l تحويل الكثير من الخرجات إلى فرجة سياحية بالولايات الساحلية والسهبية لجأت العديد من التشكيلات السياسية، التي دخلت السباق الانتخابي، خاصة المعارضة منها، وتلك التي تخوض السباق الانتخابي لأول مرة إلى التركيز على العمل الجواري أمام عجزها في تجنيد المواطنين لحضور التجمعات بالقاعات التي يبقى ثلاثة أرباعها فارغة حتى باحتساب الأطفال، فيما حوّلت قيادات حزبية الخرجات الجوارية إلى فرجة سياحية بامتياز مثلما هو الأمر بالنسبة للأفافاس، حمس والعدل والبيان بالولايات الساحلية والسهبية على وجه الخصوص. لم تعد القاعات المكان المفضل للترويج للبرامج الانتخابية خلال تشريعيات 2017، بل أخذ الشارع والساحات العمومية مكانها بامتياز، وهذا على الرغم من مجانية الحصول على القاعات للمترشحين التي يتيحها قانون الانتخابات، غير أن المترشحين للانتخابات التشريعية لم تستهويهم القاعات الموجودة في وسط التجمعات السكانية وتمسكوا بالعمل الجواري. ومن بين الأحزاب السياسية التي كثفت من العمل الجواري خلال هذه الاستحقاقات الانتخابية، نجد حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، ففي العاصمة مثلا يجري المترشحون 7 خرجات جوارية مقابل تجمع شعبي واحد فقط. ونفس الاستراتيجية ركز عليها حزب جبهة القوى الاشتراكية، الذي كثف من خرجاته واتصالاته مع المواطنين بطريقة مباشرة في الأحياء والتجمعات السكانية، ولم تكن تلك التجمعات الجوارية مركزة بطريقة ناجحة. ونفس المنحى سار عليه موسى تواتي رئيس الجبهة الشعبية الجزائرية ومرشحوه، حيث كانت حملته باهتة ولا تكاد تسمع لها ضجة في الأحياء أو الأرياف، ولا تتعدى تجمعات موسى تواتي في مناطق الوسط زمرة من الرجال والنساء بشكل يوحي أنهم مجموعة أشخاص في مهمة معينة وليست انتخابية. ولم نلمسه أيضا عند الأحزاب الإسلامية وفي مقدمتها التحالف من أجل النهضة والعدالة والبناء التي انحصرت خرجاتها في الترويج لخطاب سبق وأن استهلك في قبة البرلمان في عدة مناسبات والتركيز على نقد الحكومة. وعلى نفس المنوال جاءت تجمعات نعيمة صالحي رئيسة حزب العدل والبيان، حيث لم تنجح في تجنيد أنصار جدد باستثناء ”كمشة” من المترشحين وجلب أصدقائهم وأقاربهم لحضور تلك التجمعات الجوارية الجد محتشمة والتي قوبلت بالعزوف. ومن بين أهم الأسباب التي حملت التشكيلات السياسية على الترويج للحملة انطلاقا من الساحات العمومية والأحياء هو عجزهم على ملء القاعات الخاصة بالتجمعات التي تمنح لهم في إطار الحملة بطريقة مجانية، وأيضا لتهربهم من دفع مصاريف نقل الأنصار والمواطنين لملأ القاعات لانها تبقى فارغة على عروشها وعادة ما يتم الاستفادة بالأطفال والمتقاعدين لمواجهة الكراسي الشاغرة. قيادات حزبية تحول الأعمال الجوارية إلى فرجة سياحية و”فلكلور” ومن النقاط التي سجلت خلال الحملة الانتخابية خلال تلك التجمعات الجوارية، هو تحويل المترشحين لمضمون الحملة الانتخابية من إطارها السياسي إلى إطار سياحي، وهو ما وقع مثلا مع حزب جبهة القوى الاشتراكية، بولاية غرداية، حيث تقل متصدر قائمة بجاية ومتصدر قائمة قسنطينة لزيارة موقع سياحي بالقصور، ثم العودة لمقرات ولاياتهما، دون عقد تجمعات مع المالكيين والميزابيين وشرح البرنامج. نفس الصبغة لمست في تنقلات رئيس حزب العدل والبيان نعيمة صالحي، التي راحت في خرجاتها الجوارية بالولايات الداخلية إلى ساحات الفروسية، من أجل التقاط صور ونشرها على صفحات الفيس بوك وهي تمتطي الجواد وتطلق البارود وأخرى وهي ترتدي برنوسا تم إهداؤه لها من قبل بعض المعجبين بها. عبد الرزاق مقري أيضا لم يحرم نفسه من متعة التقاط صور وهو يطلق البارود من عاصمة غرب البلاد بعين تموشنت، في عمل سياحي في هذه المدينة الخلابة أكثر منه انتخابي والتقاط صور لمرافقيه وهم يتناولون أطباق السمك وأخرى وهم يحملون جرارا وأوان فخارية اشتروها من بعض الحرفيين هناك.