وسط الكم الهائل من الرداءة التي يشاهدها الجزائريون خلال شهر رمضان على مختلف القنوات الجزائرية سواء في الدراما، الكاميرا الخفية والأعمال الفكاهية الأخرى، يظهر بصيص نور يحفظ ماء الوجه ويبعث على التفاؤل بشان وجود أشياء جميلة على القنوات الجزائرية، في مقدمتها العمل الكوميدي "تحت المراقبة" للمخرج أنور الفقيه وبطولة الفنان الكوميدي عبد القادر السيكتور. من الصعب أن يتحول فنان كوميدي مختص في المونولوغ إلى الدراما الفكاهية والعكس صحيح، فلكل فن مميزاته وخصائصه ومفاتيحه التي تجعل من تحول الفنان إلى نوع معين غير الحلقة التي ألف اللعب فيها صعب، وفيها احتمال كبير على عدم نجاحه، ولكن عبد القادر السيكتور في دوره "السي الطاهر" بمسلسل "تحت المراقبة" يقدم أداء مقنعا إلى أبعد الحدود هو وباقي الممثلين الذين يشاركونه العمل. يقدم عبد القادر السيكتور دور "السي الطاهر" وهو مدير شركة معروف عليه البخل، يشتغل معه مجموعة من العمال من بينهم "العربي" الذي يؤدي دوره الممثل كمال زرارة، "العربي" هو عون أمن يمتاز بالغباء، ولكن ثقة مدير الشركة فيه كبيرة، ولكن لا يثق في باقي العمال، ما يدفعه لتركيب كاميرات مراقبة في الشركة خصوصا مع قدوم ابنته "ميمي" لتشتغل في الشركة. المسلسل من الناحية الفنية والجمالية جاء جيدا، كما أن السيناريو محبوك بطريقة فنية، توحي بأن صاحبه لم يغفل ادق التفاصيل الخاصة بالسيناريو والحوار، فالجمل الحوارية جاءت مقنعة جدا بين الممثلين، وظهرت بعيدة عن التكلف والارتجال، وبخصوص اللغة فقد كانت لغة دارجة قريبة من كافة شرائح المجتمع الجزائري وبعيدة عن اللغة الثالثة الثقيلة التي يتغنى بها الكثير من المخرجين. المميز كذلك في سلسلة "تحت المراقبة" هو قوة الكاستينغ، حيث نلاحظ أن المخرج أحسن اختيار الممثلين ومزج بين التجربة والوجوه الشابة، وهو ما نجح فيه إلى حد بعيد، فحتى الممثلين الشباب اقنعوا في ادوارهم مثل احسن بشار، مونية بن فغول، مريم أوكبير، لويزة نهار، ترباجي عادل، جمال عوان، محمد بن محمد، شهرزاد كراشني، جميلة الشيحي، كما أن الوجوه التي تملك من الخبرة خصوصا في مجال التمثيل الكوميدي أكدت حضورها القوي في صورة عبد القادر السيكتور، مراد صاولي وكمال زرارة. من الناحية التقنية كذلك، قدم المخرج صورة وصوت جيدين واعتمد على زوايا التصوير محسوبة بدقة، ما يوحي باعتماده على تقنيات حديثة في التصوير والمونتاج، ناهيك على الأداء المقنع للممثلين، قوة السيناريو، الإخراج الفني، وغيرها من الأمور الأخرى، كما أن المخرج استغل اسما مشهورا في الجزائر والمغرب العربي عموما وهو عبد القادر السيكتور، وهذا من أجل استقطاب الجمهور خلال شهر رمضان وهو ما نجح فيه خصوصا مع التنافس الكبير بين القنوات الجزائرية. الفنان عبد القادر اشتهر منذ مدة لا تقل عن العشر سنوات ولكن ولا منتج أو مخرج جزائري فكر في تقديم عمل يكون السيكتور بطله، في وقت ننتظر حتى يأتينا منتج تونسي يعرف من أين تؤكل الكتف، حيث دخلت شركة الانتاج "نوت فاوند" بقوة السابق التلفزيوني في الجزائري وتقدم اعمالا محترمة فنيا.