تعد بلدية لمسان الواقعة غرب ولاية باتنة واحدة من أفقر بلديات الولاية إن لم تكن تحتل المرتبة الأولى في العجز المالي، وفي الاعتماد الكلي على المساعدات التي تقدمها لها الدولة سنويا، إذ لا تتوفر على أي مورد مالي أو مادي يسمح لها بالتحرك وببرمجة مشاريع ذاتية تعود بالنفع على السكان المحليين المنتشرين في مشات ومناطق ريفية معزولة، ولاعلى وسائل الإنتاج وعلى الموارد الاقتصادية الحقيقية. وقد تلقت البلدية العام الماضي اعتمادا ماليا من الدولة في إطار المخططات البلدية للتنمية لم يتجاوز الخمسة ملايير سنتيم، في ظل التراجع الرهيب لأسعار البترول، ويتوقع مسؤولوها أن يقل هذا الدعم هذه السنة إلى ما دون مبلغ العام الماضي،ما يبقي ميزانية البلدية في حالة طوارئ إلى أن يعود عهد البحبوحة البترولية. الفلاحة التقليدية وأشجار المشمش والزيتون ملاذ أغلب السكان يعيش سكان البلدية على الفلاحة التقليدية ممثلة في زراعة الحبوب الشتوية وهي القمح والشعير وأعلاف الماشية التي ما تزال تزرع على النمط البدائي باستعمال المحراث، أو ما يعرف بالعامية بالجابدة داخل مساحات ضيقة ومحدودة تعتمد بدرجة قصوي علي الأمطار الموسمية التي غابت نهائيا هذا العام عن ربوع البلدية وأدخلت اليأس والشك في نفوس الفلاحين من ذوي الموارد المالية الضعيفة للغاية، وأثارت حالة من الإحباط والقنوط لديهم، في وقت لا تلوح فيه أية بوادر لإمكانية تدخل الدولة لمساعدتهم والتخفيف من وطأة الجفاف. وينحصر الأمل الوحيد للمزارعين ببلدية لمسان في توقع حصول إنتاج قوي للمشمش وللزيتون، وهما الزراعتان اللتان تحتلان مساحات كبيرة وتعطيان سنويا مردودا وفيرا يلقي إقبال التجار من كل جهات ولايات شرق ووسط البلاد، ولكن أصحاب هذه المزارع متخوفون من احتمال أن لا يكون الإنتاج هذا العام كما كان في السنوات الفارطة جراء الشح في تهاطل المطار، وفي حالة التضرر التي اصابت الاشجار في بداية الدورة الزراعية عندما انعدمت المياه ولم تكن حاضرة في الظروف المناخية الحساسة التي تحتاجها الشجرة. مديرية الري في قفص الاتهام ويطالب الفلاحون الذين التقت بهم ”الفجر” في بعض مشاتي البلدية من مديرية الري ومن الولاية السماح لهم بالتنقيب عن الآبار وحفر المزيد منها لتدعيم مزارعهم من هذه المادية الرئيسية التي لا يمكن الاستغناء عنها، سواء تعلق الأمر بالزراعة أو بالمياه المستخدمة في الشرب وفي الأغراض الأخرى، ما دامت البلدية تتمع باحتياطات مائية جوفية مهمة، إذ يمكن الوصول إلى المياه في عمق المائة وعشرين مترا تحت سطح الأرض. غير أن الانشغال المطروح بالنسبة للكثير من الفلاحين هو أن أغلبهم غير قادر على حفر ولو متر واحد بحكم الارتفاع الكبير جدا في تكلفة بناء بئر ارتوازية حيث يتعدى المائة مليون فما فوق، وهو مبلغ لا يتناسب مع صغار الفلاحين ومع وسائلهم، وينبغي تدخل الدولة ممثلة في مديرية الري، حسبهم، لمساعدتهم كما كانت تفعل في السنوات الماضية لحفر آبار جديدة وبناء حواجز مائية وسدود صغيرة ومتوسطة الحجم، تقيهم شر الجفاف الذي يطال الحياة الاقتصادية بالبلدية ويربك المزارعين حين يسود ويطول.. والفلاحون يتهمون اليوم مديرية الري بالتخلي عنهم وتهميشهم. رئيس البلدية: أملنا الوحيد إنجاز سد تابقارت واستنادا لرئيس بلدية لمسان، فإن الأمل الوحيد لعودة الري الفلاحي كما كان عليه في سنوات مضت يتمثل أساسا في انطلاق أشغال مشروع بناء سد تابقارت بدائرة أولاد سي سليمان، ما يسمح بتوفير مياه سطحية مجندة وكافية للمنطقة بأسرها ولعدة بلديات مجاورة للمسان. المير أشار في ذات السياق إلى وجود حاجز مائي في منطقة ذي الوجهين غير مستغل ومحل تحديد للصلاحيات مابين مديريتي الفلاحة والري، كما أن دراسته التقنية انتهت وينتظر استئناف الأشغال في الوقت الدي اندثرت فيه الحواجز المائية الكبيرة التي كانت قائمة منذ الثمانينات في بلديات تحيط بلمسان. ورغم أن البلدية لا تملك الوسائل التقنية الخاصة بإصلاح الطرق، إلا أنها وحسب المير ماضية في فتح المسالك الريفية وإنهاء العزلة المفروضة على عدة مشات من خلالها وشق دروب جديدة في كل مرة تكون فيها الفرص متوفرة في إطار برنامج طويل يهدف الي توصيل الطريق إلى أقصى تجمع سكني نائي. البلدية تعيش وضعا كارثيا على حد تعبير رئيس البلدية بخصوص الصحة العمومية، حيث تتوفر علي قاعة للعلاج في مركز البلدية وعلى قاعات في بعض المشاتي، إلا أن هدذ القاعات لا يوجد فيها ما هو ضروري وأساسي، ولا سيما الطبيب الذي نادرا ما يزور المركز الصحي، فيما يسجل غياب كلي للعيادة الريفية للولادة وللإطار شبه الطبي المتخصص وللقابلات، ويتم طوال أوقات السنة نقل النساء الحوامل إلى مستشفيات باتنة ومروانة وبريكة ونقاوس، مع ما يترتب عن ذلك من مشاق ومتاعب وخسائر مادية بتكبدها المواطنون. ولا تختلف المشاكل القائمة في مجال الصحة العمومية عن تلك التي يعاني منها السكان بالنسبة للتربية والتعليم، حيث يطالب السكان بمنح لمسان ثانوية على غرار ما تم بالنسبة لبلديات أخرى في الولاية نالت نصيبها من هذا النمط من المؤسسات التربوية الثقيلة، حيث تحصي البلدية اأيد من ثلاثمائة تلميذ يتنقلون يوميا إلى مروانة وتالخمت لمتابعة دروسهم، وسط نقص حاد في وسائل النقل المدرسي، ما يعرض التلاميذ لمشاكل تؤثر على تحصيلهم العلمي والدراسي. وازدادت معاناة سكان البلدية هذه السنة خاصة في ميدان التزويد بالمياه الصالحة للشرب، في أعقاب موجة الجفاف الذي ضرب الأجزاء الجنوبية من البلدية، حيث انخفض منسوب المياه إلي مستويات مقلقة لم ينفع معها سوى البحث باستمرار عن إمكانية =وجود بعض الجيوب التي ما تزال تختزن كميات من المياه، وتقوم البلدية، حسب رئيسها، باستغلال منبع حرقالة لتوزيع الحصص المائية بكيفية عادلة ومقبولة. ويقول المير أن نسبة التغطية بالغاز الطبيعي ببلدية لمسان قد وصلت إلى خمسة وثمانين في المائة وأن مشتة أولاد حمود سيصلها الغاز في بضعة أشهر، حيث تمت الدراسات التقنية ومنحت الصفقة للمقاول، بينما برمجت البلدية من ميزانيتها الذاتية توصيل الغاز لمشتة فسيح حراث وسيشرع المقاول في الأشغال عما قريب. سكان لمسان يطالبون بالعدول عن المقياس المحدد للفلاحين بسبعة هكتارات لكي يتم السماح للمزارع بحفر بئر ارتوازية خاص به، لأن مشكلة الفلاحة بالولاية تكمن في نقص المياه المجندة سواء المستخدمة في الري الفلاحي أو في الشرب.