كلما حدث خلاف فرنسي-جزائري، حول قضية ما، مثلما هو حاصل هذه الأيام، بعد الصورة المشينة، كلما تم تحريك في منطقة القبائل، وكأنها الذراع التي تؤلم الجزائر. اللعبة هذه المرة أيضا مكشوفة، بدس سموم فرنسية مغربية في صفوف انفصاليي المنطقة في مسيرة الاحتفال بالربيع الأمازيغي. لكن ليس كل القبائل انفصاليين وأتباع فرحات مهني، حليف المغرب وإسرائيل، كمشة لا غير، صنعها الإعلام الفرنسي، وقد استضافته قناة ”فرانس 24” من أيام بعد سيره إلى جانب ”ليفي” للحديث عن ”الأمازيغ بدون وطن”. ورقة ليفي ومهني محروقة، وقد تصدى لها أحرار الأمازيغ من حزب محسن بلعباس الوطني الحر، ولم يتركوا لهم التحدث باسم القبائل، ولا باسم المطالب الأمازيغية، فكان الصراع على أشده أمس، في مسيرة قوضت صوت ”الماك”. ألم يقل فرحات مهني أن الأمازيغ بدون أرض؟ نعم الماك بدون أرض، لأنه مرفوض شعبيا في بجاية وتيزي وزو، وفي كل بقعة من الجزائر التي كلها أمازيغية، وليست فقط منطقة القبائل، أرض الأمازيغ. انفصاليو الماك هم من ليست لهم أرض بيننا، وهم محقون عندما يقولون إنهم بلا أرض، ويخرج برنار ليفي لسانه المسموم مطالبا لهم بأرض، في تصعيد مكشوف للعداء الفرنسي ضد بلادنا، بعد الخلافات التي حدثت إثر زيارة الوزير الأول الفرنسي، مانيوال فالس، الأسبوع الماضي. لا خوف على منطقة القبائل التي أنجبت عميروش وعبان والآلاف من الشهداء، فأحفادهم وأبناؤهم واعون بما يخطط له أذناب فرنسا في المنطقة. وقد سبق ومنعوا مهني من دخول بجاية من سنوات. الذي يريد الدفاع عن الهوية الأمازيغية والثقافة وحقوق الأمازيغ، عليه بالعيش وسط أهلها، وألا يضع قضيته بين أيدي الأعداء، يستعملونها سلاحا في حربهم ضد بلادهم. ستستعمل فرنسا ورقة الماك وسيلعب المغرب بفرحات المهني، لإجبارنا على التخلي عن دعم الصحراء الغربية، مثلما ستلعب به إسرائيل للضغط على الجزائر للتخلي عن دعمها للقضية الفلسطينية. لكن لا خوف على القبائل ولا على باقي الأمازيغ، لأنهم يدركون الخطر الحقيقي، ويدركون حقارة الرجل، الذي باع نفسه للشيطان. ولن يطول ذرة واحدة من أرضنا، فدماء عميروش وسي الحواس ونسومر، لن تذهب هدرا، ليساوم بها مهني اليوم الأعداء، مقابل افتكاك قطعة من بلادنا لتحقيق أطماع مستعمر الأمس، في ضرب وحدة الجزائر واستقرارها. كنا دائما نقول ونعيد، إن فرنسا لم تشف من ”خسارتها” للجزائر سنة 1962، وما زالت تحاول سنة بعد أخرى ضرب كل جهودنا لتحقيق الاستقلال الفعلي، وبناء نهضة ودولة قوية. فقد كانت دائما تدس سمومها في سياسة البلاد، وكانت هي الناخب الأول للرؤساء، وها هي اليوم تلعب لعبتها الدنيئة على المكشوف، وترفع من وتيرة التدخل في الشأن الجزائري ومحاولة إلحاق الجزائر بفوضى ليبيا والفوضى الأخرى التي خلقتها بتدخلاتها في منطقة الساحل. لكن حتما سينقلب السحر على الساحر، ويكفي ما حدث أمس، في مسيرة الربيع الأمازيغي، رسالة لفرنسا أن لا مكان لخبثائها بيننا!