الثوري حفزته عائلة ثورية كانت المقاهي الجزائرية بالنسبة لها ”مركزا” للنضال من أجل الاستقلال، كما أشار إليه المؤرخ دحو جربال في عرضه للكتاب. ويستعرض الكتاب المحطات النضالية لسي منصور منذ ولادته بتاورقة في تيزي وزو، خاصة بعد لقائه الأول بحزب الشعب الجزائري سنة 1943، ومنذ 1946 وفي سن 19 سنة، قرر بعث نشاطه النضالي بذهابه إلى العاصمة. وبعد انضمامه إلى المنظمة السرية، كلف من قبل حسين آيت أحمد بعملية أولى تتمثل في التحضير لفرقة كومندوس لتحرير أحد أعضائها بناي وعلي خلال تحويله من سجن برج منايل نحو الجزائر. ومنذ يونيو 1955 تم وصله بعمار أورمضان الذي كان قائدا للمنطقة التاريخية الرابعة الذي كلفه بالتوجه إلى المغرب لاقتناء أسلحة متذرعا بنشاطات تجارية. ويروي السي منصور في الكتاب الصعوبات الكثيرة التي واجهها لاقتناء الأسلحة ونقلها من المغرب إلى الجزائر لصالح جنود جيش التحرير الوطني، مبرزا خطورة مسار نقلها بالنسبة لمن كلفوا بهذه المهمة. وفي الفصل المخصص ل”ورشات أسلحة الحرية”، تسرد الشهادة تاريخ إنشاء أول مسبكة سنة 1956 صنعت أول نموذج لما سمي ”القنبلة اليدوية الإنجليزية” ثم صنعت بطلب من عبد الحفيظ بوصوف ”القنبلة اليدوية الأمريكية”. وفضلا عن الروايات العديدة في هذا الشأن، يتضمن المؤلف نسخا عن وثائق أصلية من بينها تقارير وأوامر بمهام وبرقية تهنئة وجهت للمعني من قبل وزير العلاقات العامة والاتصال عبد الحفيظ بوصوف عقب احدى مهامه التي توجت بالنجاح. وفي شهاداته، يروي المجاهد بعض الأحداث على غرار الغياب المحير لعبان رمضان في الاجتماع التاريخي للمجلس الوطني للثورة الجزائرية في القاهرة بداية 1958. ويتناول الكتاب الذي يقع في 200 صفحة ”أزمة صيف” 1962 حيث تم التطرق إلى لقاء بوداوود أعقبه ”خلاف” مع من كان سيصبح أول رئيس للجزائر المستقلة أحمد بن بلة، كما يتحدث عن أول مقابلة له مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بعد الاستقلال. ويضع ملحق الكتاب تحت تصرف القارئ أحداثا ورموزا وصورة شخصية للمجاهد التقطها مع عدة شخصيات تاريخية ورفقاء السلاح، حيث هناك صور لسي منصور وهو يتفقد مصانع تسليح في المغرب، كما ألحقت صور مرفوقة بتوضيحات مفصلة حول مختلف ورشات صنع وتركيب التجهيزات العسكرية وكذا الأشخاص المكلفين بها. وأكد دحو جربال أنه لم يكن سهلا تحرير هذا الكتاب: ”إن جهد إنجاز رواية حياة شخص ما ليس سهلا بالنسبة لأولئك الذين لا يزالون يعتبرون لحد اليوم بأنهم لم يقوموا سوى بواجبهم إزاء وطنهم”.