كان وزير الثقافة، عز الدين ميهوبي، قد طمأن في تصريح له أن مهرجانات المسرح ستبقى على حالها ولن يتم إلغاء أي منها، ويعود هذا التصريح إلى شهر مارس الفارط، وجاء هذا التصريح مع قرب موعد تنظيم التصفيات المحلية للمهرجان الوطني للمسرح المحترف والتي تحتضنها كل من ولايتي قالمة وسيدي بلعباس وتعد متنفس الفرق والتعاونيات والجمعيات المسرحية الحرة، وتعتبر بوابتها للمشاركة في المهرجان الوطني للمسرح المحترف الذي من المفترض أن يشهد طبعته الحادية عشرة. راجت شهر فيفري الماضي بعض الأخبار التي تتحدث عن إلغاء المهرجانات المحلية للمسرح في إطار خريطة المهرجانات الجديدة التي ستعتمدها وزارة الثقافة، وهو الأمر الذي سيقضي على طموحات الفرق المسرحية الهاوية الطامحة في المشاركة بالمهرجان الوطني للمسرح المحترف، الذي لا ينبغي أن يكون حكرا على المسارح الجهوية، والتي هي بدورها مطالبة بدخول التصفيات، لكون العديد من الفرق المسرحية الهاوية تقدم أعمالا أحسن مليون مرة عما يقدم من طرف أعرق المسارح الجهوية في الجزائر، ولكن وزير الثقافة عز الدين ميهوبي نفى أن تكون الوزارة قد ألغت المهرجانات المحلية، مؤكدا أنها ستنظم في وقتها وهو شهر أفريل الفائت، ولكن المشكل الكبير أن لا مهرجان ڤالمة ولا بلعباس نظما شهر أفريل، ما يفتح باب التساؤل عن التطمينات التي قدمها الوزير، في وقت ذهب المهرجانان في ”كيل الزيت” كما يقول المثل الشعبي. وكان من المقرر أن يقوم رواد المسرح الحر في الجزائر بتنظيم احتجاج ضد فكرة التخلي على هذه المهرجانات التي تعتبر المتنفس الأهم لهذه الفرق، خصوصا وأنها تؤهل الفائزين للمشاركة في المهرجان الوطني للمسرح المحترف، هذا المهرجان الذي يعرف هو الآخر مصيرا مجهولا خصوصا إذا علمنا أنه كان من المقرر تنظيمه نهاية شهر ماي الجاري، ولكن حسب معلومات من داخل محافظة المهرجان الوطني للمسرح المحترف، فإن القائمين عليه لم يتلقوا أي شيء من الوزارة بخصوص تنظيمه في ميعاده المحدد، ما يجعل حتمية تأجيله شبه مؤكدة لأن الوقت غير كاف لإقامته في التاريخ الذي كان مبرمجا فيه، كما أن الشيء الذي يخيف المسرحيين في الجزائر مع تأخر الإعلان عن خريطة المهرجانات الجديدة، هو إمكانية إلغاء المهرجان الوطني للمسرح المحترف وهو المهرجان الذي يعد أكبر حدث مسرحي في الجزائر، وهو ملتقى كل المسرحيين الجزائريين والمسارح الجهوية والفرق الحرة. المشكل أن الأمر لم يتوقف عند المهرجان الوطني للمسرح المحترف ولا عند التصفيات المحلية لڤالمة وسيدي بلعباس، بل يتعداه إلى مهرجان المسرح النسوي بعنابة الذي أثبت نجاحه خلال الطبعات التي أقيمت سابقا، وتشرف عليه المسرحية القديرة صونيا التي تعكف على إنجاح الحدث في كل طبعة، كما أن مهرجان مسرح العرائس في عين تيموشنت يعد أحد المواعيد المسرحية الوحيدة الذي يعنى بمسرح العرائس أو الماريونات في الجزائر وله جمهور كبير على المستوى الوطني، هذا المهرجان هو الآخر لم يتحدد مصيره بعد، ناهيك عن مهرجان مسرح الطفل في خنشلة الذي يسير نحو المجهول كذلك. إن المساس بالمهرجانات المسرحية هو مساس بمشروع المسرح في هذا الوطن، ففي الوقت الذي تقول الوصاية لا تقشف في الثقافة، تقوم من جهة أخرى بالتعدي على مكاسب هرم رجال المسرح من أجل التأسيس لها، وبهذه الطريقة سيتم القضاء على الإبداع المسرحي في الجزائر، لأنه بانتزاع هذه المهرجانات ستعود الحركة المسرحية إلى الوراء بكثير، خصوصا الفرق المسرحية الحرة التي لن تجد متنفسا لها. لحد كتابة هذه الأسطر يبقى القائمون على مهرجانات المسرح في الجزائر يترقبون خريطة المهرجانات الجديدة التي طال انتظارها، وكأن الأسماء التي عينت لدراستها يقومون بإنجاز مشروع ضخم يتطلب كل هذا الوقت، رغم أن الأمر يمكن الفصل فيه خلال أسبوع واحد من الدراسة، ليبقى تقريبا كل محافظي المهرجانات ينتظرون موعد الإعلان عن القائمة الجديدة، رغم أن الكثير من المهرجانات يداهمها الوقت من أجل تحديد برنامجها الفني، كما أن إلغاء مهرجانات دون سبب ملموس ومدروس، يسيء للثقافة الجزائرية التي حققت في السنوات الماضية مكاسبا على الصعيد الوطني والدولي.